المربي إدوار شيبان

مدير الكلية الأرثوذكسية العربية في حيفا:

نهتم بنقل التراث الوطني للطلاب

حاورته: ميسون أسدي

[email protected]

***ننفذ برامج تعزز الذاكرة الجماعية وتحافظ على بناء إنسان يعتز بجذوره وانتمائه***اليوم نحن بين خمس عشرة مدرسة في البلاد والأولى بين جميع مدارس حيفا من حيث نسبة المتفوقين في امتحانات البجروت***مدرستنا ترتكز على المواضيع العلمية وتعتمد على تطوير لغة الحوار المثمر وتعمل على صقل الشخصية القيادية لدى الطلاب***نجاح الكلية الأرثوذكسية يعود إلى طاقمها التربوي المميز ذي الخبرة المهنية العالية وإلى الدور الكبير الذي تقوم به لجنة المعارف الأرثوذكسية المنبثقة عن المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني في حيفا***

*مدير الكلية الأرثوذكسية العربية في حيفا، المربي إدوار شيبان، يعمل في سلك التربية والتعليم منذ عام 1976، أي يزاول هذه المهنة على مدار 33 عامًا، وهو يدير الكلية للسنة الرابعة على التوالي وكان قبلها نائبا للمدير.

أشرف المربي شيبان على فتح فرع علم الأحياء (البيولوجيا) في الكلية عام 1976 كما وأسس فرع البيوتكنولوجيا عام 2001، له عدة مؤلفات في علم الأحياء (البيولوجيا) تدرس في المدارس الثانوية، شغل منصب نائب مدير لمدة عامين ومنذ عام 2006 تولى إدارة الكلية.

**كل طالب ممكن أن يتفوق

يقول المربي شيبان: "أومن أن كل طالب بإمكانه أن ينجح بل يتفوق إذا توافرت العوامل اللازمة. النجاح والتفوق هو تقليد لدينا. التعليم في الكلية يمتد أربع سنوات من الصف التاسع إلى الصف الثاني عشر. لا توجد مدرسة ابتدائية للكلية الأرثوذكسية، ولهذا فإن جميع الطلاب الوافدين إلى الصف التاسع هم طلاب جدد، 20% منهم يأتون من مدرسة مار يوحنا الإنجيلي في حيفا بموجب ترتيب خاص أما الباقون فيقبلون إلى الصف التاسع بعد نجاحهم في امتحانات قبول في اللغات والرياضيات. تستقطب الكلية طلابا من أماكن متعددة من حيفا وخارجها ابتداءً من النقب جنوبا مرورا بوادي عارة والفريديس وعسفيا ودالية الكرمل وإعبلين وشفاعمرو وحتى عكا والمزرعة وغيرها شمالا.

**طلابنا يمثلون المجتمع الفلسطيني في الداخل

يستطرد الأستاذ شيبان مبرزا الواقع التعددي للطلاب إذ يقول بأن الطلاب في الكلية يمثلون المجتمع الفلسطيني في الداخل وهذا يضعنا أمام تحديات من نوع آخر. ومما لا شك فيه أن الكلية تدأب على تطوير الحوار بين شرائح الطلاب المتنوعة وتعمل جاهدة لإزالة الحواجز بينهم والأهم من كل هذا تعمل على تذويت مفاهيم الديموقراطية مثل التعددية والتسامح وقبول الآخر، كما تعمل الكلية على بناء وتقوية المشترك بين الطلاب. هذا النسيج المجتمعي الحضاري والثقافي هو مصدر للإثراء والتقدم في الكلية الأرثوذكسية.

**الطالب يشعرون بالانتماء لمدرستهم ولشعبهم

وردًا على سؤال وجهناه للأستاذ شيبان حول قضية التفوق، قال: هناك جوانب عديدة للتفوق وليس فقط التفوق الدراسي. نحن نؤمن بأن كل طالب بإمكانه أن يتفوق في مجال ما، وذلك إذا توفرت إمكانية التعاون بين الطلاب والأهل والإدارة والطاقم التربوي. كل هذه الأطراف لها الدور المركزي في تفوق الطالب وتحقيق رغباته وإبراز طاقاته كاملة. صحيح أن الطلاب يقبلون للدراسة في الكلية وفقا لامتحانات قبول، ولكن هذا لا يعني أن جميع الطلاب المقبولين يأتون مع مهارات تعليمية عالية بل إن قسما كبيرا منهم يأتون مع فجوات تعليمية في اللغة العربية والرياضيات. هنا يأتي دورنا في دعم الطلاب وتقويتهم خلال مسيرة الأعوام الأربعة لكي نصل بهم إلى مستوى يعبر عن طموحاتهم ويليق بهم، أي أن اهتمامنا لا ينصب فقط على المتفوقين بل إن كل طالب في الكلية يحظى بالاهتمام والرعاية بما توفره لنا إمكانياتنا. الكلية الأرثوذكسية لا تهتم بالمواضيع التعليمية فقط بل تتبنى المشاريع التربوية المتنوعة لتحقيق أهدافها وجعل الطالب يشعر بالانتماء لمدرسته ولشعبه متزودًا بالمهارات التي تسهل عليه الدخول إلى معترك الحياة. كذلك نصبو إلى تنمية روح العطاء والتطوع ومساعدة الغير.

