مع الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور

الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور..

نحن مقصرون في تعريف الغرب بالإسلام الحقيقي

حوار: عزيزة السبيني

لاشك أن رؤيتنا في قبول الآخر سواء على الجانب الإسلامي أو المسيحي هي رؤية صحيحة دينياً وإنسانياً، وهي الرؤية التي تؤمن بها الأغلبية من أتباع الديانتين، حتى لو لم يتفقهوا في الدين.

فالعلاقة بين المسيحيين والمسلمين تتسم بالتفاهم وقبول الآخر، وتدعيماً لهذه العلاقة فإن إقامة الندوات واللقاءات التي تجمع بين مفكري وعلماء الطرفين ماهي إلا ترسيخ للمبادئ الإنسانية والروحية وتعميق للعلاقات الإنسانية، والعمل معاً على الانفتاح على الآخر، من هذه الرؤية وانطلاقاً من الأهداف المشتركة التي تجمع العالمين الإسلامي والمسيحي دعا معهد الفتح الإسلامي لإقامة المنتدى الحواري الرابع تحت عنوان: ‏

(الإسلام والغرب: تعارف وحوار من أجل سلام عالمي عادل، ومستقبل إنساني آمن). ‏

حول أهم المحاور التي يسعى المنتدى إلى ترسيخها التقينا الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور نائب المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي في دمشق رئيس قسم التخصص والدراسات التخصصية في المجمع. ‏

موضحاً لنا الأهداف من إقامة هذا المنتدى:

ہ انتشرت في العقد الثاني من القرن العشرين ولاتزال، ظاهرة المؤتمرات والندوات التي تدعو إلى الحوار بين الأديان، برأيكم  ماهي الجدوى من عقد مثل هذه المؤتمرات والندوات في ظل غياب الحوار بين المسلمين أنفسهم؟!

ہہ اسمحي لي في البداية، أن أسجل ملاحظة حول هذا السؤال. أنا لا أسلم أننا لانتحاور فيما بيننا، ولكن أنا معك، في أن الحوار الداخلي فيما بيننا، وبين الأمة الإسلامية لايرقى إلى المستوى المطلوب. الحوار قائم، والتعاون قائم، وأرى اليوم أن الأمور أكثر إيجابية من السابق. فهناك وعي حضاري وثقافي يشمل الدين والفكر والثقافة والسياسة يرتقي بهذه الأمة إلى حد لايستهان به، لكننا بحاجة إلى مزيد من هذا الوعي الذي يتحول إلى فعل (وعي راشد يتحول إلى فعل) أؤيد رأيك، بأننا بحاجة إلى تطوير الحوار الداخلي فيما بيننا حتى ننجح في حوارنا مع الغرب. لذلك، فإن مثل هذه الملتقيات ذات فائدة كبيرة، أولها: التعارف والتآلف ûوجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ثانياً: تبليغ رسالتنا إلى الغرب. نحن ملزمون بتبليغ رسالة الهداية والرحمة والإسلام ûوماأرسلناك إلا رحمة للعالمين ثالثاً:

نسوق حضارتنا، فنحن أصحاب حضارة إنسانية سامية عظيمة. ‏

وأخيراً: الاستفادة من الآخرين، فنحن بحاجة إلى عملية تلقيح أفكار وتبادل آراء. وهذا ينعكس إيجابياً على المتحاورين، العرب والمسلمين من جانب، والغرب بما فيه من طوائف من جانب آخر. لذلك فإن الحوار أمر لابد منه.

الإسلام دين حوار، والقرآن كتاب حوار.

