حوار مع الفنّانة السويدية ريجينا مكويكي التي أسلمت

من كتاب / المتحولون إلى الإسلام في الغرب

حوار مع الفنّانة السويدية

ريجينا مكويكي التي أسلمت

يحيى أبو زكريا

المشرف العام  البرامج السياسية والإخبارية

[email protected]

[email protected]

يعتبر الفنّان السويدي الشهير إيفان أغيلي  Ivan Agueli  المولود في 24 مايو – أيّار  1869 و المتوفّي في الأول من أكتوبر – تشرين الأوّل  1917  من أشهر الفنانين السويديين الذين تركوا بصمات عميقة وواضحة في المدرسة السويدية الفننية بكل منعرجاتها , و ما زال فنّ إيفان أغيلي مؤثرا على الأجيال السويدية الراهنة التي خلدّت ذكراه في متحف فني شهير  يحوي لوحاته فقط في مدينة سالا السويدية , و قد أصبحت لهذا الفنان مدرسة فنية خاصة تعرف بإسم مدرسة إيفان أغيلي . ولم يكتف أغيلي بدراسة الفن في العديد من الدول الغربية بل درس الحضارة العربية و الإسلامية و درس القرآن على وجه التحديد و أسلم و صرح بذلك في وقتها , و قد خصص دارسوه فصول بكاملها عن إسلامها و ربطوا بين روحانية الفن و الإسلام الذي إنتهى إليه أغيلي , وتشاء الظروف أن تنهج فنانة سويدية شهيرة في السويد نهجه و تتألق في فنّ الرسم وتحصد جوائز كبيرة و منح من مؤسسات ثقافية سويدية لها وزنها في السويد , و إنتهت هي الأخرى إلى الإسلام و تلتزم به عقيدة و شريعة و تقرر إرتداء الحجاب و تواصل عرض لوحاتها الفنيّة في كبريات القاعات بحجابها الذي تشبثت به , بل إنها باتت تستلهم من الإسلام موضوعات للوحاتها التي لاقت شهرة واسعة في السويد و التي كانت ولا زالت محور حديث الصحافة الثقافية في السويد , إنها الفنانة و الأستاذة السويدية ريجينا مكويكي
Regina Mucwicki التي ستحدثنا عن رحلتها إلى الإسلام و إيمانها به عقيدة وشريعة ومسلكا في الحياة وعن إكتشافها للإسلام عن طريق الفنّ والتي باتت تعرف بعد إسلامها بإسم ريجينا حوّاء ..وقد تخرجّت حواء أو ريجينا من مدرسة الفنون العليا في العاصمة السويدية ستوكهولم , و ما زالت تواصل عملها كفنانة و تقيم معارض في أنحاء السويد , كما تعمل كأستاذة لمادة الفن والخياطة والتطريز الذي برعت فيه , و كثيرا ما تدوّن الآيات القرآنية على لوحاتها , من قبيل الله نور السموات والأرض وغير ذلك  . و قد كان لنا معها هذا اللقاء عن تعرفها على الإسلام في مجتمع سويدي عرف عنه أنّه مجتمع المجون و الشهوات ..

كيف كانت رحلتك بإتجّاه الإسلام !

ولدت في سنة 1960 في منطقة ريفية تقع في جنوبي نورلاند في السويد , عائلتي تتألف من أبي وأمي و أختي الكبيرة ,  لقد كان أبي يعيش في بولونيا فهو بالأساس من أصل بولوني جاء إلى السويد في سنة 1948 أي بعد إنتهاء الحرب الكونية الثانية و إستيلاء الروس على بولونيا و سيطرة الشيوعيين على مقاليد الحكم هناك , وكان أبي يخططّ أن يكمل طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية , و قد رتبّ كل الأوراق الضرورية من إجازة عمل وغير ذلك بل حتى أنّه عثر على عمل هناك , غير أنّ القدر كان يريد لنا غير ذلك , فقد تعرفّ أبي على أمي السويدية و قررّ العيش في السويد  و لجأ والدي إلى رعاية الخيول و أقام لذلك إصطبلا , و قد كانت هذه الأجواء الطبيعية التي عشتها في طفولتي بداية علاقتي بالفن .

