طرح الاسئلة الاستاذ عبد الباقي صلاي من صحيفة النور الجزائرية

طرح الاسئلة الاستاذ عبد الباقي صلاي من صحيفة النور الجزائرية

نوال السباعي / مدريد

** السؤال: تتعالى الصيحات اليوم في العالم العربي والإسلامي بوجوب التغيير،وإجراء إصلاحات جذرية .. فكيف تقرئين هذه الصيحات ؟

التغيير والاصلاح في عالمنا العربي على وجه الخصوص ليس مجرد  مطلب, انه شرط استثنائي وأولوية لابديل عنها في مسيرة أمة تصر على الانتحار الجماعي منذ عقود من الزمان وهي تتخبط في مكانك راوح دون أن تحسن التصرف , ودون أن تعرف كيف تبدأ الطريق .

معضلة هذه الصيحات اليوم ليست في ماهيتها وحيويتها وضرورتها الملحة ولكن في هذا التوقيت العجيب الغريب الذي جاءت فيه , والذي بدت معه وكأنها مطالب للمستعمر في بلادنا !..فضلا عن أن الحديث في التغيير اقتصر في وسائل اعلامنا على تغيير المناهج الدينية بما يخدم مصالح هذا المستعمر وتطلعاته .

نعم وألف نعم للتغير الشامل العام لمناهجنا الدراسية والتربوية والسلوكية والاجتماعية بما يتوافق مع هوية هذه الأمة وأسس قيامها , ولا.... ألف لا للتغيير الذي يأتي خدمة لأعداء الأمة!.

خذ على سبيل المثال المناهج الدراسية في مدارسنا وفي مختلف الدول العربية مع تفاوت بالطبع بين دولة واخرى , إنها مناهج قميئة متخلفة وكأنها وضعت بهدف واحد فقط هو تحجيم القدرات العقلية للأطفال , وكأنه لم يكن لواضعيها من هدف الا شل قدرة الجيل الجديد على التفكير والتغيير واحداث انفصام كامل في شخصيته , عن ماذا أحدثك؟ عن مناهج الرياضيات التي تنتمي الى القرن الماضي ؟ أم عن منهج العلوم الطبيعية الذي هو أقرب الى مناهج القبائل البدائية في العصر الحجري ؟ أم عن منهج الوطنية؟؟ وماأدراك مالتربية الوطنية التي هي حكر مقصور لعبادة أولياء الأمر الذين لايأتيهم الباطل من بين يأيديهم ولا من خلفهم !.. وعلى سبيل المثال لاالحصر يدرس طفل  في الثانية عشرة من عمره على سبيل المثال في الصف السادس الابتدائي في المدرسة الاسبانية أكثر من شهر كامل الثروات المعدنية التي تحرك العالم وتقرر سياساته وعلى رأسها البترول , ويدرس في أكثر من ثلاثين صفحة طبيعة التغيرات الهائلة التي شهدتها الدول العربية بسبب هذه الثروة وبالطبع الوضع السياسي الجغرافي العام لهذه البلاد وعلاقتها بالسياسات العالمية الا ان طفلا في نفس العمر وفي مرحلة متقدمة في المدارس العربية الموجودة في بعض البلاد الاوربية التي تدرس مناهج بعض بلادنا, يدرس في كتاب الوطنية في نصف صفحة فقط الفرق بين الماضي والحاضر في البلد العربي البترولي الذي تتبعه هذه المناهج , اذ يتحدث كتاب الوطنية مثلا عن أن الطرق لم تكن ممهدة ووسائل النقل تطورت فيم بعد وكأن هذه التطورات مكرمة لولي أمر البلد دون أن يتطرق الكتاب لحرف واحد عن البترول الذي قامت عليه نهضة هذا البلد وغيره !.

هذا في باب مناهج التدريس العامة فقط ,  ولاأتحدث عن تدريس الدين؟ الذي يُخرج لنا امعات جهلة لايفقهون من الاسلام الا أحكام الحيض والنفاس والاستنجاء وطاعة أولي الأمر !.

التغيير كما قلت ليس مطلبا فحسب انه ضرورة حيوية , نحن بحاجة الى احداث انقلابات واسعة في كل شؤون حياتنا , الثقافية والسياسية والتربوية والاجتماعية بدءا من المدارس والاعلام , خاصة وأننا في مرحلة حساسة جدا نعيشها وقد وصلت  الصحوة الى مفترق طرق عسير في ذات الوقت الذي تشهد فيه بلادنا عودة الاستعمار بقواه العسكرية الى قلب الامة , وهو وضع شاذ , ولكنه ليس غريبا على التاريخ وقد عاشت هذه الأمة ظروفا مشابهة مرات عديدة,  وعاش غيرها ظروفا أشد قسوة كاليابان وألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية , واستطاعت هذه الأمم واستطعنا أن نقف على أقدامنا من جديد وهذه هي المهمة التي تشمل كلمتي التغيير والاصلاحات الجذرية بشكل أساسي , أما التغيير السياسي فمن المفروض أن يكون آخر مانفكر فيه الآن بالذات من تغييرات لأن الحرية كالاصلاح كإعادة البناء لايمكن أن تفرض بفرمانات فوقية ولكنها امور تنتزع انتزاعا من قبل الشعوب, ولاقيمة لأي تغيير سياسي مالم يُسبق بتغييرات اجتماعية وتربوية وانسانية جذرية في بلادنا.

