حوار مع ميكائيل بليخيو

حوار مع ميكائيل بليخيو

Micael Ibrahim Blicksjo

يحيى أبو زكريا

المشرف العام  البرامج السياسية والإخبارية

[email protected]

[email protected]

السويدي الذي أسلم و فتح مدرسة إسلامية لتعليم الإسلام لأبناء الجالية المسلمة في السويد أصبحت ظاهرة المتحولين إلى الإسلام في الغرب ملفتة للنظر , فأعداد الغربيين الذين أسلموا ويسلمون باتت مدهشة للغاية , و لم يعد الأمر مقصورا على فئة دون أخرى بل إنّ المتحولين إلى الإسلام في الغرب يتنمون إلى الجنسين معا , و إلى مختلف المستويات العلمية والأكاديمية ,  كما فعل أخيرا الفيلسوف السويدي هوجان لارسون الذي أعلن عن إسلامه في السويد , وقد حدث ذلك بعد دراسات مستفيضة عن الإسلام قام بها لارسون الذي توجّ كل ذلك بإعلان إسلامه في مدينة مالمو في الجنوب السويدي , ومن هؤلاء المتحولين السويدي ميكائيل بليخيو الذي سمّى نفسه إبراهيم , لم يكتف بإعلان إسلامه بل تعمقّ في الدراسات الإسلامية وفتح مدرسة إسلامية في مدينة أوبسالا السويدية لتعليم أبناء الجالية المسلمة في السويد تعاليم دينهم ...و قد كان لنا معه هذا اللقاء ..

هل لك أن تحدثنا عن حياتك قبل الإسلام في السويد !

على إمتداد حياتي و منذ أن بدأت ذاكرتي تعي كنت على الدوام أؤمن بأنّ الله موجود , لكن هذا الإعتقاد لم يكن مؤثرّا في حياتي , أو موجها لها , فهذا الإعتقاد كان في واد , و حياتي في واد آخر , لقد كانت حياتي مليئة بالمشاكل والعقد والإنكسارات , فقد توفيّت أمي عندما كان عمري 14 سنة , و سافر أبي إلى منطقة أخرى وقطن فيها , وتولى أخي الأكبر رعايتي , و كان مرا في رعايته لي , الأمر الذي جعلني أتوجّه إلى شرب الخمور و أتعاطى المخدرات – الحشيش على وجه التحديد ..والحمد لله أنني إكتشفت الإسلام , الذي منحنى الطمأنينة و اليقين والآمان و نقلني من دوائر الضياع و الهلكة و إلى دائرة النور والإستقرار و العبودية , وقد إكتشافي للإسلام إلى معرفة كم هي الجاهلية مضرة للإنسان , و كم هي الهداية خلاقّة ورائعة و تصون فطرة الإنسان ...

وكيف إكتشفت الإسلام !

عندما كان عمري 17 سنة تعرفّت على عائلة من إرتيريا تقيم في السويد , و كنت عندما أزور هذه العائلة كنّا نتناقش حول الديانات و الإسلام , و الخصوصية الموجودة في الإسلام و ما إلى ذلك من المواضيع ذات الصلة , وهذه النقاشات لم تكن لتوصلني إلى الإسلام , فقد كنت أعتبرها مجرد نقاشات عادية خصوصا بعد أن إستقرّ آلاف المسلمين في السويد و أصبحوا ظاهرة حقيقية , و أعترف أيضا أنني بدأت أحب هذه النقاشات الحيوية , حيث عندما بلغت سنّ العشرين إستعرت النسخة السويدية من القرآن الكريم و أخذت أقرأ بتمعّن كل ما ورد في القرآن الكريم , وكان يهمني في هذه المرحلة عقد مقارنة بين الإنجيل وقد كنت قرأته والقرآن الذي تعرفت عليه حديثا .و الطريف أيضا أنّ العائلة الإرتيرية قالت لي : أنّ القرآن مقدس بالنسبة للمسلمين  ولا يجوز لمسه إلاّ إذا كان الإنسان متوضئا , و نصحوني بالوضوء لقراءة القرآن الكريم , فوجدت نفسي أتوضأ تلقائيا بعد أن دلوني إلى كيفية الوضوء ..