طفولتي كانت سعيدة للغاية فقد عشت وسط أسرة كاثوليكية , وقد حاولت عائلتي عكس الأجواء الدينية الكاثوليكية عليّ و على تربيتي , و كانت عائلتي تضطّر إلى الإنتقال كل أحد إلى المدينة الكبيرة لزيارة الكنيسة , كان يوجد هناك مكان خاص بالراهبات عرف بأخوات إليزابيت , وهناك أيضا تعلمت أشياء كثيرة عن الإيمان باللّه , لكن لم يكن يدور في خاطري أن أصبح راهبة , فقد كان لدي ما يكفي من الإعتقاد باللّه .

كنت أحلم أن أصبح بيطريّة و لذلك درست المواد الطبيعية في الثانوية المتخصصّة في العلوم الطبيعية , و في المرحلة الثانوية بدأت ملكة الفنّ تسيطر عليّ , كما بدأت أطرح أسئلة موضوعوية حول الكنيسة و الوضع الكنسي , فالتثليث و كون القسّ هو الواسطة بين اللّه والبشر لم تكن تروق لي أبدا . وعندها بدأ أفقد حماسي بالكنسية .

و كيف إكتشفت الإسلام إذن !

لقد إكتشفت الإسلام من خلال الفنّ , نعم من خلال الفنّ .

تماما كالفنان السويدي الشهير إيفان أغيلي !

صحيح إيفان ذو الشهرة العالمية قاده الفن إلى معرفة الله و التوحيد .

نترك أغيلي و نعود إلى رجينا التي أصبحت تدعى بعد إسلامها حواء !

نعم , لقد بدأ إهتمامي بالفن باكرا , عندما كان عمري 5 سنوات , و قد إنضممت في ذلك الوقت إلى مشروع فني في منطقتنا السويدية همسوندا , و كان هذا المشروع الفني على علاقة بمنطقة مصرية في الصعيد و ظروف حياتها , و طبعا سكان هذه المنطقة كانوا من المسلمين , وقد سمحت لي هذه الدورات الدراسية الفنية بمعرفة تفاصيل عن سكان مصر , و تحقق حلمي عندما بلغت سن 15 سنة حيث قمنا بزيارة إلى مصر , و تعرفنا عن قرب على كل المعالم الفنية و الأثرية المصرية و قمنا برحلة على إمتداد نهر النيل ,  وطبعا لم تكن الآثار وحدها التي تشدني والتي ربما كانت مرتبطة بتاريخ ما قبل الإسلام , بل كان يشدني مناظر المساجد وعظمتها و الخطوط العربية التي تزين أسقف المساجد والجدارن .

كل ذلك أثرّ عليّ و حملني على ضرورة معرفة الدين الإسلامي , و عندما كنت في الأقصر إشتريت قلادة فضيّة كتب عليها : بإسم الله الرحمان الرحيم . وكانت هذه البسملة مكتوبة بخطّ متألق ورائع و ظللت أحمل هذه القلادة على إمتداد رحلتي من الأقصر وإلى القاهرة . وأثناءها قال لي الدليل السياحي : لا يمكنك أن تحملي هذه القلادة التي عليها البسملة , فأنت لست مسلمة , فرددت عليه تلقائيا وعفويا : بلى أنا مسلمة و قلبي مسلم , ولا حقا قرأت القرآن في نسخته السويدية و قد قرأته من أوله إلى آخره وكان ذلك طريقي الحقيقي إلى الإسلام الذي أعلنت عنه في وقت لاحق .

وهل زعزع يقينك هذا تصرفات بعض المسلمين السلبية في الغرب مثلا !

كلاّ و ألف كلا ّ , فكل إنسان مسؤول عن تصرفاته , و لا تزر وازرة وزر أخرى وكل يحاسب بمفرده يوم القيّامة , و واجبي أن أتبع تعاليم الإسلام و ما أراده الخالق جلّ في علاه مني , نعم يحزنني جدا أن يخالف بعض المسلمين إسلامهم , و تحديدا الشباب الذين لا يبالون بدينهم و  سبب حزني عليهم هو أنهّم سيخسرون آخرتهم .

وبالنسبة إليّ عندما كنت مسلمة جديدة الكل أراد أن يعلمني و يرشدني وكان عليّ أن أفرق بين ما هو دين , و ما هو عادات , وماهو تقاليد , و ما هو ثقافة , و قد نصحني أحدهم بقوله : عودي إلى المصدر دائما , و أبحثي في تفاصيل كل شيئ .