**السؤال: فجيعة العراق بينت أن الوهن الحضاري لا يزال يلف هذه الأمة من طنجا- جاكرتا , كما بينت هشاشة النظام العراقي مقابل ماكان يدعيه لأكثر من عشرية  .. فإذا كان النظام العراقي على هذا  الشكل فكيف بالأنظمة الأخرى .. نريد منكم توضيحا حول جانب هذا الوهن .. وما مصدره حسب رأيك ؟

هذا سؤال كبير وخطير , يذكرني بمقدمة ابن خلدون وحديثه عن وهن الأمم وتآكلها , ولعل أفضل وصف وأكثره دقة لغوية لما نعيشه اليوم إنما هو وصف الوهن الحضاري , لقد ناءت حضارتنا بأبنائها , الذين شوهوها بثقافاتهم المتخلفة , والتي بقيت محصورة في الزمان والمكان خمسين عاما , وقد وجدت الأمة نفسها اليوم مضطرة لمواجهة حضارية عاتية بسب الحوار الحضاري  الدائر والدائب بين الأقليات المسلمة والشعوب الغربية في بلدان أوربة الاتحادية .. في أكبر عملية غربلة ثقافية تشهدها أمة قط , لأن ثقافتنا كانت قد غلبت حضارتنا ردحا طويلا من الزمان , ونجد أنفسنا اليوم مضطرين لاعادة النظر في هذه الثقافة واستنادها الى الحضارة والا فعلى الأمة السلام.

هشاشة النظام العراقي لم تأت هكذا بين عشية وضحاها , لقد مارست الولايات المتحدة بتوجيه من اسرائيل ودعم من بريطانية التي مافتئت تسمي نفسها بالعظمى , مارست مع العراق لعبة مصارعة الثيران الاسبانية , مصارعة الثور سلميا ومناورته حتى اذا بدا غافلا طعنه المصارع بالرماح في جهات عدة من جسده حتى تنزف دماؤه وتنهك قوته فيجهز عيه بضربة قاصمة في الدماغ!.

لقد بلغ العراق شأوا بعيدا في الاعداد والقوة ولكن حكامه نسوا قاعدة تاريخية أصيلة وهي أن القوة لاتنفع الحاكم مالم يدعمها بحب الشعب أو احترامه , وأن المستقبل لايبنى على جماجم الأبرياء , وأن انتزاع الرغبة في الحياة من صدور المواطنين يستدعي قيام المملكة على نمور من ورق يتخلون عنك حال سقوطك!.

ماذا فعل العراق بكل قوته وثرواته؟ لاشيء! غزا اايران بدعم من دول الخليج التي كانت خائفة من تصدير الثورة الخمينية وقد نسوا جميعا قاعدة أخرى ذهبية من قواعد السياسة والتاريخ وهي أنه وفي وجه العواصف والأعاصير لاينفع بناء الأسوار ولكن زراعة الأشجار!

بماذا خدم العراق القضية الفلسطينية ؟ أو حتى المسألة القومية العربية التي أراد بناءها كغيره على أشلاء إخواننا من أبناء القوميات الأخرى التي تشكل مع العرب لحمة هذه الأمة وسدتها وشرايينها ودمائها.

لاأتفق معك بأن الأمة تعاني هشاشة من طنجة الى جاكرتا , هناك دول آسيوية اسلامية استطاعت أن تفعل الكثير ومازالت , وهناك دول عربية كالمغرب مثلا تتمتع بهياكل اجتماعية وبنى انسانية اجتماعية تحتية لاتكاد تماثلها فيها أية دولة عربية أعرفها , وهناك دول عربية مثلا لانعرف فيها  ولحسن الحظ اسما لابن الرئيس ليرثه في جمهورياتنا الثورية الاشتراكية الجماهيرية وهذا أمر عظيم كما ترى وتقدم كبير في حياتنا السياسية أن نجد جمهورية واحدة لانعرف فيها اسم ابن الرئيس!! كما أننا بالمقابل نعيش ونشهد تآكل دول أخرى بحكوماتها ونظمها الاجتماعية وجعجعاتها الاعلامية ,ويعبر ذلك عن نفسه بفساد رنان وتهاوٍ في النظم وتسارع في عدد الفضائح التي ماعاد بالامكان تغطيتها والتستر عليها .

