حول مسرح انسمبل فرينج- الناصرة

هشام سليمان وصمود في ظل الأزمات

التقته: ميسون أسدي

[email protected]

***(4) عروض إنتاجات مسرحية مع إتقان ومهنية خير من ألف عرض***نحن بحاجة إلى فنانين يؤمنون بالطموح الجماعي والمسرح هو مشروع قومي***في أعلى سلم أفضلياتنا الأهداف الفنية وليست الأهداف المادية***مشاركة في خمس مهرجانات في نصف سنة***كبار الفنانين يعانون من عقدة الغيرة***

*في عام 2008 أنتج مسرح "انسمبل فرينج- الناصرة" (4) أعمال مسرحية، عمل بها (40) فنان وفني.. مسرح بلا ديون.. الإدارة المالية جيدة.. التقارير الفنية والمالية والإدارية المراقبة من هيئات مختصة توصي على أن الإدارة كانت سليمة، نالوا توصية من "مفعال هبايس" بان عملهم مطابق للخطة التي بنيت، وأوصوهم بأن يستمروا في نفس النهج.. مسرح الفرينج لا يخلو من الأخطاء ولكنها صغيرة أمام الانجازات التي تمت، بالإضافة إلى التأكيد على العمل الجماعي للعاملين في المسرح، لولا تكتل الفنانين لما حقق المسرح انجازته، يفتقرون إلى بيت للمسرح، وقاعة للمراجعات والعروض، لجنة المراقبة في المسرح ليست صورية، تراقب كل الأمور المالية والعقود والاتفاقيات والجلسات والهيئة الإدارية التخطيط أمام التنفيذ والتسويق، ويوجد لديهم لجنة خارجية وفيها مراقب حسابات!

يقول هشام سليمان، مدير المسرح: الأزمة العالمية التي أثرت على كل الشرائح والمؤسسات ونحن كمسرح، جزء لا يتجزأ من هذا العالم. واعتقد أن صمودنا جاء لعدة أسباب، كان عندنا خطة واضحة، وتمسكنا بها، وارى شخصيا أن خطوات صغيرة ثابتة أقوى من خطوات كبيرة وغير ثابتة، لم يكن هدفنا كمية العروض، الهدف كان السيطرة التقنية على هذه العروض، فقدمنا (4) عروض مع إتقان ومهنية، في نفس الوقت كان لدينا خطة بديلة وهذه إستراتيجية حديثة العصر، في حال لم تنفذ الأولى.

صادفتنا أزمة مالية، وهذا ليس سر، بالنسبة لوزارة الثقافة التي جاءت بوعود كبيرة جدا وكان لنا آمال وبنينا خطط من وعودهم وللأسف كانت فقط مجرد وعود وهذه إحدى الأشياء التي هزتنا، وعدنا بأن نكون جزء من مهرجانات ومساعدة في التنقل بين البلدان والقرى العربية وجاءتنا موافقة من مؤسسة اومنوت لعم "الفنون الجماهيرية" وتفاجئنا بأن الوزارة سحبت موافقتها، مما سبب بعدم تقدمنا بشكل جيد أو عدم وصولنا إلى القرى العربية وتوسيع رقعة عملنا، ونجحنا مع كل هذا بتعاون مع الإدارة والفنانين.

***

هشام سليمان، شاب ابن 32 عاما، تنازل عن مشروعه الشخصي كفنان ويعمل كمدير إداري وفني وإنتاج، نتيجة ظروف قاهرة، وحتى لا تكون هفوات.. يتعلم ويتطور..

***

مشروع قومي

ويضيف هشام: الفنان الذي يتعامل مع مؤسسة الثقافة كمشروع قومي يساهم في نجاحها، أما الذي يتعامل معها كشيء ثانوي أو طموح فردي، فيؤدي إلى فشل المؤسسة الثقافية.. نحن بحاجة إلى فنانين لديهم طموح جماعي ويتعاملون مع المسرح كمشروع قومي.

كونك فنان ناجح وكبير، ولك استقلاليتك الفنية لا يمكنك النظر إلى مشروع صغير كمتفرج. عندنا فنانين ولكن تنقصهم هذه الثقافة الجماعية.

خوفي ان نستمر وان نكون مشروع الآخرين ونفقد مشروعنا وان لا نضع طاقات في مشروعنا في فترتنا الزمنية الآنية، التي تأتي لمرة واحدة فقط.