و ضعت القرآن الكريم التي ترجمت معانيه إلى اللغة الإنجليزية و التي قام بها عبد الله يوسف علي  في كيس , و في داخله قصاصة ورق كتب عليها كيفية الوضوء , و توجهت إلى بيتي , حيث توجهت رأسا غلأى الحمام وبدأت بالوضوء كما كتب لي على الورقة , و عندما إنتهيت من الوضوء شعرت بإشراقة ما في قلبي و أحسست براحة عجيبة جديدة عليّ , وبعد الوضوء شرعت في قراءة معاني القرآن الكريم .

الله أكبر , مشاعر عدة إنتابتني وأنا أقرأ القرآن , فرح داخلي و إنفراجة في الصدر , و أدركت تلقائيّا أنني مسلم ..و ظللّت أقرأ القرآن الكريم , و أقرأ , لم أشعر مطلقا بالملل , وبعد ثلاثة أسابيع من قرأءة القرآن و بعض الكتب نطقت بالشهادتين , قائلا : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله , عليه الصلاة والسلام .

وبعد أن أسلمت لم أتمكن من الذهاب إلى المسجد لإعلان شهادة إسلامي , كنت أظنّ أنّ المسلمين و كما يصورهم الإعلام الغربي أصحاب لحى طويلة وكثيفة و يحملون دوما سكاكين لقتل الناس , لكن و عندما توجهت إلى المسجد وجدت كل الرعاية من المسلمين الذي ساعدوني و إستوعبوني .

هل أثرّ عليك عدم إلتزام كثير من المسلمين بإسلامهم !

هذا يتوقف على نوعية السلوك , فإذا كان المسلم في الغرب أو في العالم الإسلامي لا يصلي , فالله تعالى هو الذي سيتولى أمره , و ربما الأثر يختلف عن أثر تأثير الجرائم التي يقترفها بعض المسلمين في الغرب حيث أن ذلك يؤثرّ سلبا على نمو الإسلام في السويد وفي الغرب على السواء ..

فأنا عندما أحدث السويديين غير المسلمين عن الإسلام كونه دين سلام وآمان , ثمّ يتعرض هؤلاء السويديون للسرقة من قبل أشخاص مسلمين , فهذا الشيئ ينزع الصدقية عن دعوتي الإسلامية وسط السويديين والغربيين .

إنّ عدم إلتزام المسلمين بإسلامهم في الغرب يؤثّر إلى أبعد الحدود على تطور الإسلام وتكامله في الغرب وخصوصا قضايا المعاملات , ولهذا عندما نحدث الغربيين عن الإسلام يحدثوننا فورا عن السرقات والإغتصاب والسطو وبيع المخدارت التي يضطلع بها أشخاص يحملون أسماء إسلامية للأسف الشديد , و هنا تبدأ صعوبة دعوة الغربيين إلى الإسلام الذين يربطون فورا بين تصرفات المسلمين والإسلام و يعتبرون هذه التصرفات السيئة من وحي الإسلام .

ومع كل ذلك , كيف ترى مستقبل الإسلام في الغرب والعالم !

يعتبر الإسلام من الديانات الأكثر إنتشارا في أوروبا و يمكن القول أنّ للإسلام مستقبلا كبيرا في أوروبا , منذ أن أسلمت وإلى يومنا هذا شاهدت إقبال الآلاف على الإسلام في كل أوروبا , وسيصبح بالتأكيد الديانة الأكثر إنتشار من شمال أوروبا وإلى جنوبها , وأنظر على سبيل المثال إلى إنتشار الإسلام في فرنسا , فعلى رغم دعاية اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين هناك , إلاّ أنّ الإسلام يتطور ويتقدم بشكل مدهش في فرنسا وغيرها ..

وكما يقول الحديث النبوي الشريف أو الذي معناه أنّ الإسلام سيشّع مجددا على الكون والمعمورة . وعالميا ستحول الإسلام إلى أصعب رقم في المعادلو الدولية , و الدلائل والمؤشرات كلها تدلّ على ذلك .

كيف كانت ردة فعل أقاربك و المجتمع السويدي عندما دخلت الإسلام !

لقد كان  الأمر صعبا في البداية , قد أبتليت أشدّ البلاء في طريق إسلامي , فقد تنكرّت لي عائلتي و غادرت بيتي حاملا معي بعض أغراضي , أصبحت أنام في المساجد و لدى بعض الإخوة الذين فتحوا لي بيوتهم والحمد لله . و قد قاطعني أقرب الناس إليّ وباتوا لا يتصلون بي , وهو الأمر الذي أحزنني و أغمنيّ , وكثيرا ما كنت أعود في هذه المرحلة إلى القرآن الكريم مرددا من تلقاء نفسي سورة الكافرون , وأتوقّف عند قوله تعالى : لكم دينكم وليّ ديني .........