 عندما تكون الدولة فردا , وعندما يكون اقتصاد الدولة في جيب رجل واحد وأبنائه , وعندما تجد هذا الشقاق النكد بين الشعب الكادح الذي يموت من أجل لقمة العيش أو توفير أدنى درجة من الخدمات الانسانية الاجتماعية , وبين فئة قليلة جدا من أقرباء وأنسباء ومعاوني الرئيس أو المسؤول تعيش كالطفيليات على حساب الأمة فاعلم أن النهاية آتية لامحالة ....ياأخي..كأن الرؤساء والمسؤولين في بلادنا لايقرؤون التاريخ!!.  

**مصدر هذا الوهن؟؟

هذا الوهن ذو شقين متساويين ومتناسبين ومتوازيين , أولهما هذا الحاكم الذي أله نفسه على العباد , وثانيهما هم هؤلاء العباد الذين سمحوا لهذا الحاكم أن يتفرعن في البلاد!!

هكذا بكل هذه البساطة , نحن تنكبنا عن دورنا الانساني في صناعة الحضارة , وتخاذلنا عن القيام بواجبنا الفردي والجماعي في النمو كأفراد ومجتمعات وأمم , وتركنا الحاكم يفعل بنا مايشاء , واقتصرنا على دورين إما التكفير أو التفجير , وهناك وقفت كل ابداعاتنا الثقافية في القدرة علىتغيير مانزل بنا , لم نستطع تطوير نظرة نقدية شاملة لأنفسنا ولالثقافتنا ولالأساليب التربية في بلادنا ولاللاخطاء المريعة التي ترتكب في مجتمعاتنا باسم الدين , وكانت هذه النظرة سببا رئيسيا في عرقلة مسألة التربية والنمو في بلادنا لأننا ظننا وفي المقدمة الكثير من الجماعات الاسلامية في البلاد العربية أن أي اتهام للثقافة يعني اتهام للحضارة , وأن اتهام السلوكيات الشاذة في المجتمع قد يعني اتهام الدين الذي تتكيء عليه هذه السلوكيات فتجعله مبررا لانحرافاتها وشذوذها وهو من ذلك براء .

هذه المعضلة جعلتنا نخلط مابين التربية والتعليم , ومابين الدين والعادات والتقاليد , ومابين ضرورة التغيير والتمسك بالمبادئ والأسس والثوابت .

انها ثنائيات خطيرة يجب أن يبدأ من التفكير فيها كل عمل يرمي الى التغيير واعادة البناء.

** السؤال: وهل انتقال النظام الليبي من حالة المواجهة إلى حالة الاستسلام غير المشروط دافعه القوي ما جرى للعراق ولصدام خصوصا.. مطبقا في ذلك مقولة "أ كلت يوم أكل الثور الأبيض"؟

إن مانراه اليوم في الحالة الليبية وغير الليبية لايندرج تحت أي اسم معروف في قواميس اللغة والأدب والسير والأخلاق والسياسة !.. وهناك دول تعاني من حالة غير سوية من النفاق والغش التاريخي فهي مستسلمة بالكامل للوضع الراهن ولكنها ماتزال تبيع الشعارات والكذب  وتمارس الدجل الاعلامي المفضوح!.

ولكن ماذا كانت هذه الأمة تنتظر من مثل هؤلاء الحكام , أنا شخصيا ماكنت أنتظر الا هذا الانبطاح المدوي , انها دول تحكي نهاياتها وانها سياسات معروفةٌ  أواخرها , ونحن اليوم في زمن ماعاد فيه لورق التوت أي قيمة لأنه مامن حاجة اليوم لورق التوت!!.

اذا كان مايجري في العراق هو الدافع خلف هذه التصرفات الشاذة اليوم فتلك مصيبة , واذا كان الدافع غير ذلك فالمصيبة أعظم , ماذا ننتظر من مثل هذه الأنظمة المسكينة المكشوفة للقاصي والداني ؟ ماذا ننتظر من أنظمة تمر كل عائدات الثروات في بلادها الى جيب الحاكم مباشرة لايتجرأ أحد في الدولة على سؤاله عن شيء منها؟ ماذا تنتظر من جمهوريات وجماهيريات عظمى وغير عظمى يورث فيها الحكم لأبناء الرئيس وهي تجعجع بالشعارات وبحكم الشعب ؟ ماذا تنتظر من شعوب تعاني من الارهاب الى درجة استثنائها ألبتة من الحياة وكأنها شعوب شبحية لاوجود لها اطلاقا على الخارطة الانسانية العالمية؟ ماذا ننتظر من أنظمة يخشى كل من يتفوه بحرف عنها على نفسه أن تطاله رصاصاتها وارهابها كائنا من كان وفي أي مكان من هذا العالم كان؟؟!.

هل كنت تنتظر غير ذلك الانبطاح وذلك الذل وهذا الانهيار وهذه الفضيحة؟! والمصيبة أن هذه الأنظمة تظن أنه يمكن خديعة الشارع بمثل هذا الاعلام الغبي القاصر الذي تملأ به فضائياتنا جعجعة وقعقعة ودندنة وكذبا ودجلا ونفاقا وخيانة للشعوب وللتاريخ , وهو اعلام يشكل بحد ذاته مصيبة وكارثة وفضيحة!.

