عبد الصبور شاهين

د. عبد الصبور شاهين: العلمانيون أفلسوا والنموذج الأميركي الغربي للإصلاح لا يحقق العدل الذي ننشده
 

القاهرة: محمد خليل
 

قال الداعية الاسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين ان العلمانيين أفلسوا ولم يعد لهم سبيل سوى الهجوم على الاسلام، وأكد في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» بمكتبه في كلية دار العلوم بالقاهرة، ان نموذج الاصلاح الاميركي والغربي لمجتمعاتنا لا يحقق العدل والاستقرار الذي يحققه نظام الشورى الاسلامي الذي تنشده مجتمعاتنا، وتطرق الدكتور شاهين الى قضايا أخرى. 

لماذا أنتم غائبون عن الساحة الدعوية الآن، حيث أن من الملاحظ ان نشاطكم الدعوي اختفى خلال هذه المرحلة؟
ـ سل الذين اتخذوا قرارا بالتغيبب وهم مستمرون في تنفيذه، فهؤلاء أدرى مني بالسبب وهو سبب ظاهر خفي فكل ما أقوم به هو خطبة الجمعة في المسجد الذي أسسته بجوار منزلي وأرد على التساؤلات الدينية للمحبين.

 

*شاع في الآونة الأخيرة ظهور دعاة ومفتين جدد في الفضائيات فما تعليقك على هذه الظاهرة؟
ـ على أي حال ان الجري وراء هذه الغرائب يذيعها وينشرها في الناس، وأنا أفضل ألا أتحدث عن هذه الأجناس الجديدة لان الحديث عنها يذيع أمرها ومن ثم ينشر شرها ان كان لها شر.


*
معنى ذلك انكم ترفضون ظهور هؤلاء الدعاة الذين ربما تكون هذه المرحلة في حاجة
إليهم؟
ـ أرحب بكل من يبذل مجهوداً في سبيل الله وأرجو ألا يدخل بين هؤلاء ممن يدسون لفساد الدعوة، فلا شك انهم في غالب الأمر مخلصون ويبذلون كل ما في وسعهم ويتعرضون لموجات من الإلحاح عليهم في استخدامهم لأهداف خفية قد لا يعلمونها، والنتيجة هي الإساءة الى الدعوة والى الدعاة أيضاً.

 

* بماذا تنصح شباب الدعاة؟
ـ أن يقرأوا ويحفظوا القرآن أولا وأن يستديموا قراءة السنة وأن يتعلموا فقه السلف حتى يكون لهم فقههم الخاص الذي يختلف عن فقه الماضي قطعاً، ولن نستطيع تجديد الفقه إلا بمعرفة ما قاله السابقون.


*
من خلال تجربتكم في مواجهة الفكر الخاطئ الذي يتهم الاسلام بالجمود والتخلف وعدم مسايرته لقضايا العصر، فما هي الوسائل التي يجب أن يتبعها الدعاة لتصحيح هذه الأفكار الخاطئة؟
ـ الشريعة الاسلامية ليست متشددة ولا جامدة، فهي قابلة للاجتهاد، عظيمة المرونة، ولكن المهم أن يكون هناك من يحسن استخراج الأحكام تبعاً لحاجات العصر الذي نعيشه، فلا بد أن يقوم الداعية الناجح بالاجتهاد وبيان الأحكام حسب مقتضيات العصر ومتطلبات الحال خاصة القضايا المستجدة، فكل من يتهم الشريعة الاسلامية بالجمود هو في حقيقته شخصية جامدة وعقله قاصر.