لقد أصررت على إسلامي , و كنت دوما اردد لكم طريقكم ولي طريقي , و قد أدخلني هذا الإصرار في صراع مع مكاتب العمل وأسواق العمل وعموم المجتمع السويدي .

من هذا المنطلق , كيف تنظر إلى حظر الحجاب في فرنسا!

مبدئيا أقول ساعد الله أخواتنا هناك , لقد خالف النظام الفرنسي أبسط المنطلقات الديموقراطية , و أبسط قواعد حقوق الإنسان الذي يتبجّح بها الغرب , وعلى الأخوات في فرنسا أن يناضلن من أجل حقوقهن , و الجاب حق و هذا الحق مكفول في الدساتير الغربية , و إلاّ كانت الديموقراطية الغربية حكر على الإنسان الغربي و تعني الشهوات والحيوانية فقط ..

وكيف ترى ما أقدمت عليه جريدة يولاند بوستن الدانماركية التي تطاولت على النبي محمد عليه الصلاة والسلام !

أتصوّر أن ما أقدمت عليه جريدة يولند بوستن قد خدش كل الإحترام , و قفز على كل المسلمات والمقدسات , و يجب أن نسأل أنفسنا لماذا فعلت يولاند بوستن ذلك  ! ولماذا لقيت دعما من أكثرية غربية لا تفهم الإسلام ! وبناءا عليه يجب أن نسعى جاهدين لتقديم الوجه الحضاري للإسلام في الغرب , و إيصال المحتوى الحضاري للإسلام إلى كل الجهات في الغرب ..

و أتصوّر أنّ السيرة النبوية حافلة بعشرات الدروس التي يمكن إقتباسها في راهننا , فلطالما ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام بالحجارة وهو يصلي , و كان أحدهم يضع القمامة قرب بيته , لقد جابه رسول الله كل أولئك بالأخلاق الحسنة التي جعلت أعداءه يقرون في النهاية بعظمة الإسلام ...

لماذا أخفق مسلمو أوروبا في دخول معترك السياسة الأوروبية !

في الواقع قد قرأت العديد من الدراسات الإسلامية و الفكرية والسياسية التي تتمحور حول آلية العمل السياسي الإسلامي ضمن منظومة سياسية غير إسلامية

والواقع أن مشاركة المسلمين ضرورية في العمل السياسي الغربي حتى يؤثروا على مجريات القوانين التي ستؤثر على حياتهم بالتأكيد .

فمسلمو فرنسا لو كان لهم وجود كبير داخل البرلمان الفرنسي لأمكنهم إلغاء قانون حظر الحجاب أو عرقلته على الأقل , و على ذلك فقس ..

ونفس الشيئ ينطبق أيضا على أمريكا , فلو  أنّ المسلمين كان لهم مشاركة سياسية فاعلة لما بلغ التعاون الإسرائيلي – الأمريكي مداه هناك ..

ماهي في نظرك أحسن الوسائل والطرق لنشر الإسلام في أوروبا !

مبدئيّا يجب أن يكون لدينا تخطيط بعيد المدى , ولا يجب أن نقع في معضلة إستعجال قطف الثمار , فالقرآن الكريم ظلّ وعلى إمتداد ثلاث وعشرين سنة يتنزّل على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام , ولا يجب التركيز فقط على فقه الحلال والحرام بين الغربيين , فالأولى تعريف الغربيين بأصول العقيدة و ماهية التوحيد لأنّه الأصل , و الفروع تأتي بعد ذلك , فمن غير المنطقي أن نحدث الغربي عن حرمة لحم الخنزير و شرب الخمر , قبل أن نحدثّه ماهية الوجود ومن أوجد هذا الوجود , و فلسفة الكون و الرؤية التوحيدية عبر مقارنات ما هو مطروح في الفكر الغربي وغير ذلك ...

وما زلت أعتقد أن في سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أكبر الإستراتيجيات في آليات نشر الإسلام في أوروبا .

أنت شخصيّا , ماذا كنت تعرف عن الإسلام قبل إسلامك !

لم أكن أعرف الكثير عن الإسلام , لقد كان الإعلام الغربي هو المرجع بالنسبة إلي في فهم الدين الإسلامي  و حياة المسلمين , وفي الواقع فإنّ الإعلام الغربي يلعب أكبر الأدوار في تشويه الإسلام والمسلمين .