نعم يمكن أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت ولكن يستحيل أن تستطيع خديعة كل الناس لكل الوقت.

**السؤال: بمناسبة الحديث عن الاعلام فان الإعلام العربي اليوم أصبح لصيقا إما برجال المال  أو بجهات اسخباراتية ومن كان غير لصيق بهذين الصنفين فسوف يلقى تضييقا وحصارا كبيرين .. فهل هناك مخرج حسب اعتقادك لهذا الإعلام الذي يتوجب عليه أن يلعب دورا مستقلا ؟

هناك دول عربية  لها وجود وفقط في قنواتها الفضائية!! ولاوجود لها بمقومات الدول على أرض الواقع!! حكامنا أقاموا دولهم المزعومة في الفضائيات , وشعوبنا هاجرت الى الانترنيت لتقيم دولها الأفلاطونية فيه!.

عندما تنظر الى ماتعرضه دولة عربية ما على فضائياتها يبهرك جمال الطبيعة الخلاب ونظافة الشوارع والمدن والخدمات الهائلة التي تقوم أجهزة الكذب والنفاق بتلفيقها في أعلام هذا النظام أو ذاك , بينما عندما تزور تلك الدول تصطدم بالفوضى العارمة والقاذورات التي تعم العاصمة وشوارعها الرئيسية فضلا عن القرى والأماكن التي لايسمح لكاميرا بدخولها قط, كل حاكم عربي اتخذ بطانة من الكذابيين المتملقيين الذين  يحسنون الكذب الاعلامي الى درجة أن يصدقهم الحاكم نفسه!.

أولادنا هنا في الغربة يبهرون بأوطانهم الملفقة على موجات أثير الأطباق الفضائية فاذا مازاروا بلادهم عادوا بإحباط وشعور مرير بالخديعة العلقمية.

الاعلام أحد دعامتين اثنتين لاحداث أي تغيير في أي شعب أو دولة أو أمة , لقد استطاعت دولة كاسبانية التي كانت تُصنف على أنها دولة من دول العالم الثالث أن تحدث نقلة تاريخية مذهلة في بناء بناها الاجتماعية وهياكلها السياسية والانسانية والاقتصادية  واعادة ترتيب كل أوراق الشخصية الاسبانية في زمن لم يتجاوز الخمسة عشر عاما فقط وذلك من خلال الاعلام الذي لعب دورا هائلا في هذه القفزة النوعية ! .

مشكلتنا انعدام الارادة السياسية لاحداث أي تغيير اجتماعي بما يتناسب مع طبيعة ومتطلبات شعوبنا , كما انعدام القدرة على الصدق مع أنفسنا وشعوبنا .

ويختلف الأمر فيم يتعلق بهذه القضية بين دولة وأخرى , وكذلك تختلف باختلاف البلد درجات الصدق والكذب والنفاق لدى بطانة هذا الحاكم أو ذاك.

المخرج الوحيد لهذا الاعلام هو تأمين الكوادر الاعلامية القادرة على خدمة الأمة وليس خدمة هذا النظام أو هذا التوجه أو حتى هذه الحركة الاسلامية أو تلك, وهذه احدى أكبر أخطاء الاسلاميين الذين تسنموا بعض وسائل الاعلام في السنوات الخمس الأخيرة.

مشكلتنا أننا دائما نفكر في الاستقلالية ولانفكر في التعايش والاختراق الايجابي , لايمكننا حاليا أن ننشيء وسائل اعلام مستقلة لكل فكر جديد ونظيف ولكل اتجاه سياسي أو فكري ولكن يمكن للفكر النظيف والجديد أن يُمكن لنفسه ويشق طريقا في وسائل الاعلام الموجودة , وقد اعتاد ماينفع الناس أن يمكث رغم أنف أعداء الانسان والحقيقة.

** السؤال: علاقة المثقف بالسلطان في ديارنا الإسلامية أصبحت محل شبهة .. فكيف حسب رأيك تجاوز هذه الشبهة وتفكيك تنائية المثقف– السلطان بحيث تكون هناك استقلالية من أجل لعب الدور المنوط لكل واحد؟

 

أظن أن هذه العلاقة لاتقتصر على بلادنا الاسلامية فحسب , إنها علاقة ممتدة في الأزمنة والأمكنة جميعا , انظر معي الى الصحف الأوربية ومهما بلغت من ادعاء الاستقلالية وعدم الانحياز , فان هناك تيارات سياسية تمتلك صحفا ومؤسسات اعلامية كاملة تسير من خلالها الرأي العام في البلاد , وانظر معي الى الصهيونية العالمية ومصنع أفكارها ورأيها العام هوليوود , وقدرتها الهائلة على شراء الأقلام والرؤوس والضمائر , المعروف في هذا الباب أن خدام السلطة سياسية كانت أم اقتصادية يذهبون مع هذه السلطة الى مزبلة التاريخ , وهذا هو حال

شعراء وعلماء وفقهاء وكتاب السلطة في كل زمان ومكان وأمة , وأما الذين وقفوا في وجه السلطة وأصروا على كلمة الحق فهم وحدهم الذين يسجل التاريخ كلماتهم وأفكارهم وحياتهم ومواقفهم , وهم وحدهم الذين يبقون مشاعل على درب الانسانية .