وكان علي أن أنمعنى في أحكام القرآن و السنة النبوية حتى لا أقع في الخطأ و  حتى أتلافى الخلط بين الأمور ....

كيف ترين مستقبل الإسلام في الغرب !

ما زلت أتذكّر جيدا ما قاله أحد الكتّاب والصحفيين السويديين عندما تهاوى جدار برلين بين الألمانيتين الشرقية والغربية , فقد قال : أنّ الخطر الأحمر قد زال وبدأ الخطر الأخضر ويقصد الإسلام , في ذلك الوقت كنت أغوص في قراءات شتى أوصلتني إلى الإسلام , ولكوني بتّ أفهم الإسلام وحضارته فقد إستغربت من غمز هذا الصحفي , و تعجبت كيف يمكن أن يكون هذا الإسلام العظيم خطيرا . وقد بدأ البعض  يحمل على الإسلام في الغرب من خلال ما يعرف بالإسلام فوبيا , و الحمد لله أنّ الجمعيات الإسلامية أدت دورها في التصدي لهذه الهجمات الشرسة على الإسلام , و نجح شباب المسلمين في الغرب في تصحيح الكثير من الصور المغلوطة عن الإسلام , كما أنّ مشروع الدمقرطة الموجود في الغرب أتاح بناء مساجد تحولت إلى منارات مع مرور الإيام .

وسيظلّ الإسلام موجودا في أوروبا , بل سيكون له مستقبل غير متوقّع .

نعود إلى محيطك العائلي قليلا ووسطك الإجتماعي , عندما إرتديت الحجاب كيف كانت ردّات الجميع إتجاهك !

مبدئيا أودّ أن أقول أنني عندما أسلمت وتلفظّت بالشهادتين , بقيت فترة بدون حجاب إلى أن قررت إرتداء الحجاب بشكل كامل , وعندما إتخذت قراري بالحجاب لم أفعل ذلك من أجل أحد , لقد كان هدفي أن أرضي خالقي جلّ في علاه و أن أطبق أحكام الإسلام , وأن أقترب أكثر من اللّه جلّ جلاله ,   وبعد ذلك وعندما إرتديت الحجاب كان هدفي كل هدفي أن أبرز هويتي العقائدية الجديدة و أن أؤكد للمجتمع أنني مسلمة و أن ذلك يزدني إيمانا و إعتقادا وثقة بالنفس أكثر . ولم أعتقد كا يعتقد العديد من الغربيين بأنّ الحجاب يجسّد مظلومية المرأة المسلمة , لقد كنت أثبت للجميع العكس بأنّ الحجاب يصون المرأة و يرفع من قيمتها وقدرها , و قد دخلت في نقاش كبير مع أختي التي تقبلّت فيما بعد إسلامي وحجابي ,  وأبي تقبلّ بيسر منظري الجديد و إستساغه فيما ظلّت أمي تتساءل على الدوام , وكانت أمي تعتقد أنّ الحجاب سيجلب لي المشاكل بإعتبار أنّ المجتمع السويدي سيتصوّر أنني مهاجرة مسلمة و لا ينظر إلىّ كسويدية , و بالتالي في ظنّ أمي أنني سأصادف نفس المشاكل التي تصادفها المهاجرات المسلمات مع المجتمع السويدي . وعدا هذه النقاشات فإنّ عائلتي لم ترفض المبدأ وقد تفهمّت بعد ذلك .

و في هذا السيّاق كيف تنظرين إلى حظر الحجاب في فرنسا !

هذه من أمهات القضايا في الغرب و حظر الحجاب في فرنسا يناقض جملة وتفصيلا  وقلبا وقالبا مبدأ حقوق الإنسان و مبدأ حرية التدين الذي لطالما إفتخرت به فرنسا و هو أيضا إضطهاد للفتاة المسلمة التي يراد لها أن تدع جانبا ما تراه صحيحا ومعتقدا . وفي نظري فإنّ الفتاة المسلمة حرة في إختيار ملابسها و إرتداء حجابها خصوصا وأنّ هذا الأمر لا يؤذي أحدا ولا يلحق الضرر بأحد , و حتى في السويد طالب البعض بحظر إرتداء الحجاب , و هي مسألة غير مقبولة و غير مفهومة مطلقا.

و كيف تنظرين إلى الرسومات الكاريكاتورية التي تناولت رسول الله – ص – في الدانمارك !

