د. مأمون جرار

الدكتور مأمون جرّار

أجراها : محمد صالح حمزة

لا أدري لماذا يُعيدني الدّكتور مأمور جرّار إلي أيام التوجيهي.. عندما كنّا نكتب مواضيع الإنشاء لنقول فيها في باب الوصف: "إنّه شعلة من الذّكاء" و"لو تجسّد التواضع لكان هذا الرّجل" و"إنّه مثال في التّجرّد والتّضحية" إلى آخر هذه الجمل والعبارات التي تكاد تكون محفوظة من قبل الجميع..

والأصل أن نُعبّر عن أفكارنا ووصفنا للرجــال بروح جديدة ولغة مختلفة. ولكن القلم أبى إلاّ أن يستحضر هذه التعابير في وصف الدكتور أبي علاء الذي شغل، خلال مسيرته الطيبة، أكثر من موقع: في العمل الخيري، والعمل الدّعوي.. وفي ساحات الأدب والفكر.. إلخ لم تفارقه فيها ميزة التّجرّد والاستعداد الكامل للتنازل عن موقعه في سبيل إنجاح العمل الذي هو بصدده..

يشغل اليوم –إلى جانب التدريس في الجامعة- رئاسة المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الأردن.. والتي تَعِدُ على يديه بالكثير من النّضج والعطاء لما يوليها من اهتمام وجهد غاية في الإخلاص والإصرار لا سبيل معهما إلاّ النّجاح –بإذنه تعالى- في توجيه مسيرة الأدب الإسلامي وجهتها المأمولة في تحفيز الطاقات وتوظيف الإبداعات من أجل ضخّ نسغ الحياة ومكارم الأخلاق في عروق الإنسانية المهدّدة بغول المادية الذي ينوء بكلكله عليها مستهدفاً روحها وأخلاقها..

كان لنا مع الدكتور مأمون، حفظه الله، هذا اللقاء الذي تميّز بالبساطة والصّراحة المحبّبتين.. فإلى هذه الواحة العطرة الطّيبة:

هل لكم أن تقدّموا للقرّاء بطاقتكم الشّخصيّة؟

مأمون فريز جرار من مواليد عام 1949 في قرية صافور الواقعة بين نابلس وجنين في فلسطين.

دراستكم: الشّهادة ـ سنة التّخرّج ـ مكان الدّراسة

أ- ليسانس في اللغة العربية وآدابها سنة 1971 الجامعة الأردنية.

ب- دبلوم التربية سنة 1973 الجامعة الأردنية.

ج- ماجستير في اللغة العربية وآدابها سنة 1980 الجامعة الأردنية.

د- دكتوراه في منهج الأدب الإسلامي سنة 1407هـ/1987 جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/الرياض.

إنتاجكم: كتب – دراسات – دواوين شعر – مقالات "وفي أيّ الصّحف تنشرون" – المطبوع منها، والمخطوط

1- الكتب المطبوعة:

القدس تصرخ (شعر) ـ دار البيان/الكويت     1969

قصائد للفجر الآتي (شعر) ـ مكتبة الأقصى/عمّان

مشاهد من عالم القهر (شعر) ـ دار البشير/عمّان

أصداء الغزو المغولي في الشّعر العربي ـ مكتبة الأقصى/عمّان (رسالة الماجستير).

الغزو المغولي أحداث وأشعار ـ دار البشير/عمّان

الاتجاه الإسلامي في الشّعر الفلسطيني الحديث     ـ دار البشير/عمان

خصائص القصّة الإسلامية ـ دار المنارة/جدّة (رسالة الدّكتوراه).

شخصيّات قرآنية ـ دار البشير/عمّان

من قصص النّبي صلى الله عليه وسلم ـ دار البشير/عمّان

نظرات إسلامية في الأدب والحياة ـ المكتب الإسلامي/بيروت

فنون النثر العربي القديم ـ جامعة القدس المفتوحة

(بالاشتراك مع د. خليل أبو رحمة)

صور ومواقف من حياة الصّالحين (10 أجزاء) ـ دار البشير/مؤسسة الرسالة

صور ومواقف من حياة الصّالحات   (جزآن) ـ دار البشير/مؤسسة الرسالة

2- المقالات: بدأت بالكتابة في الصحف منذ الستينات وبدأت في بعض الصّحف الأردنية وبخاصة المنار المقدسيّة، والمجتمع التي أصبح اسمها الشهاب/بيروت. وفي البلاغ الكويتية والمجتمع الكويتيّة على قلّة. وفي مجلّة الأمّة القطرية، ومنار الإسلام الإماراتية، وفي القافلة السّعودية، وفي الخفجي السّعوديّة، وفي المسلمون السّعودية.