 هل نعرف اسم الملك الاسباني الذي صدر في عهده الحكم بالموت حرقا على أكبر أديب اسباني عرفه التاريخ؟ لانعرفه ولانعرف أزلامه من أدباء أو كتبة ! ولكن لاتكاد تجد أحدا في الارض اليوم إلا ويعرف " ثيربانتس" !, كل الناس يعرفون من هو "غاليلي" الذي قتل بسبب أفكاره , "سعيد بن جبير" و"ابن حنبل" نعرفهما ونذكر اسميهما ولكننا لانعرف واحدا من الذين أعانوا السلطان على محنتهما ," ابن تيمية" اسم ملأ الآفاق وقد قضى في السجن حقبات طويلة ثابتا على الحق , "سيد قطب" وعلى الرغم من الشنق والتغييب والتعتيم مازال يعتبر أحد أرفع العقول التي عرفها العالم العربي في القرن العشرين ويعتبر كتابه الظلال في جامعات اوربة التي تدرس الأدب العربي رائعة ً فنية أدبية استثنائية بغض النظر عن افكاره السياسية التي نتفق معها أو نختلف.

أكثر من ذلك ...ألا ترى معي أن شعر "نزار قباني" أصبح على كل لسان وفي كل بيت حيا في كل ضمير ؟ خاصة شعره الذي سبق فترة وفاته والذي عاد فيه الى أمته ففضح حكامها وحمل همومها وخلد أبطالها من أطفال الحجارة , فأين شعراء السلطة وأين مثقفي السلطة وأين منافقي الحكومات المرتزقة ؟, انهم لايحلمون بأن يصلوا الى واحد بالمائة مما وصل اليه شاعر معارض "كأحمد مطر" الذي لايكاد يعرفه أحد ولكن شعره على كل لسان وفي كل جنان.

صدقني ..لاحاجة بنا ياصديقي الى تفكيك هذه الثنائية , لأنها ثنائية تتميز بآلية السقوط وحدها , ولكننا بحاجة الى التعاون والتعاضد والتكاتف مع صعاليك اليوم !! الذين يرفضون الظلم والهوان والقولبة , ولايخشون في الله لومة لائم ويعانون في سبيل ذلك الأمّرين ولكنهم لايستسلمون , يتركون الكتابة ولايلوثون أقلامهم بكلمة غزل للطاغوت عندما يصبح الصمت فضيلة في أزمان القهر الذي يضطر فيه المثقف الى المراآة والكذب والدجل  ليستمر.

**السؤال: في هذا الاطار ..هل يمكن اعتبار تصريحات شيخ الأزهر سيد طنطاوي مجرد تصريحات سياسية تدخل في إطار الحفاظ على الود الديبلوماسي بين البلدين – مصر وفرنسا- أم أن التصريح جاء فلتة لسانية لم تكن فقط محسوبة؟

أظن أن هذا السؤال يجب أن يوجه الى الرجل فأنا لاأعرف نيته ومقصده , ولكنني أعرف أن فتواه بشأن استشهاديي فلسطين هي أعظم فتنة وأشق على نفسي من أقواله هذه بصدد الحجاب .

يأخي ..الأمة لاتجتمع على باطل , والناس ليست حمقى , نحن نعاني من دمار في بنانا الاجتماعية وتآكل في حياتنا السياسية وانهيار في مؤسساتنا الورقية , ولكننا بحمد الله مازلنا أمة ثابتة صامدة تعرف الحق وتعرف الباطل , وتحسن التعامل مع الصدق ومع الكذب..ليس من السهولة بمكان خديعة هذه الأمة , لقد كانت آخر مرة خُدعت فيها يوم السادس من حزيران عام سبعة وستين , ومنذ ذلك اليوم وديناصوراتنا الخيالية " الفانتازية"  تنهار واحدا إثر واحد , كلهم.. السياسيون منهم والعقائديون ومدّعي المشيخة ومدعي الفتوى ومدعي التحرر والعلمنة , كلهم لقد كفرت الأمة بهم جميعا وهي الآن في مرحلة بالغة الخطورة وقد بلغت الصحوة مفترق طرق وعلينا أن نقرر أين نقف ووراء من يجب أن نسير وفيمن يجب أن نثق.

أنا شخصيا كواحدة من هذه الأمة لاأعتبر هذا الشخص ممثلا عني ولامرجعا دينيا لي ولو كنت مكانه لاستقلت وأرحت العباد والبلاد .