مبدئيا أود أن أشير أنّ الكثير في الغرب يتذرّع بمبدأ الحرية للوصول إلى ذروة الإبداع وأنا كفنانة أشعر بحاجة الفنان إلى الحرية عندما يتعلق الأمر بمسألة إبداعية , لكن أن يتحوّل الأمر إلى إهانة لمجموعة بشرية واسعة و مقدساتها فهذا غير مقبول , بل إنّ هذا يدخل في سيّاق الإستهتار و الإعتداء على حرمات الأديان .

لماذا في نظرك أخفق المسلمون سياسيّا في الغرب !

للتأثير على السياسة والمجتمع في الغرب يجب على المرء أن يتقن لغة البلد التي يعيش فيها إتقانا كاملا , و يجب على المرء أن يكون منخرطا في تفاصيل العمل السياسي والإجتماعي , وهذا ما يفتقده الكثير من مسلمي الغرب الذين يعتبرون الغرب محطة وليس دار قرار , فهم على الدوام يفكرون في الرجوع إلى بلادهم بعد زوال الأسباب السياسية أو الإقتصادية التي أجبرتهم على الهجرة إلى ديّار أوروبا . وربما تلجأ بعض الأحزاب السياسية إلى إغلاق أبوابها في وجه المسلمين بإعتبارهم أقلية و مغايرين للأكثرية في الرأي و المسلكية الإجتماعية .

إذن ما هي الطريقة المثلى لنشر الإسلام في الغرب !

في نظري أنّ الإسلام يختلف عن المسيحية , الدين المسيحي كان له مبشرون ومنصرون في القارات الخمس و الإسلام لا يحتاج إلى هؤلاء المبشرين لأّنه ينتشر تلقائيا بسبب قوة ربانية فيه , فالناس في الغرب يقبلون على الإسلام عن طريق البحث والدراسة , وأتصور أنّ مسلمي الغرب لو عاشوا على إيقاع دينهم و إلتزموا بالأحكام الشرعية الحضارية لإنجذب الغربيون إلى الإسلام تلقائيا , وللأسف فإنّ بعض المحسوبين على الإسلام يسيئون إلى الحضارة الإسلامية بشكل فظيع .

و كيف كنت تنظرين إلى الإسلام قبل إسلامك !

كنت أعتقد أنّ الإسلام هو دين من الأديان المنتشر فقط في البلاد العربية , وأنّ المسلمين يصلون متوجهين إلى مكة , هذه جلّ معلوماتي عن الإسلام قبل إسلامي .

وكيف تنظرين إلى الصراعات الحادة إلى حدّ العنف والإقتتال بين بعض المسلمين !

مبدئيا أود أن أشير إلى أنّ الإسلام ينبذ العنف و يقر  بمبدأ الحوار و التوافق , ولنا في سيرة المصطفى – ص- خير درس , فقد كان يحل كل الإشكالات العالقة بدون عنف و بدون عصبية , و قد علمنا عليه الصلاة والسلام أساليب الدعوة وحل النزاعات , بل إنّ الإسلام إعتبر أنّ من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا , و لن تحل في نظري هذه النزاعات إلاّ بالرجوع الفعلي إلى تعاليم الكتاب والسنة النبوية .

هل يبدي الغربيون إهتماما بدراسة الإسلام !

هناك إهتمام كبير من قبل الغربيين بتعلم الإسلام , لأنّ الإسلام يحل مشاكل الفرد و المجتمع والدولة على السواء , كما يعالج معظم الآفات الإجتماعية و تحديدا تلك المنتشرة في الغرب , و أنا شخصيا كفنانة وأثناء عرضي للوحاتي في السويد والغرب أصادف العديد من الغربيين الذين يبحثون عن الإسلام .

أذكر جملة وردت في كتاب شيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود الإسلام وأوروبا و فيه يقول أنّ باحثا غربيا زاره في الأزهر الشريف وقال له , أدركوا أوروبا قبل أن تصير بوذية أو هندوسية , فهل هذا صحيح !

فعليا إنّه صحيح , فالخواء الروحي يدفع الكثير من الغربيين بإتجاه البحث عن دين يروي ظمأهم الروحي و هل هناك ينبوع أعظم من الإسلام , فماء الإسلام عذب زلال يروى العطشان و يوجهّه الوجهة الصحيحة . والإنسان الغربي ملّ من الإستغراق في الحياة المادية و يبحث الآن عن التوازن .