*
لكن الشريعة الاسلامية متهمة في جوانب أخرى بالجمود والتشدد في قضايا كثيرة
منها مثلا قضايا المرأة والميراث وغيرها، فإلى أي مدى ترى خطورة هذه الاتهامات
على الأحكام الشرعية؟
ـ أولا يجب أن نعلم أن الذين يتهمون الاسلام بهذه الاتهامات هم العلمانيون وليس لديهم إلا قوانين الفوضى وأفكار الانحلال ومبادئ التخليط والعبث العلماني، ولذلك يحسن ألا نلتفت الى هؤلاء، فهم لايكفون عن الكلام لأن بضاعتهم هي الكلام فقط وكلامهم لايبلغ أدنى تأثير إلا في نفوس الضعفاء والسطحيين، وكل بضاعة العلمانيين هي رفض الاسلام أساساً، ولما كان الاسلام ثابتا في الأنفس راسخاً في العقول، فإن ذلك يثير غضبهم ويشعل نارهم وكل ما على أهل الاسلام ألا يعبأوا بمثل هذا الصراخ أو الضجيج، وأن يتمسكوا بدينهم مهما حاول العلمانيون التشويش عليهم، وحسبنا أن نقرأ قول الله تعالى: «والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين»، فالطريق الى الاصلاح هو التمسك بالكتاب واقام الصلاة.


*
لا شك ان التطوير وتحديث المجتمعات العربية هو حديث الساعة وهناك آراء كثيرة منها مايرى أن الاصلاحات لابد أن تخرج من داخل المجتمعات العربية ذاتها والبعض الآخر يرى انه لابد من تطبيق النموذج الغربي في الاصلاح، فأي الرؤيتين توافقها؟
ـ الواقع ان الاصلاح الداخلي مطلوب، لكن ليس على طريقة حكامنا فهم يعتقدون أنه ليس في الامكان أبدع مما كان، ومن ناحية أخرى فإن الدعوة الاميركية الى الاصلاح لم يقصد بها الاصلاح فعلا، بل قصد بها الإفساد فعلا، لان المطلوب أن تتمكن أميركا والصهيونية من رقبة الشرق الأوسط الكبير، وأي اصلاح حقيقي سوف يحول بين أميركا والصهيونية وبين السيطرة على الشرق الاوسط، فكل ما يأتينا من أميركا هو مجرد ضوضاء وشوشرة وليس الديمقراطية التي يزعمون هي طريق الاصلاح، ليست هي الحل الأمثل للأوضاع السيئة التي نعيشها، فجوهر الديمقراطية هو أن نستبدل بمجموعة من الحكام مجموعة أخرى تحكم الى فترة معينة ثم نستبدل بها كذلك أخرى عن طريق الانتخابات، ومعلوم ان الانتخابات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب لأن دور الناخب ينتهي عندما يضع صوته في الصندوق ثم يكون الأمر بعد ذلك بين أرجل وأيدي الأعضاء المنتخبين الذين يمثلون جملة من المصالح والفوائد المشتركة، ولقد قاسينا دائماً من هذه الديمقراطية التي تتمثل في تفويض الأمر الى مجموعة تستبد ويسيطر عليها مخطط الاحتواء الجديد، لابد من أن يتفرغ المفكرون والعلماء والدعاة لتحديد كيفيات عملية تتم بها الشورى الاسلامية ويسهم فيها كل مسلم غيور في صنع القرار ومواجهة كل الأعداء.

 

* تنتاب الأمة في الوقت الراهن حالة من الشعور بالهزيمة النفسية والضعف، فما تقييمكم لهذه الحالة؟
ـ تقييمي لهذه الحالة أنها ناشئة عن التشرذم الذي استطاع الاستعمار الجديد أن يحققها بين المسلمين بعضهم بعضاً وبين العرب وبعضهم البعض وسيبقى هذا الاحساس بالهوان والضعف طالما بقي هذا التشرذم.

 

* ما الذي تحتاج الأمة للتركيز عليه في المرحلة الحالية؟
ـ تحتاج الى التركيز على الأمل في الوحدة ومشروعها الذي يجب أن يكون ملزماً محورياً بين المسلمين، فهذا هو الحل الأوحد الذي ينقذنا مما نحن فيه، وأعلم ان الالتفاف حول هذا المشروع الوحدوي هو دونه أهوال كثيرة سوف يضعها الاستعمار على طريق الوحدة، ولكن في النهاية سوف تنتصر الإرادة الاسلامية.