** السؤال : في هذا السياق تأتي قضية الحجاب في العالم الغربي على وجه الخصوص وفرنسا على وجه التحديد وقد بدأت تشكل عنوانا بارزا في الحرب القادمة بين الشرق والغرب.. فهل هي مرحلة جديدة يدخلها الغرب اليوم في حربه ضد العقيدة الإسلامية كما بشَّر بها كتاب صدام الحضارات لصمويل هنتنجتون  ؟أم أن المسألة مجرد صدفة لا غير؟

بصراحة لاأتفق معك أخي الكريم في هذه النقطة , أنا لاأظن أن مسألة الحجاب اليوم وفي هذا الاطار تشكل عنوانا لصراع قادم بيننا وبين الغرب , ربما أكون على خطأ في تقديري للمسألة وربما تكشف الأيام عن ملابسات أخرى للقضية , أنا من الذين يظنون أن هذه المسألة مجرد فقاعة أو بالون اختبارلطبيعة الوجود الاسلامي في الغرب , أُطلق في باريس بجهود يهودية محضة دعمناها نحن بجهلنا بديننا وبحاضرتنا أولا ومن ثم بتطبيقاتنا الثقافية المغرقة في اتخاذ العادات والتقاليد دينا من دون دين الله .

من جهتنا......الأخطاء القاتلة للجاليات المسلمة في الغرب هي التي أوصلتنا الى هذا المأزق , والذي أرى أننا نحاول حله باحداث مأزق أكبر منه , من هذه الأخطاء معاملة المرأة بطرق غير اسلامية غير حضارية , فنحن عندما لم نفهم طبيعة اسلامنا أصبحنا مجرد مواطنين لاننتمي الى أي وطن ولكن الى جاهلياتنا وإلى عادات وسلوكيات لاتمت لاللاسلام بصلة ولاتمت للسلوك المتمدن الحضاري بصلة , خذ علىسبيل المثال اصرار البعض على تربية نسائه من زوجة أو بنت أو أخت بالضرب العنيف وأبلغ أنواع سوء المعاملة النفسية, حرمان المرأة من كل حقوقها الفردية والأسرية والمادية وتهديدها الدائم بالطلاق أو الزواج بأخرى , ارغام الفتيات الصغيرات جدا على الحجاب بدعوى أنهن يجب أن يعتدنه باكرا , تزويج البنت رغم أنفها ممن تكره واعتبار المهر ثمنا لهذه البنت , عرقلة الزواج بين الشباب وجعله قضية تعجيزية , اذا كانت بلادنا تنوء بمثل هذه المخالفات الشرعية والحضارية والانسانية فماذا تريد أن يكون الحال في هذه البلاد التي تحمي حق الفرد وسلامته الجسدية والنفسية وتحرس انسانيته بنص الدساتير والقوانين وسلطة الشرطة والقضاء؟!.

سوء فهمنا لاسلامنا هو السبب فيم نحن فيه اليوم من مآزق , والمصيبة الحقيقية تكمن في أننا نقدم للعالم فهمنا القاصر وغير السوي للاسلام على أنه الاسلام.

قضية الحجاب المثارة في فرنسة لن تخلو من خطورة حقيقية اذا نحن لم نحسن التعامل معها , اننا أمام امتحان واختبار لقدرتنا على تجاوز أنفسنا قبل أن نكون في مواجهة صدام مزعوم مع الحضارة "المضيفة –الغازية" .

أما من جهة القوم.......فأنا لااستطيع أن أزعم أننا في وضع نحسد عليه , كما لاأزعم أن في الدول الغربية من لايتمنى نشوء صدام دموي مع الجاليات العربية المسلمة المقيمة بين ظهرانيه ليحصل على المبرر الكامل واللازم والكافي لاخراج المسلمين إما سلما أو ذبحا من اوربة , كما لاأظن أن في الغرب كله بشقيه الأمريكي أو الأوربي وبكل اتجاهاته السياسية والفكرية والثقافية من يُكن لنا اليوم حبا أو احتراما وذلك بسبب من الدعاية الصهيونية الدؤوبة التي جعلتنا وحوشا في نظر هذا الغرب, كما بسبب سلوكياتنا غير الاسلامية وسوء فهمنا وتطبيقنا للاسلام , ولكن هذه الأمور مجتمعة  يجب أن نوظفها لنحول القضية الى قضية امتحان حقيقي لقدرة الديمقراطية على استيعاب الآخر , لا أن نصبها في بوتقة صدام بين الحضارتين يكذبه الواقع ويكذبه التعايش اليومي العصيب بين المهاجرين المسلمين وأصحاب البلاد الاوربيين , وتكذبه حاجة القوم لانساننا وجهده وشبابه وثرواته وحاجتنا لتقنيات الغرب وحضارته وبعض المجالات التي اثبت فيها تقدمه انسانيا واجتماعيا .