وكيف هي صورة الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي !

المسلمون في الإعلام الغربي أهل عنف و إرهاب وقتل و سطو وإعتداءات وما إلى ذلك , و تتحامل معظم وسائل الإعلام في الغرب على الإسلام و دافعها لذلك الإسلام فوبيا الذي بات شعارا للجميع هنا في الغرب وخصوصا وسائل الإعلام .

ماذا منحك الإسلام !

الأساس الذي منحنى إياه الإسلام هو أنّه أقام بين و بين خالقي علاقة المعبود بالعابد وعلاقة المخلوق بالخالق , لقد منحنى الإسلام التوازن والطمأنينة , و عرفني من أين وإلى أين !!

و كل الأسئلة التي كانت عالقة و تلاحقني على الدوام أجاب عليها الإسلام خير إجابة , لقد أرجعني الإسلامي إلى ذاتي وفطرتي و نفسي ..والحمد لله تعالى .

حوار مع ميكائيل بليخيو - Micael Ibrahim Blicksjo

السويدي الذي أسلم و فتح مدرسة إسلامية لتعليم الإسلام لأبناء الجالية المسلمة في السويد .

أصبحت ظاهرة المتحولين إلى الإسلام في الغرب ملفتة للنظر , فأعداد الغربيين الذين أسلموا ويسلمون باتت مدهشة للغاية , و لم يعد الأمر مقصورا على فئة دون أخرى بل إنّ المتحولين إلى الإسلام في الغرب يتنمون إلى الجنسين معا , و إلى مختلف المستويات العلمية والأكاديمية ,  كما فعل أخيرا الفيلسوف السويدي هوجان لارسون الذي أعلن عن إسلامه في السويد , وقد حدث ذلك بعد دراسات مستفيضة عن الإسلام قام بها لارسون الذي توجّ كل ذلك بإعلان إسلامه في مدينة مالمو في الجنوب السويدي , ومن هؤلاء المتحولين السويدي ميكائيل بليخيو الذي سمّى نفسه إبراهيم , لم يكتف بإعلان إسلامه بل تعمقّ في الدراسات الإسلامية وفتح مدرسة إسلامية في مدينة أوبسالا السويدية لتعليم أبناء الجالية المسلمة في السويد تعاليم دينهم ...و قد كان لنا معه هذا اللقاء ..

هل لك أن تحدثنا عن حياتك قبل الإسلام في السويد !

على إمتداد حياتي و منذ أن بدأت ذاكرتي تعي كنت على الدوام أؤمن بأنّ الله موجود , لكن هذا الإعتقاد لم يكن مؤثرّا في حياتي , أو موجها لها , فهذا الإعتقاد كان في واد , و حياتي في واد آخر , لقد كانت حياتي مليئة بالمشاكل والعقد والإنكسارات , فقد توفيّت أمي عندما كان عمري 14 سنة , و سافر أبي إلى منطقة أخرى وقطن فيها , وتولى أخي الأكبر رعايتي , و كان مرا في رعايته لي , الأمر الذي جعلني أتوجّه إلى شرب الخمور و أتعاطى المخدرات – الحشيش على وجه التحديد ..والحمد لله أنني إكتشفت الإسلام , الذي منحنى الطمأنينة و اليقين والآمان و نقلني من دوائر الضياع و الهلكة و إلى دائرة النور والإستقرار و العبودية , وقد إكتشافي للإسلام إلى معرفة كم هي الجاهلية مضرة للإنسان , و كم هي الهداية خلاقّة ورائعة و تصون فطرة الإنسان ...

وكيف إكتشفت الإسلام !