**المعلم هو العماد الأكبر

عندما وجهنا السؤال للأستاذ شيبان عن دور الطاقم التعليمي برزت على وجهه ملامح الاعتزاز والتقدير للهيئة التدريسية: "نحن نتوقع من المعلم في الكلية الأرثوذكسية أن يؤدي رسالة لمجتمعه ووطنه وأن تتوفر لديه الدافعية والالتزام تجاه الأجيال الجديدة. المعلم هو العماد الأكبر في العملية التربوية وهو القائد والمثال الأعلى لطلابه، عليه أن يتجدد وأن يصغي وأن يتفهم ويقبل الانتقاد. المعلم الناجح هو الذي يعلم بحب وينقل هذا الإحساس لطلابه". "لا بد أن أذكر في هذا السياق الدور الكبير الذي تقوم به لجنة المعارف الأرثوذكسية المنبثقة عن المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني في حيفا وهي اللجنة التي تقوم برعاية الأمور الإدارية للكلية، ومن الجدير بالذكر أن جميع أعضاء اللجنة يعملون بلا مقابل مكرسين الكثير من وقتهم وجهودهم للسهر على مصلحة الكلية الأرثوذكسية بما فيه منفعة لشعبنا".

**للكلية صبغة علمية

عن الفروع والمواضيع التعليمية في الكلية، أجاب الأستاذ شيبان: "لا شك أن للكلية صبغة علمية ، إذ يقدم جميع الطلاب امتحانات بجروت على الأقل بتخصص علمي واحد بمستوى موسع (5 وحدات) وفروعنا التعليمية هي فروع متطورة مثل الفيزياء والإلكترونيكا، وعلوم الحاسوب والبيوتكنولوجيا بالإضافة للكيمياء والبيولوجيا، والإعلام النظري والعملي. جميع هذه المواضيع تدرس بالإضافة إلى اللغات والرياضيات والتاريخ والمدنيات والتربية البدنية والجغرافيا وغيرها. نهتم أيضا بتشجيع الطلاب على القيام بمشاريع وأبحاث والانضمام إلى التعليم الأكاديمي وهم على مقاعد الدراسة. انضممنا قبل ثلاث سنوات إلى مشروع "تحدٍ" من قبل جامعة حيفا والذي فيه يتعلم طلاب من الكلية للحصول على اللقب الأول في علوم الحاسوب. هناك سبعة طلاب تخرجوا هذه السنة من الكلية وحصلوا على شهادة بجروت بتفوق وامتياز وأنهوا في نفس الوقت ثلاث سنوات تعليمية في جامعة حيفا وبقيت لديهم سنة واحدة للحصول على اللقب الأول الجامعي في علوم الحاسوب. هذا المشروع مستمر ولدينا طلاب في السنة الثانية والأولى. أقمنا أيضا مشاريع مشتركة مع مدرستي الريئالي وليئوبك في حيفا في مواضيع السينما والعلوم والقيادة. كذلك أقمنا مشروع تبادل طلاب مع مدرسة ألمانية ومشروع الأمم المتحدة للغة الانجليزية ومشروع في الدراما مع مسرح الميدان، كذلك أسسنا جوقة وفرقة موسيقية وغيرها. كذلك تهتم الكلية بنقل التراث الوطني للطلاب وتنفذ برامج تعزز الذاكرة الجماعية وتحافظ على بناء إنسان يعتز بجذوره وانتمائه.