وكيف تنظر إلى الخلافات بين المسلمين في الغرب وفي العالم الإسلامي !

أن يختلف المسلمون في الأراء الفهية والفكرية , فهذا أمر كان وسيظل منذ مئات السنين , لكن أن يتحوّل هذا الخلاف إلى فتنة بين المسلمين فهذا أمر غير مقبول مطلقا , خصوصا و أنّ الرسول دعا الله أن يقيّ أمته من الفتنة .

أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا فهذا غير مقبول ويعتبر جريمة كبيرة في الإسلام , وللأسف الشديد فقد أصبح الخلاف المفضي إلى الفتنة بين المسلمين كالسرطان الذي ينهش الجسم القويّ ويرديه صريعا .

وبالنسبة إليّ فإنّ الإسلام منحني الطمأنينة و السلام وسوف أستمر مسلما إلى أن ألقى الله .....

هل يهتم الأوروبيون عادة بدراسة الإسلام !

لقد تبينّ لي أنّ العديد من المراهقين و الشباب الغربيين يبدون حرصا على دراسة الإسلام , و دورنا و واجبنا أن نريهم الطريق المستقيم .

كيف تقدمّ وسائل الإعلام الغربية الإسلام !

كل وسائل الإعلام في الغرب تقدّم الإسلام بطريقة سلبية للأسف الشديد , و مع كل الخبث الموجود في هذه الوسائل إلاّ أنّها أحيانا تقدمّ وتحديدا الشاشات الصغيرة أفلاما وثائقية عن الإسلام تكون سببا في تعريف الكثير من الأوروبيين الإسلام أو أقلا تحملهم على التفكير في ماهية الإسلام وجوهره , و في نظري فإنّ المهم هو أن نقدمّ الإسلام بصورة نقية وحضارية و أخلاق المسلمين الحسنة في الغرب هي الفيصل في نشر الإسلام بشكل صحيح في الغرب .

و هل أثرّ العنف في البلاد العربية والإسلامية على إهتمام الغربيين بالإسلام !

بالتأكيد فإنّ هذا أهم ما يؤثّر على الغربيين و يحول دون تواصلهم مع الثقافة الإسلامية , وهذا العنف المتداول في العالم الإسلام لم يؤثّر على الغربيين و يجعلهم غير قادرين على إستيعاب حضارية الإسلام , بل أثرّ علينا كمسلمين غربيين من ناحية نشر الإسلام بين الغربيين .

مع أي المنهجين أنت , مع حوار الحضارات أو صراعها !

بطبيعة الحال أنا مع الحوار قلبا وقالبا , وهذا أساس إسلامنا وقرآننا , فالمولى عزّ وجلّ يدعونا في قرآنه إلى إستخدام البينّة و الحجّة والبرهان .. ولا إكراه في الدين , والإسلام لم ينتشر قطّ بالعنف و الإجبار بل إنتشر بالبينّة و الحكمة , وهذه المنطلقات هي التي قامت عليها الحضارة الإسلامية , وبنيت عليها الدعوة الإسلامية .

ماذا منحك الإسلام !

لقد منحني الإسلام كل شيئ , منحني الطمأنينة والسلام , لقد علمني الإسلام كل شيئ على الصعيد الشخصي والإجتماعي و علمني دفئ الأسرة , و جعل لحياتي مغزى هدف , ولا يمكنني في هذا الحوار أن أحصي ما منحني إياه الإسلام , وما أعطتني إياه العبودية للّه تعالى .

لماذا في نظرك نشهد تحوّل الكثير من الغربيين إلى الإسلام !

لأنّ الإسلام واضح ومبسط على عكس المسيحية القائمة على التعقيد , و أهداف الإسلام بينة وواضحة , و هو يمنح الطمأنينة و الإستقرار النفسي للغربيين الذين يؤرقهم قلق الحياة و سرعة إيقاعها بمنأى عن الروح .

فالمسيحية على سبيل المثال وقع فيها تغيير كبير , ووصلنا إلى مرحلة بات فيها رجال الكنيسة في السويد والغرب يقرون الزواج المثلي واللواط و غير ذلك .

ولعلّ الجانب الإيجابي الوحيد في الحضارة الغربية هو هامش الحرية الذي يتيح لنا كمسلمين أن نؤدّي مناسكنا وفرائضنا بدون تدخّل من السلطات القائمة .