مع الشاعرة إيمان بدران

الشاعرة إيمان بدران لـ«السبيل»

الأحداث تجعل المرأة الفلسطينية أكثر تحمساً للمقاومة


رمضان عمر

[email protected]

رئيس رابطة أدباء بيت المقدس / فلسطين

لا شك أن للوطن حضورا بارزا لدي ولا أظن ذلك يعيب تجربتي الشعرية بل لعله يثريها

لنابلس ذاكرة بطعم الزعتر، وأخرى برائحة النار والثوار، وبين هذه وتلك رقة الضمير الإنساني... وانسيابية التصوير الشعري، حيث تربعت فدوى طوقان على عرش الشعرمن قبل ؛ حتى قيل فيها:” خنساء القرن العشرين ، وقبل ان تستقيل سلمت الراية لغير مبدعة .

ومنطق «السبيل» ان ترسل الهدهد فيأتيها بالخبر اليقين من سبأ الشعر في فلسطين ، وهذا ما عاد به الهدهد: لقاء مميز مع مبدعة طروب ، بنت القرآن ، واستاذة الفقه وشاعرة الوطن والمقاومة ، الشاعرة المبدعة “ايمان بدران”.

ليتنا نبدا بك،بتجربتك الشعرية ، فماذا أنت قائلة في ذلك :

-”تجربتي الشعرية بدأت مع بدايات حياتي، وخاصة ما بعد الصف العاشر الأساسي، وتطورت مع مرور الزمن بالمتابعة والقراءة ، وخاصة القرآن الكريم ؛ لتصبح تجربة أكثر نضجا مع الدارسة الجامعية فالماجستير، ولعل أهم محطاتها كان انتمائي لرابطة أدباء بيت المقدس في نابلس ؛حيث صقلت موهبتي الشعرية، وتعلمت من خلال التواصل مع غيري من الأدباء والشعراء الكثير من الأمور المهمة ، خلال تجربتي معها ، ثم بدأ التحرك يأخذ منحى آخر، نتيجة الظروف المستجدة على الساحة الفلسطينية ،التي كان لها تأثير قوي في كل المجالات حتى الأدبية منها.

الادب النسوي، هل يمكن أن يلج ساحة النص المقاوم؟ بمعنى، هل يمكن أن تتحدث المرأة عن المقاومة مثل الرجل؟

- نعم لا شك في ذلك؛ فما يعانيه الرجل في بلاد كفلسطين، لا تنفصل عنه المرأة ، بل لعل تأثرها بالأحداث يجعلها أكثر تحمسا لفكرة المقاومة، وهناك الكثير من الشاعرات الفلسطينيات خضن هذا المجال ولعلني استحضرهنا الشاعرة المبدعة مريم العموري، وبعض ما كتبت فدوى طوقان.

للوطن حضور بارز في شعرك .الام يرجع ذلك ؟ ولماذا غابت الذات عن ابداعك كما افترض؟ وهل لك شعر ذاتي يعبر عن خصوصياتك؟

- نعم لا شك أن للوطن حضورا بارزا لدي ، ولا أظن ذلك يعيب تجربتي الشعرية، بل لعله يثريها. والشاعر- كما تعلم - وليد بيئته ، والمرأة الفلسطينية كما غيرها في المجتمع الفلسطيني يعيش الوطن فيها وتعيش فيه، ولكن هذا لا يعني أنه لا وجود للشعر الذاتي ، أو الإنساني لدي ، بل هو موجود ، ولكن ليس بارزا كما هو الحال بالنسبة للوطن ؛ وهنا أذكر - على سبيل المثال لا الحصر - قصيدة بعنوانعصف الفراق “ أقول فيها :

عصف الفراق بقلبها المتفجعِ

فأسالت الألحاظ فيض الأدمع

من حرقة الوجد المعلق في الهوى

نارا تسعر في الحشا يا من يعي !

من قلبها الباكي حنينا مرهفا

والعين تشكو من فراق مسرع

فرأيتها والدمع أقبل مطرقا

وتمالكته من التجلد تدعي !