الإنتاج الذي تعتزّون به أكثر من غيره.. ولماذا؟

( صور ومواقف من حياة الصّالحين ) و ( صور ومواقف من حياة الصّالحات ). وهذان العملان ثمرة تفرّغ لمدة سنة في دار البشير في عمّان، حيث اتفقت مع صاحب الدّار الأستاذ رضوان دعبول على إنجاز هذين العملين، وقد وفّق الله تبارك وتعالى ويسّر إنجاز عشرة أجزاء من صور ومواقف من حياة الصّالحين وجزءين من حياة الصّالحات. 

ومبعث الاعتزاز هو أن من المؤلفات ما يأخذ طابعاً تخصّصيّاً، ومنها ما يأخذ طابعاً شعبياً، وهذان العملان من النوع الثاني حيث أرجو أن يلقيا الرّواج ويحقّقا الرسالة التي هدفت إليها من تأليفهما.

وقد عشت فيهما مع نماذج من الصّالحين عبر عصور مختلفة غلب عليها عصر الصّحابة والتّابعين، ولكنّه امتدّ إلى العصور الوسطى في الجزء الأخير.

العمل الحالي

التدريس في جامعة العلوم التطبيقية في عمّان منذ سنة 1993.

نبذة عن مجالات العمل السّابقة

التدريس في مدارس وزارة التربية والتعليم في الأردن من عام 1971-1980.

التدريس في مدرسة العروبة/الشارقة لعامين 1980-1982.

التدريس في جامعة الملك سعود من عام 1982-1990.

التدريس في عدد من المؤسّسات التعليمية لعام 1990/1991/الأردن

التدريس في جامعة عمّان الأهلية 1991/1992

التّفرّغ للكتابة لسنة واحدة/دار البشير 1992/1993.

آمال عزمتم على تحقيقها: ماذا تحقّق منها، وما الذي لم يتحقّق بعد...؟

من الأعمال المأمولة التي بدأتُ بها وأرجو أن تتمّ:

أ- دراسات في الأدب الإسلامي. وقد أنجزت منها حلقات.. أو مقالات أرجو أن تستكمل.

ب- الحضارة الإسلامية في رحلة ابن بطوطة: وقد اجتمعت لديّ المادة الخام وأنجزت بعض فصول هذه الدراسة ونشرتها في مجلّة الخفجي.

ج- بحوث في الأدب في القرن الحادي عشر الهجري: وبين يديّ ثلاثة بحوث بحاجة إلى جهد قليل لاستكمالها.

الساحة الأدبية تعجّ بأدعياء الأدب، ورافعي راية الحداثة، كيف تنظرون إلى هذا الواقع.. وماذا تقولون لهؤلاء؟

الساحة الأدبية المحليّة والعربية ميدان سباق، ومن أراد أن يُثبت وجوده فإنّ عليه أن يُديم الحضور فيها، وأن يُثبت وجوده بالأعمال ذات الجودة العالية لا بالأماني. ومن يتسابقون في هذا الميدان يختلفون في اتجاهاتهم الفكرية. وعلينا أن لا نُلقي إحباطنا الذّاتي أو ضعف المستوى الفني لدى بعض أدبائنا الإسلاميين على كاهل الآخرين. فهم يجتهدون ويصلون إلى مراتب، إن اجتهدنا وصلنا إلى أعلى منها.

أعداء الإسلام يتّهمون الإسلاميين باحتكار الحقيقة.. وبالتالي نفي الآخر.. كيف تردّون على هذه الفرية، وما هو حكم الإسلام تجاه الرّأي الآخر؟

الأصل في الإسلاميين أنّهم دعاة خير، وهم لا يقفون موقف الادّعاء بل مواقف الهداية والرّحمة. وعلاقتهم بالآخرين هي علاقة الدّاعي والمدعو ولنا في موقف الرّسول صلى الله عليه وسلم أسوة حين جادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن استجابة لقول الله تبارك وتعالى:

 [ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ](العنكبوت:46). و[ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ] (النحل:125).

وسعي الإسلاميين الذين يتّبعون شرع الله وتوجيه رسوله الكريم هو إلى هداية الآخر لا إلى نفيه. ولا أخفي عليك أن بعض الإسلاميين لا يسلكون سبيل الحسنى في عرض دين الإسلام ولا يُحسنون التعامل مع الآخرين ومن هنا يأتي بعض الخلل.