عندما كان عمري 17 سنة تعرفّت على عائلة من إرتيريا تقيم في السويد , و كنت عندما أزور هذه العائلة كنّا نتناقش حول الديانات و الإسلام , و الخصوصية الموجودة في الإسلام و ما إلى ذلك من المواضيع ذات الصلة , وهذه النقاشات لم تكن لتوصلني إلى الإسلام , فقد كنت أعتبرها مجرد نقاشات عادية خصوصا بعد أن إستقرّ آلاف المسلمين في السويد و أصبحوا ظاهرة حقيقية , و أعترف أيضا أنني بدأت أحب هذه النقاشات الحيوية , حيث عندما بلغت سنّ العشرين إستعرت النسخة السويدية من القرآن الكريم و أخذت أقرأ بتمعّن كل ما ورد في القرآن الكريم , وكان يهمني في هذه المرحلة عقد مقارنة بين الإنجيل وقد كنت قرأته والقرآن الذي تعرفت عليه حديثا .و الطريف أيضا أنّ العائلة الإرتيرية قالت لي : أنّ القرآن مقدس بالنسبة للمسلمين  ولا يجوز لمسه إلاّ إذا كان الإنسان متوضئا , و نصحوني بالوضوء لقراءة القرآن الكريم , فوجدت نفسي أتوضأ تلقائيا بعد أن دلوني إلى كيفية الوضوء ..

و ضعت القرآن الكريم التي ترجمت معانيه إلى اللغة الإنجليزية و التي قام بها عبد الله يوسف علي  في كيس , و في داخله قصاصة ورق كتب عليها كيفية الوضوء , و توجهت إلى بيتي , حيث توجهت رأسا غلأى الحمام وبدأت بالوضوء كما كتب لي على الورقة , و عندما إنتهيت من الوضوء شعرت بإشراقة ما في قلبي و أحسست براحة عجيبة جديدة عليّ , وبعد الوضوء شرعت في قراءة معاني القرآن الكريم .

الله أكبر , مشاعر عدة إنتابتني وأنا أقرأ القرآن , فرح داخلي و إنفراجة في الصدر , و أدركت تلقائيّا أنني مسلم ..و ظللّت أقرأ القرآن الكريم , و أقرأ , لم أشعر مطلقا بالملل , وبعد ثلاثة أسابيع من قرأءة القرآن و بعض الكتب نطقت بالشهادتين , قائلا : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله , عليه الصلاة والسلام .

وبعد أن أسلمت لم أتمكن من الذهاب إلى المسجد لإعلان شهادة إسلامي , كنت أظنّ أنّ المسلمين و كما يصورهم الإعلام الغربي أصحاب لحى طويلة وكثيفة و يحملون دوما سكاكين لقتل الناس , لكن و عندما توجهت إلى المسجد وجدت كل الرعاية من المسلمين الذي ساعدوني و إستوعبوني .

هل أثرّ عليك عدم إلتزام كثير من المسلمين بإسلامهم !

هذا يتوقف على نوعية السلوك , فإذا كان المسلم في الغرب أو في العالم الإسلامي لا يصلي , فالله تعالى هو الذي سيتولى أمره , و ربما الأثر يختلف عن أثر تأثير الجرائم التي يقترفها بعض المسلمين في الغرب حيث أن ذلك يؤثرّ سلبا على نمو الإسلام في السويد وفي الغرب على السواء ..

فأنا عندما أحدث السويديين غير المسلمين عن الإسلام كونه دين سلام وآمان , ثمّ يتعرض هؤلاء السويديون للسرقة من قبل أشخاص مسلمين , فهذا الشيئ ينزع الصدقية عن دعوتي الإسلامية وسط السويديين والغربيين .

إنّ عدم إلتزام المسلمين بإسلامهم في الغرب يؤثّر إلى أبعد الحدود على تطور الإسلام وتكامله في الغرب وخصوصا قضايا المعاملات , ولهذا عندما نحدث الغربيين عن الإسلام يحدثوننا فورا عن السرقات والإغتصاب والسطو وبيع المخدارت التي يضطلع بها أشخاص يحملون أسماء إسلامية للأسف الشديد , و هنا تبدأ صعوبة دعوة الغربيين إلى الإسلام الذين يربطون فورا بين تصرفات المسلمين والإسلام و يعتبرون هذه التصرفات السيئة من وحي الإسلام .

ومع كل ذلك , كيف ترى مستقبل الإسلام في الغرب والعالم !

يعتبر الإسلام من الديانات الأكثر إنتشارا في أوروبا و يمكن القول أنّ للإسلام مستقبلا كبيرا في أوروبا , منذ أن أسلمت وإلى يومنا هذا شاهدت إقبال الآلاف على الإسلام في كل أوروبا , وسيصبح بالتأكيد الديانة الأكثر إنتشار من شمال أوروبا وإلى جنوبها , وأنظر على سبيل المثال إلى إنتشار الإسلام في فرنسا , فعلى رغم دعاية اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين هناك , إلاّ أنّ الإسلام يتطور ويتقدم بشكل مدهش في فرنسا وغيرها ..