**الكلية الأرثوذكسية العربية تأكيدا على هويتها

-تأسست الكلية عام 1952 كمدرسة ثانوية من الصف التاسع وحتى الثاني عشر وقد عمل على تأسيسها المجلس الملي الأرثوذكسي في حيفا وأطلق عليها منذ البداية اسم الكلية الأرثوذكسية العربية تأكيدا على هويتها، ومنذ عام 1952 احتضنت الكلية الطلاب العرب من جميع أنحاء البلاد. كان إنشاء الكلية الأرثوذكسية إنجازا وطنيا كبيرا في وقت كانت فيه المؤسسات التعليمية العربية تعد على أصابع اليد الواحدة. تحدّت الكلية كل الظروف وصمدت أمام محاربة المؤسسات واستقبلت معلمين وطنيين منعوا من العمل في المدارس الحكومية بسبب مواقفهم السياسية. وكان من بينهم أدباء معروفون مثل منهم حنا أبو حنا الذي شغل أيضا منصب مدير الكلية لفترة طويلة وفتحي فوراني ومحمد علي طه.

 في الصيف الأخير خرّجت الكلية فوجها الـرابع والخمسين وبذلك انضم هؤلاء الخريجون إلى ما يقارب الخمسة آلاف خريج في فترة امتدت أكثر من نصف قرن. كثير من خريجي الكلية الأرثوذكسية في البلاد وخارجها وصلوا إلى مراكز رفيعة في شتى المجالات، فمنهم المحاضرون في الجامعات والباحثون والقضاة والمحامون والأطباء والأدباء والفنانون في السينما والمسرح والرسم وأعضاء في البرلمان ورؤساء سلطات محلية أو أعضاء فيها. هناك الكثير من خريجي الكلية يعملون أيضا في مجالات الحسابات والصيدلة والتعليم وإدارة الأعمال والهندسة والهايتك والإعلام والعلاج النفسي والاستشارة التربوية وغيرها من المجالات.

**العمل في ظل الميزانيات المحدودة

-الكلية الأرثوذكسية تحصل على الميزانيات المحدودة من وزارة التربية التي تموّل الحصص التعليمية الأساسية ولكنها لا تحظى بأي تمويل دائم من بلدية حيفا، وهي بذلك لا تختلف عن سائر المدارس الأهلية. الأهل يساهمون بتغطية جزء بسيط من الخدمات وتقوم لجنة المعارف بتغطية الجزء الأكبر ولكن شح الميزانيات يقف عائقا أمام تطور الكلية خاصة في المجالات غير التعليمية. لدينا الكثير من الأفكار التي تحتاج إلى تطوير ولكنها تتطلب التعاون والمشاركة بين جميع الأطراف التي تكوّن الكلية الأرثوذكسية وهم إدارة الكلية وطاقمها التربوي ولجنة المعارف الأرثوذكسية والأهل والطلاب والخريجون. لا يمكن العمل دون النظر إلى المستقبل ووضع الاستراتيجيات المناسبة لكي تبقى الكلية منارة لأبناء شعبنا.

**إدوار شيبان في سطور

أنا من مواليد قرية الرامة في الجليل (1953) أنهيت المرحلتين الابتدائية والثانوية في الرامة. تتلمذت على أيدي أساتذة من الرعيل الأول ما زلت أحمل لهم المحبة والتقدير. كانوا معلمين كبارا بكل ما في الكلمة من معنى والتعليم عندهم كان رسالة قبل أن تكون مهنة.

حصلت على اللقلب الأول في البيولوجيا من الجامعة العبرية ثم حصلت على اللقب الثاني في العلوم الطبية من التخنيون. بالإضافة إلى التدريس في الكلية عملت في مجالات عديدة مثل الجامعة المفتوحة ومرشدا في البيولوجيا للمدارس الثانوية ومحاضرا في مركز المعلمين حيث أعطيت دورات استكمال لمعلمي العلوم في المدارس الثانوية والإعدادية وغيرها. مقيم في حيفا منذ عام 1977.

أصدرت عدة كتب تعليمية في موضوع البيولوجيا للمدارس الثانوية، وأشعر بالرضى من ذلك لأنني ساهمت ولو بالقليل في توفير مصادر محتلنة لطلابنا حيث لا تتوفر المصادر الضرورية باللغة العربية. أحب القراءة وخاصة في مواضيع الأدب والتاريخ والسياسة والاجتماع وأعشق اللغة العربية وأشعر أن ذلك يغطي الجانب الآخر مني الذي يحب المواضيع الإنسانية بالإضافة إلى المواضيع العلمية. أستخدم التقنيات المحوسبة بجميع أشكالها في مجالات عملي المختلفة وعلى استعداد دائم للتعلم والتجدد.