وظيفة المسارح الكبيرة هي أن تدعم المسارح الجديدة أمثالنا، دعم بشكل حقيقي وليس شعارات، فعلى سبيل المثال، انوه بشكل بناء ونقد ايجابي عندما تقوم بمهرجان طموحك ليس تسجيل انجاز بل تشجيع الفرق المحلية التي اصغر منك لترتقي وتصبح في المركز، ستكون لنا هذه السنة  تجربة بمهرجان "مسرحيد" وهي التجربة الثانية بعد النجاح الذي حققه المهرجان بدعم المسرحية المحلية والنص المحلي، وحاز الممثل حسن طه على جائزة أفضل ممثل وهذا الشيء وضعنا في المركز وأنا كمسرح صغير بحاجة ماسة إلى دعم من هذا القبيل.  مسرح "هبيما" في تل أبيب، عندما يتعاون مع مسرح أصغر منه كمسرح، هذا أعطى نفس للمسرح صغير ويعطي الممثلين خوض تجربة مسرحية أوسع واكبر... كذلك مسرح " بيت ليسن، يقوم بورشات كتابية إبداعية لمدة عام وفي نهاية السنة يقوم بإنتاج أحسن ثلاثة أعمال.  فكانت لنا تجربة مع إحدى المهرجانات المنظمة من قبل مسرح عربي كبير ورائد في الميدان المسرحي، ولكن التجربة كانت ليست ايجابية بما يتوجب عليها أن تكون،  فهو حتى الآن لم يدفع المبلغ المتبقي لنا، فنبقى في عجز مادي بدل أن يدعمنا، مع العلم بان السبب هو الوعود من قبل الوزارة بإدارة غالب مجادله، التي لم تنفذ.

المسارح المهيمنة والبلطجية والغيرة الشخصية

هناك مسارح يعمل بها فنانين غير مهنيين، بمعنى لا يحملوا شهادة أكاديمية، ومدير المسرح هو الكاتب والمخرج والمؤلف وهذا يؤخر تقدم الحركة المسرحية الجيدة. على سبيل المثال تكلفة مسرحياتنا غالية جدا، وذلك بسبب تعاملنا فقط مع ممثلين أكاديميين ومع أقدميه في العمل ولا يمكنك أن تدفع لهم أجرة باخسة ونسير حسب أجرة النقابة التي لا تسمح بالدفع اقل من الحد الأدنى، ونرفض العرض تحت الشمس وفي قاعات غير ملائمة، وأحيانا هذا يؤخرنا، هناك مسرحيات تباع بألف شاقل، وتعرض بساحات المدرسة. فمثلنا نحن وبعض المسارح الملتزمة كمثل الذي يبني حجر وغيرك يهدم عشرة أحجار دون الاكتراث لعواقب الأمور...

يجب أن لا ندع لأنفسنا أهداف أعلى منا، عدم الشفافية في العمل، نقول شيئا ونصنع شيئا آخر، ونضع الطواقم التي نعمل معها في بلبلة، فحتى الشخص المؤمن في المسرح، إذا شعر بأنه لا يحقق ذاته ولا يستحوذ طاقاته وموهبته في هذا المكان وإذا شعر انه جزء شخصي لمشروع شخصي فسوف يهرب من المكان.

هل الشخص الموجود في الإدارة هو محصن، يغار من الفنانين، ويتعامل بشكل شخصي، حتى لو كان هناك ممثل أحسن منك فعليك أن تعطيه مساحة وان تصنع منه نجم جديد، الغيرة تقتلنا، يجب أن نترك الخلافات الشخصية من اجل المصلحة العامة.

إدارة المسرح

ويعود هشام إلى مسرح الفرينج ويقول: هناك شفافية في التعامل شعور شخصي بالانتماء، الانجازات ليست فردية، هناك طروحات نقولها في الجلسة ونوافق عليها هناك شغل جماعي- أتكلم عن الأشياء الجيدة وهناك أخطاء وزلات سأذكرها بسياق آخر.

قمنا باستطلاع في مسرحنا من العمال والموظفين وهيئة إدارية فهناك إجماع ايجابي على المؤسسة وعلى الإدارة الشفافة ويحق للجميع أن يتكلم بدون حساسية، الجانب التقني يجب أن يتطور، يجب أن نعمل بشكل أفضل، ينقصنا تقني ثابت ومدير إنتاج، وأنا واعي لهذا الشيء.

التسويق تحسن جدا فقدمنا (35) عرضا خلال السنة، مسرحيات مع تقنيات عالية وظروف قاعات خاصة، شاركنا في (5) مهرجانات في نصف سنة، رام الله- مهرجان المنارة لمسرح القصبة، مهرجان هبيما- لهارولد بنتر، مهرجان رام الله للرقص المعاصر، مهرجان شفاعمرو البانتوميما، ومهرجان "مسرحيد" في عكا.

كما نعمل ورشات مسرح جماهيري، مع نساء في المدارس مع شبان وفتيان في الناصرة.. عملنا ملموس في الناصرة، نضع خطة ثابتة، وللولوج إلى الشرائح النصراوية جمعاء، نحتاج إلى وقت.

فنان وإداري

خير الأمور الوسط، هناك مؤسسة صغيرة لا تستطيع تشغيل ثلاث مدراء- مدير عام، مدير فني ومدير إداري-  عندنا ميزانيات قليلة، المهم أن يكون فنان بمؤسسة تعمل بمجال الفنون، لهذا يمكنه أن يشغل كمدير فني وإداري، الطموح أن نقوم بتكبير الطاقم الإداري ولكننا غير مستعدين بسبب الميزانيات.. مدير إداري سيكلف (200) ألف شاقل في السنة ولا احد موهوب يقبل أن يعمل معنا بمعاش بخس.