ہ في معظم الأحيان نخرج من هذه اللقاءات بتوصيات تبقى  غالباً  حبيسة الأدراج، فما الفائدة إذاً إن لم تلق هذه التوصيات النور على أرض الواقع؟

‏ہہ أخالفك الرأي في هذا الطرح. هذا اللقاء بحد ذاته هو إنجاز، التلاقح الفكري إنجاز، الشراكة المعرفية إنجاز، التبادل الثقافي إنجاز، الإنسان فكر وروح وعواطف يتأثر ويؤثر في الآخر، يقرب المسافات، يزيل الحواجز بين الشعوب والرسالات. ‏

ونحن والحمد لله حصدنا ثمرة هذه اللقاءات، فالمفكرون ورجال الدين والأكاديميون الذين دعوناهم سابقاً، عادوا إلى بلادهم وهم يحملون صورة مشرقة عن سورية، بل أصبحوا سفراء لنا، بعد أن رأوا نموذجا ًإنسانياً يحتذى به من العيش المشترك. تكلموا عن إسلامنا، وعن عروبتنا، وعن سورية التي تحمل راية الحضارة والإنسان، وفهم البروفسور «نورتن» الذي كتب أكثر من مقال أشار فيه إلى سورية وحضارتها، إلى التسامح الديني، وتكلم عن السيد الرئيس بشار الأسد الذي أرفق صورته بإحدى مقالاته في أكبر صحيفة يومية تصدر في مدينة «هارتفورد» في الولايات المتحدة. وهذا بحد ذاته إنجاز فكري وحضاري لنا. ‏

ہ مايحدث اليوم في العالم أفرز بعض المصطلحات التي كرست مفهوم الصراع والتصادم. ماهي الأسس التي يمكن الاستناد عليها للانتقال من هذا المفهوم إلى مفهوم آخر يقوم على الحوار والتفاهم؟

ہہ إن إحدى أهم محاور المنتدى الذي نقوم به حالياً، هو كيفية تحول العلاقة من التصادم والصراع إلى الحوار والتفاهم. وهذه نتيجة حتمية لابد منها، لأن التصادم لايمكن أن يكون وسيلة للعيش المشترك، ونحن من منطلق إسلامي، ووحي إلهي مأمورون بالتعاون والتفاهم، ومايقوم به بعض من يريدون الفتنة والشر، وإلباس كل نقيصة وكل أذى وكل اتهام بالإسلام والمسلمين، هؤلاء فئتان، الأولى (تعرف وتحرف) وهم الصهاينة المتصهينون من الغرب، وهؤلاء في الحقيقة يسقطون كل ماعندهم من مخاز في التاريخ، وفي نصوصهم على الإسلام ليبرؤوا منها. ‏

والفئة الثانية، من الغربيين الذي يتهمون الإسلام، لجهلهم بالإسلام ولتقصيرنا في عرض إسلامنا، وحضارتنا العربية الإسلامية، وواقعنا المشرف، ونحن اليوم ندفع ثمن هذا التقصير، لأننا تركنا الغرب لهؤلاء الصهاينة، فعرضوا إسلامنا بطريقة مشوهة، فأسقطوا كل وحشيتهم وتخلفهم وأحقادهم وألحقوها بالإسلام، ونحن مسؤولون أولاً وأخيراً. ‏

ہ مادمنا في الحديث عن الصهاينة ومايمارسونه من حقد وضغينة ضد الإسلام.

ومن خلال إطلاعي على أسماء المشاركين في هذا المنتدى، وجدت أن هناك أسماء لها حضورها الفاعل في الحراك الفكري والسياسي الغربي. ماهي الرسالة التي ستنقونها لهم بشأن عملية تهويد القدس؟

ہہ سنطلب من هؤلاء المشاركين أن يقوموا بمسؤوليتهم تجاه القدس، والمسجد الأقصى، فالقدس بما فيها من رموز عظيمة ليست خاصة بالمسلمين فقط، أو المسيحيين، وإنما تخص الإنسانية جمعاء، واليهود المتصهينون يتطاولون على المقدسات الإسلامية والمسيحية والرسالات السماوية، بما أفرزته أدبياتهم من حقد ووحشية. ولابد أن تكون هناك محاولات وجهود كثيفة ترقى إلى مستوى المؤامرة التي تقوم بها اسرائيل والصهيونية العالمية. ‏

ہ تعتبر الديمقراطية المحرك الغريزي الذي يدفع الغرب باتجاه المنطقة، وباسم الديمقراطية شنت الكثير من الحروب، وآخرها حرب غزة.