هل يمكن للمرأة الملتزمة أن تعبر عن مشاعرها ؟ والى اي حد تستطيع اذا كانت الاجابة نعم؟

- نعم هي تستطيع أن تعبر عن ذاتها ومشاعرها، بالرغم من شعوري الشخصي بوجوب الحذر في تناول هذا الغرض الشعري؛ حتى يفهم في غير سياقه المقصود منه ، وضمن ضوابط الشريعة من التزام الحشمة والأدب في ذلك ؛ فكثيرا ما يحمل ما تقول على معان محذورة ، عادة بالنسبة للمرأة المسلمة

هل أثرت دراستك الشرعية في طبيعة انتاجك الادبي ؟

نعم هذا مؤكد، ولكن تأثيرها لم يكن سلبيا بالمفهوم الذي يوحي به السؤال، ولعل التأثير الأقوى هو من الناحية اللغوية ؛ فحفظي للقرآن الكريم أثر على طبيعة استخدامي للمفردات والتراكيب، وكذلك القراءة في المتون القديمة للفقه الإسلامي، وإضافة لذلك فقد كانت دراستي الشرعية مساعدة لي على اختيار الإطار الفني والرسالي من الشعر، حتى من خلال حديث المشاعر الخاصة أحيانا .

هي احب أعمالك إليك ؟

- سؤال ربما من الصعب الجزم به؛ فأنت تعرف أن الشعر إنما يصب من المشاعر، وكل كلمة تخرج مني أحسبها كجزء مني لا بنفصل ، ولكن لعل أكثرها قربا مني هي “هذا اليراع بضاعتي “ وهي في مدح النبي - عليه الصلاة والسلام - حيث أنني سعدت بها، وشعرت أنني انتصر لكرامتي أنا ، وليس لقدر النبي فقدره معروف وكلما قرأتها تذكرت ذلك:

هلا اعطيتنا نماذج منها؟

-نعم.

اللهَ أحْمدُ ثم أمْدَحُ أحْمَدا

هُوَ واحَةُ الإِيمانِ يُنْبُوعُ الهُدَى

فَبِمَدْحِهِ الرَّيْحَانُ فَاحَ أَريجُهُ

وَيِذِكْرِهِ رَوْحُ السَّعادَةِ والنَّدى!

خَيْرُ الأَنامِ مِنَ الخَليقَةِ كُلِّها

وإِلى طَريقِ اللهِ كَانَ المُرْشِدا

لِمَكارِمِ الأَخْلاقِ جَاءَ مُتَمِّمَاً

وَلِجَذْوَةِ الإِيمانِ جَاءَ فَأَوْقَدا

ولأُمَّةٍ عَطْشَى لِكُلِّ فَضِيلَةٍ

بَعْدَ الشَّتاتِ لِشَعْثِها قَدْ وَحَّدا

بِرِسالَةِ التَّوحِيدِ أَلَّفَ بَيْنَها

وبِشِرْعَةِ القُرآنِ كَانَ مُؤَيَّدا

يا سَيْدَ الأَكْوانِ ذِكْرُكَ بَلْسَمٌ

فِي ظِلِّهِ الصَّدْرُ العَليلُ تَنَهَّدا

كيف تنظرين الى واقع الادب في فلسطين وما اهم الاشكالات التي تواجه الاديب هناك؟

رغم ان هناك واقعا مؤلما في فلسطين من كل النواحي، وهناك ربما تشتت ثقافي وأدبي بين مرجعيات مختلفة المذاهب الأدبية في فلسطين لكن أرى أن هناك جيلا صاعدا من الشباب الذين قد نعول عليها لاغيير فكري جذري في المستقبل ولكن هذا التغيير يحتاج إلى عمل دؤوب وأناس مستعدين لتكون تيار فكري إسلامي فلست أدري إلى متى ستبقى واجهة فلسطين الثقافية برؤى بعيدة عن العروبة والإلتزام

الروابط الادبية والمشاريع الثقافية للادب الملتزم هل هي واقع ام اماني؟

- حلم يجب أن يصبح واقعا عمليا... وهذا لن يكون إلا بتضامن الجهود، وبدأنا فعلا نرى هذه الجهود في كثير من المناطق وتحت كثير من المسميات منها ما لم يحالفه الحظ في الاستمرار ، ومنها ما تطور أداؤه بشكل ملحوظ، ولعلني أذكر على سبيل المثال رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، هي رابطة تحمل الأدب الملتزم كطريقة، ولكن ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الجهد للارتقاء بالمشاريع المشتركة للأدب الملتزم.

كيف تقرأين الادب الرسالي من خلال الموازنة بين جمالية النص واخلاقية المضمون ؟

- هذا بالضبط ما كنت أقصده في كلامي عن حديث المشاعر، ولعلني قصدت : أن تكون الكلمة ذات رسالة ، حتى لو كانت تتحدث عن تجربة شخصية، أو ذاتية ؛ فلا بد من الهدف والغاية في بوتقة من الجمال الفني والإبداعي، فهذا هو الطريق، وهذا هو فهمي للفن والجمال في النص ، وهو جمالية النص والمضمون، وهذا هو النوع الأدبي الذي أتبناه.