الأمّة العربية والإسلامية تمرّ بمرحلة غاية في الدّقة والخطورة.. كيف تنظرون إلى ذلك.. وما هو في رأيكم الدّاء.. وما هو الدّواء؟

تتعرّض كلّ الأمم إلى مراحل من المدّ والجزر، ومراحل من القوّة والضّعف. وهذه المرحلة التي تمرّ بها أمّتنا من مراحل الجزر السيئة في تاريخها. لقد مرّت بمرحلة الحروب الصليبية، ثمّ الغزو المغولي، ولكن ما تعيشه اليوم أمر مختلف، لأنّ معادلة القوى الدّولية مختلفة، وعناصر القوّة والضّعف في الأمة مختلفة.

هناك موانع داخليّة ترعاها قوى خارجيّة تحول بين الأمّة والوحدة، والتّقدّم العلمي، وتحارب كلّ عوامل الصّحو أو الوعي لأنّها تشكّل خطراً على تلك القوى. ومع ذلك فإنّ قانون التّدافع [ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ ] (البقرة:251) لابدّ أن يأخذ مجراه، ومعادلة القوى الدولية لن تمتدّ إلى ما لا نهاية، وهناك عوامل غير منظورة تأتي كيد الأعداء من حيث لا يحتسبون، وذلك ثمرة من ثمرات الرعاية الربانية لدينه [ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. وَأَكِيدُ كَيْداً. فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ] (الطارق:15-17).

وهناك البشائر التي تلوح هنا وهناك في آفاق العالم الإسلامي تبشّر بالوعي الرشيد وتبعث الأمل بعودة هذه الأمّة إلى موقع الريادة، ومكان الصّدارة بين الأمم.

ماذا يجول في الخاطر وتودّون أن تقولوه للقارئ؟

يجب أن لا ينسى الواحد منا من هو..؟ فإذا نسينا فإن أعداءنا لم ينسوا ولن ينسوا.

ويجب أن يحسن الواحد منا الوقوف على الثغرة التي هو عليها.

ويجب أن ندرك هذا العصر الذي نحن فيه وتبعاته ومسؤولياتنا فيه.

ويجب أخيراً أن نتسلّح بالأمل والعمل والثقة بنصر الله لهذه الأمّة مهما بدت الأمور على غير ما نحبّ.

أفراد العائلة: وهل يحمل أحد منهم نفس اهتماماتكم.. وطريقة تفكيركم. ومنظاركم للحياة بشكل عام؟

من الملاحظ أن كثيراً من أهل العلم والأدب لا يستطيعون نقل الخبرة التي يحملونها إلى ذرياتهم من بعدهم! وفي القرآن الكريم نماذج وشواهد على عدم التطابق بين الآباء والأبناء!

فقد يكون الأب مؤمنا والولد كافراً (نوح وابنه).

وقد يكون الولد مؤمناً والأب كافراً (إبراهيم وأبوه).

ولو كان كلّ شاعر يُنجب شاعراً، وكلّ عالم يترك من أولاده علماء لوقع الاحتكار للعلم والأدب. وكلٌّ ميسّر لما خُلق له.

أما أولادي..

فأكبرهم بنت في نهاية السنة الثالثة من التعليم الجامعي وتدرس الإرشاد والتوجيه النفسي.

والولد الذي يليها يدرس في كلية مجتمع تخصص الراديو والتلفزيون، وهذا اتجاهه ورغبته حيث حصل على الثانوية الصناعية.

والذي يليه في الصف الأول الثانوي.

وقد تميّز من بينهم ابني مجاهد وهو ذو صوت ندي وله مشاركات في بعض الاحتفالات وصدر من قريب شريط تضمّن أنشودة له. وقد أنجز شريطاً آخر بصوته أرجو أن يصدُر عن قريب. ولعل ابنتي الصغيرة التي هي في الصف الأول الأساسي تُبشّر بمستقبل أدبي حيث تبدو عليها مخايل الأدب.

إنّ من أكبر المشكلات المعاصرة مشكلة ضبط الأبناء والبنات بالاتجاه المرغوب.. وأحمد الله على أنّ أولادي في الخطّ الذي أُريد، وإن كان طموحي وآمالي أكبر من واقعهم، ولكنّ المستقبل أمامهم وأرجو أن يكون خيراً.