لم اخطط لأن أكون في هذا المنصب، أومن بالطموح الجماعي، تنازلت عن مشروعي الشخصي كفنان حاليا، ولم أتنازل عن هذا ببساطة، مررت مراحل، تعاونت مع مستشارين واختصاصيين لاتخاذ القرار حو الموضوع، كبار الفننين يعانون من عقدة الغيرة، مما يؤدي الى عدم خلق نجوم صغار وجدد...

على سبيل المثال، حسن طه ممثل عنده قدرات هائلة وموهبة مميزة، وأنا كـهشام أومن وحاولنا إعطائه المجال بأقصى الإمكانيات الممكنة، نعطيه المساحة، على مستوى الفني والإعلامي والتجربة المسرحية.

أحب الابتعاد عن الشعارات واللف والدوران والمصلحة الشخصية، مهم لي أن تعطي للطواقم العاملة من حول المسرح حقها، اعترف بوجودهم وهذه قوة لي، سياسة نفي الآخر غير موجودة في قاموسي.

مؤخرا توجهت لمركز "هاميل" الذي يختص بإعطاء دورات واستكمالات في جميع مواضيع الإدارة، للجمعيات والمؤسسات، فهذا يقدمني ويقدم المؤسسة، وجاء القرار بالالتحاق بالدورة، بعد استشارة مختصين بإدارة الجمعيات الذين نصحوا بالاستكمالات حول موضوع الإدارة حتى يكون هناك تجدد دائم وتجنب الأخطاء.

كولاج وشورى في الهيئة الإدارية

نجاحنا خلال السنتين يجيء بعد الدعم من الهيئة الإدارية: "ربيع زعبي" و"خالد بطو"، الذين لهم تجربة إدارية وإدارة طواقم، وكان لهم رصيد لا يستهان به، هذا غير إخلاصهم وتعاونهم إضافة، إلى دائرة المراكز الجماهيرية بإدارة محمود نصار الذي رافق المشروع منذ سنة بدايته كونه مسؤول من قبل بلدية الناصرة التي لم تبخل بدعم ا لمؤسسة بجميع الإمكانيات المتوفرة لديها، وهناك "ندى اليسير"، التي جاءت من جانب فني ثقافي ونستشيرها في قرارات، و"كوثر جابر" من ناحية اللغة والأدب وعلاقتها مع الأدباء. وهناك "قصي على الصالح"، الذي يساعدنا في علاقاته العامة، و"إيهاب فاهوم" مع خلفيته القانونية، هذا الكولاج في الهيئة الإدارية ليس فقط شعاراتي، هناك شورى حقيقة وليست شعاريه، وأي قرار يؤخذ ينفذ وأي تغيير لا يكون من وراء ظهرهم. وكل واحد له حقه في هذا الانجاز.

خطة لعام 2010

سأحاول العمل على النص المحلي، رؤيتي الفنية ستخدم النص المحلي، إستراتيجيتي عدم التبعثر، تنفيذ التخطيط مهم جدا، تعلمت من تجاربي السابقة ومن تجارب غيري، القاعدة ضيقة ولا يمكنني أن أتوسع، وكان علي ضغط بان نقوم بأعمال ضخمة ولكنني رفضت.

سأطور الفكرة المحلية للوصول إلى القرى العربية، لا يوجد عندنا وسائل وأنا أتكلم عن جمهور الكبار، فهناك أزمة حقيقية ولا يوجد عندي حلول، 2010- 2013 سابني إستراتجية للوصول إلى اكبر عدد ممكن من الجماهير العربية بالقرى والمدن العربية.

الصعوبات

حاولت جاهدا تجنيد أموال لكن لا يوجد تعاون ولا يوجد وعي من أصحاب رؤساء الأموال الضخمة لدعم الثقافة، الثقافة المتطورة ورؤوس الأموال ونتائجها تعود بشكل ايجابي لهؤلاء الناس، كانت هناك وعود وتأجيل وتأخير فهذا الأمر ليس بسلم أفضلياتهم، المصالح المشتركة المسرح القطري عندما يأتي إلى الناصرة، لا يأتي فقط للمسرح، مهرجان ثقافي في الناصرة بدون دعم واستقطاب الجمهور سيكون اقل.. الإعلام مكلف جدا، ولا نستطيع تحمل عبئها.

لدينا تعاون مع الكاتب المعروف ناجي ظاهر.. عندنا كتاب وأدباء ولكن لا يوجد توجه للنص المسرحي، من الصعب أن تحث الكاتب بأن يأتي إلى المسرح، لا ألوم احد.

قضية التسويق وأزمتها بسبب عدم خبرتي، السذاجة في تنبئي واحتمالاتي، تعلمت أن لا ابني احتمالات وهمية، امتلكت خبرة لتحليل الساحة التسويقية فأسمنا ما زال جديد على الساحة الفنية.. وجمهورنا حمائلي، وسننضم إلى مسارح محلية أخرى، والى زملاء من عالم الفن، من اجل إكمال المسيرة ورفع المستوى المسرحي وثقافة مشاهدة المسرح والأعمال الفنية.