 غزوهم لنا قوبل بنزوحنا اليهم , والبلاد مافتئت تفتح منذ خلق الله الأرض وماعليها بعز عزيز أو بذل ذليل.

اننا أمتان محكوم عليهما بالحوار الدائب الأليم والتزواج المصلحي العجيب , وقد تجدان نفسيهما بين الحين والحين مدفوعتين الى صدام تفرضه مطامع البعض في أرضنا وثرواتنا ..وهذا لايعني أن القوم لايتمنون رحيلنا أو أنهم بدؤوا بالفعل يشعرون بأخطار حقيقية تهدد حضارتهم وثقافتهم بل وطبيعة التركيبة السكانية للبلاد , وأخطر من هذا وذاك الأخطار البالغة التي تهدد السياسات الغربية التاريخية في المنطقة التي أسموها لنا "الشرق الأوسط"  بقلبها الذي يريدون له أن يبقى نابضا وحده "اسرائيل" !.

 كلنا يعلم أن الوجود العربي الاسلامي في أوربة على هامش الانتفاضة الفلسطينية المستميتة في سبيل التمسك بحقوقها قد تسبب في تغيير الرأي العام الأوربي لصالح القضية الفلسطينية , وهذا تغيير تاريخي غير مسبوق ولامنتظر بالنسبة للذين يمسكون بزمام الأمور الاعلامية والاقتصادية والسياسية في الغرب من الطبقة الصهيواستعمارية, وهذا أمر لايبشر بخير فكان لابد من اتخاذ أسباب حقيقية للتضييق على هذه الجاليات .

الأمر كما ترى أنه حبة خردل من جانبنا وحبة علقم من جانبهم والتقت هذه التيارات المتعاكسة المتضاربة على أمر قد قدر!.

** السؤال: المسلمون في أوروبا وأنت تعيشين في أسبانيا دورهم قد يختلف عما هو  عليه المسلمون في بلاد المسلمين  من حيث عدة جوانب .. فهل هناك مزايا  فعلا  قد يحوزها المسلمون الذين يعيشون في الغرب على عكس إخوانهم في المشرق العربي ؟

مع الاخذ بعين الاعتبار الاختلافات الحقيقية الموجودة بين كل بلد أوربي وآخر فإن هناك أمران اثنان يميزان الوجود العربي الاسلامي في الغرب في هذه الحقبة التاريخية الصعبة التي نعيشها , أولهما تمتع الجاليات العربية المسلمة بشيء من الحرية يسمح للأفراد بتتحقيق قدر لايستهان به من الانجازات العلمية والثقافية وحتى التنظيمية , وثانيهما طبيعة الاحتكاك بالثقافة والحضارة الغربية بشكل يفرض على الفرد والجالية أن تجري عمليات مراجعة مستمرة لثقافاتها وسلوكياتها مع زيادة التمسك بهويتها وحضارتها .

من هاتين الزاويتين يشكل المسلمون في الغرب طليعة حضارية على غاية من الأهمية في إطار الحوار والتعايش والتفاهم بين الأمم .

نحن نملك الاسلوب الحضاري الأمثل لانقاذ الانسان في الدارين , وهم يملكون الوسائل الحضارية التي تمخضت عنها كل التجربة الانسانية لتسهيل حياة الانسان ماديا في هذه الأرض وكما قلت لك سابقا نحن جيران لاحل بينهم إلا بالتعايش والتكامل والتفاهم .

**السؤال:بعد الحادي عشر من سبتمبر أصبحت الجالية العربية المسلمة في بلاد الغرب تعيش العزلة والتضييق فما الميكانيزات التي ترينها كفيلة من أجل الخروج من هذا المأزق خصوصا وأن الغرب أصبحت نظرته لكل ما هو إسلامي مرادفا للإجرام وللإرهاب؟

هذه ثلاثة أسئلة خطيرة وعلى غاية من الأهمية؟ الواقع أن الجاليات العربية والمسلمة في أوربة كانت قد عانت الأمرين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكما تفضلت كان الوضع عزلة وتضييقا شديدين وحربا مستعرة على كل صعيد , اعلامي وسياسي , واجتماعي وانساني ونفسي , عندنا هنا في اسبانية لاأستطيع أن أتحدث عن اعتداىت مادية واسعة النطاق على الجالية العربية المسلمة , بل على العكس من ذلك لقد اتسم سلوك الشعب الاسباني  ابان الحادي عشر من سبتمبر بانضباط عجيب خارق مقارنة مع ماكانت تبثه وسائل الاعلام من حملة استعداء مفضوحة على المسلمين ,حتى أن احدى القنوات كانت تكرر في كل نشرة أخبار أنباء الاعتداآت هنا وهناك على العرب والمسلمين في أنحاء أوربة وكانت مقدمة النشرة تتساءل في نهاية الخبر : غريب أنه في اسبانية لايحدث هذا؟!.