كيف تنظر إلى الديمقراطية التي يسعى الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، إلى نشرها في المنطقة؟

ہہ مصطلح الديمقراطية، أو فلسفة الديمقراطية، شاعت كثيراً في السنوات الأخيرة.

وإذا كانت الديمقراطية هي حكم الشعب بعيداً عن حكم الله فهي مرفوضة في الإسلام. ‏

وإذا كان حكم الشعب والأمة ضمن دائرة التشريع الإلهي، ومن منطلقات الكتاب والسنة، وثوابتنا. فهي أصل أصيل. وهناك بعض الملاحظات على الديمقراطية الغربية، فما يمارس اليوم عالمياً تحت اسم الديمقراطية هو تضليل، وتواطؤ، والديمقراطية الأمريكية أفرزت لنا جورج بوش وإدارته الارهابية المتوحشة التي استباحت العالم وسحقت الشعوب في أفغانستان والعراق وفلسطين، فإذا كانت هذه الديمقراطية فهي مرفوضة تماماً. واسرائيل التي تزعم أن لديها ديمقراطية متطورة، فإن ماجرى في غزة هو مثال واضح على هذه الديمقراطية المتطورة لذلك، فإن أية ديمقراطية يمارسها الغرب على هذه الشاكلة مرفوضة في الإسلام.

ونحن بحاجة إلى صياغة ديمقراطية تقوم على الإسلام وعلى الشورى الإسلامية على الفكر والمنطق واحترام حرية الناس وآرائهم ضمن التشريع الإسلامي والثوابت والمنطلقات الإسلامية.

ہ يعاني العالم اليوم من أزمة اقتصادية طالت مختلف جوانبه. كيف يمكن الاستفادة من النظام الاقتصادي الإسلامي في حل مشكلات هذه الأزمة؟

ہہ لابد في البداية من الإشارة إلى أن هناك نظاماً اقتصادياً إسلامياً موحداً بالخطوط العريضة. بدليل وجود اتحاد المصارف الإسلامية المستقل بنظامه ولوائحه الداخلية. وعلم الاقتصاد الإسلامي واضح ومستقل.

ولكن تكمن المشكلة في التطبيق. ويكفي القول إن الاقتصاد الاسلامي هو اقتصاد إنساني ينطلق من الإنسان، ويصب في خدمته في حين نرى أن الاقتصاد الغربي، هو اقتصاد متوحش، يسعى للثراء والقوة، ولايأخذ بعين الاعتبار النواحي الإنسانية والاجتماعية والروحية والدينية، وسأضرب لك مثلاً على التمايز بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الغربي. فأمريكا ألقت حوالي 85% من محصول الذرة والقهوة وغيرها من المحاصيل حفاظاً على الأسعار، بينما نجد هناك شعوباً بأكملها في آسيا وجنوبها، وافريقيا تعاني من الجوع والفقر. فأي اقتصاد هذا!!. والاقتصاد الأمريكي اليوم يعاني عجزاً كبيراً والبنوك التي تعمل بالفائدة أعلنت إفلاسها، هذه الفائدة التي حرّمها الإسلام كما حرّمها غيره من الأديان، والمستفيد الوحيد من هذه الأزمة هم الصهاينة اليهود الذين يتعاملون بالربا. والعالم اليوم يستنجد بالعالم الإسلامي ليقدم له اقتصاداً إنسانياً وعادلاً بعيداً عن الأزمات والكوارث. والاقتصاد الإسلامي هو الحل الوحيد الأخلاقي للأزمة اللاأخلاقية، لأنه لايؤمن بالشخصية الاعتبارية للدولة كما هو في اقتصاد الدول الشرقية، ولايؤمن بوحشية الاقتصاد الغربي وفردانيته.