لقد تحلت كل من الجاليات العربية والاسلامية من جهة والشعب الاسباني من جهة ثانية بقدرة مذهلة على ضبط النفس , ولكن هذا لايعني أنها لم تقع حوادث فردية هنا وهناك, كما لايعني بأن العرب والمسلمين عانوا من أقسى أنواع الاقصاء والنبذ وسوء المعاملة النفسية , ومن حرب مستعرة نفسية أججت عليهم , كانت العيون تتهم والالسنة تسلق والوجوه تتمعر , البائع يتشاغل عنك كيلا يبيعك والسائق ينصرف بسيارته صامتا كيلا يحملك , والراكب في الباص أو المترو ينهض كيلا يجلس الى جانبك , لقد انتشر الخوف بين الناس وشعروا بانهم مقبلون على محنة عظيمة وبدأ التفكير الجدي بالنزوح والهرب قبل أن تشهد البلاد بوسنة وهرسك جديدة , ولم يكن هناك شيء على الاطلاق يمكنه أن يمنع تكرر ماحدث بالأمس القريب جدا في البوسنة والهرسك الا ارادة الله !.

هذا الوضع الذي أتجرأ على وصفه بالمريع والفظيع لم يستمر طويلا  , وهذا من أعجب الانقلابات الالجتماعية التفسية التي شهدتها في حياتي , لقد بدأت الحقائق تتكشف , وبدأ كذب السياسيين يشكك الشعوب الأوربية بمصداقية مايحدث على أرض الواقع وانقلب السحر على الساحر , لم تمض أشهر معدودة حتى انقلبت الاوضاع وبدأت تعود الى ماكانت عليه من تعايش في غاية الصعوبة بين المجموعتين المضيفة والمهاجرة , نعم بكثير من الحرج والترقب وسوء الظن بل وانعدام الثقة , ولكنها عادت الى عادتها من ذلك التعايش اليومي وذلك الحوار المعتاد انسانيا واجتماعيا , بل أكثر من ذلك لقد تسببت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في بعض الانفراج لدى العرب في أوربة فمن لم يكن يستطيع الصلاة من قبل في الاماكن العامة صار يتجرأ على ذلك , وازداد اقبال الناس بشكل لم نر له مثيلا على المساجد , لقد كانت صلاة التراويح في أول رمضان تلى الحادي عشر من سبتمبر أكبر مظاهرة حاشدة للعرب والمسلمين في وجه هذا المجتمع الذي أغلق أبوابه في وجه التفاهم وضرب صفحا على كل الأيادي البيضاء التي قدمها العرب والمسلمون بمجموعهم لهذه البلاد وعلى رأسها رفدها باليد العاملة الشابة والرخيصة .

لقد احتشد الناس في المساجد ليقولوا للشعب الاسباني ولاوربة وللولايات المتحدة اننا أبرياء واننا أناس مسالمون واننا لسنا ارهابيين وان المعركة الدائرة في بلادنا بين الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل وبين المجاهدين في كل مكان لاينبغي أن تنتقل الى الارض الاوربية , لقد كانت هناك رغبة متفجرة في تفجير هذه الآلام المكبوتة , هذه الأحلام المذبوحة التي حولت مشاعر المجتمعات الاوربية تجاهنا من مشاعر الرفض والاحتقار الى مشاعر الخوف الهائل والانكماش .

بعد هذه التجربة الأليمة والمذهلة خرج المجتمعات الغربية بقناعة شبه ثابتة وهي أن المسلمين في الغرب لايمكن دمجهم ولاتذويبهم ولاردهم عن دينهم , شيء يشبه الياس منا , وبدلا من أن تيأس الجاليات بسبب سوء المعاملة البالغ والرفض والكراهية والتضييق النفسي على الناس , فقد أصاب اليأس أصحاب البلاد الى درجة أن مررنا بمرحلة تركونا فيها وشأننا لولا أن تفجرت أزمة الحجاب في فرنسة !.

أظن أن تقديمي لهذه التجربة كفيل وحده بالقاء الكثير من الضوء على معاناة المسلمين في الغرب وعلى أوضاعهم بعد الحادي عشر من سبتمبر وعلى الآليات التي يجب أن تتخذها الجاليات لاللخروج من مأزقها في الربط بين الاسلام والارهاب ولكن للتبصر بمستقبل لاأراه كثير الاشراق بسبب من اصرار جهات خفية تدير العالم على تأجيج نيران صراع قادم لامحالة مالم تنتصر القدرة لدينا على الالتزام بديننا كما نزل وتغليب حضارتنا على ثقافاتنا , ومالم ينتصر لدى الغرب عشقه للحرية والاانسانية وحقوق الانسان والقيم الديمقراطية , ويستطيع تجاوز مأزقه التاريخي هذا باثارة صراع معروف النتائج في زمن نحن أحوج مانكون فيه الى هدم الاسوار وتنشيط الحوار واحترام الانسان وانقاذ البشرية من ىلامها وعذاباتها.