وكما يقول الحديث النبوي الشريف أو الذي معناه أنّ الإسلام سيشّع مجددا على الكون والمعمورة . وعالميا ستحول الإسلام إلى أصعب رقم في المعادلو الدولية , و الدلائل والمؤشرات كلها تدلّ على ذلك .

كيف كانت ردة فعل أقاربك و المجتمع السويدي عندما دخلت الإسلام !

لقد كان  الأمر صعبا في البداية , قد أبتليت أشدّ البلاء في طريق إسلامي , فقد تنكرّت لي عائلتي و غادرت بيتي حاملا معي بعض أغراضي , أصبحت أنام في المساجد و لدى بعض الإخوة الذين فتحوا لي بيوتهم والحمد لله . و قد قاطعني أقرب الناس إليّ وباتوا لا يتصلون بي , وهو الأمر الذي أحزنني و أغمنيّ , وكثيرا ما كنت أعود في هذه المرحلة إلى القرآن الكريم مرددا من تلقاء نفسي سورة الكافرون , وأتوقّف عند قوله تعالى : لكم دينكم وليّ ديني .........

لقد أصررت على إسلامي , و كنت دوما اردد لكم طريقكم ولي طريقي , و قد أدخلني هذا الإصرار في صراع مع مكاتب العمل وأسواق العمل وعموم المجتمع السويدي .

من هذا المنطلق , كيف تنظر إلى حظر الحجاب في فرنسا!

مبدئيا أقول ساعد الله أخواتنا هناك , لقد خالف النظام الفرنسي أبسط المنطلقات الديموقراطية , و أبسط قواعد حقوق الإنسان الذي يتبجّح بها الغرب , وعلى الأخوات في فرنسا أن يناضلن من أجل حقوقهن , و الجاب حق و هذا الحق مكفول في الدساتير الغربية , و إلاّ كانت الديموقراطية الغربية حكر على الإنسان الغربي و تعني الشهوات والحيوانية فقط ..

وكيف ترى ما أقدمت عليه جريدة يولاند بوستن الدانماركية التي تطاولت على النبي محمد عليه الصلاة والسلام !

أتصوّر أن ما أقدمت عليه جريدة يولند بوستن قد خدش كل الإحترام , و قفز على كل المسلمات والمقدسات , و يجب أن نسأل أنفسنا لماذا فعلت يولاند بوستن ذلك  ! ولماذا لقيت دعما من أكثرية غربية لا تفهم الإسلام ! وبناءا عليه يجب أن نسعى جاهدين لتقديم الوجه الحضاري للإسلام في الغرب , و إيصال المحتوى الحضاري للإسلام إلى كل الجهات في الغرب ..

و أتصوّر أنّ السيرة النبوية حافلة بعشرات الدروس التي يمكن إقتباسها في راهننا , فلطالما ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام بالحجارة وهو يصلي , و كان أحدهم يضع القمامة قرب بيته , لقد جابه رسول الله كل أولئك بالأخلاق الحسنة التي جعلت أعداءه يقرون في النهاية بعظمة الإسلام ...

لماذا أخفق مسلمو أوروبا في دخول معترك السياسة الأوروبية !

في الواقع قد قرأت العديد من الدراسات الإسلامية و الفكرية والسياسية التي تتمحور حول آلية العمل السياسي الإسلامي ضمن منظومة سياسية غير إسلامية

والواقع أن مشاركة المسلمين ضرورية في العمل السياسي الغربي حتى يؤثروا على مجريات القوانين التي ستؤثر على حياتهم بالتأكيد .

فمسلمو فرنسا لو كان لهم وجود كبير داخل البرلمان الفرنسي لأمكنهم إلغاء قانون حظر الحجاب أو عرقلته على الأقل , و على ذلك فقس ..

ونفس الشيئ ينطبق أيضا على أمريكا , فلو  أنّ المسلمين كان لهم مشاركة سياسية فاعلة لما بلغ التعاون الإسرائيلي – الأمريكي مداه هناك ..

ماهي في نظرك أحسن الوسائل والطرق لنشر الإسلام في أوروبا !

مبدئيّا يجب أن يكون لدينا تخطيط بعيد المدى , ولا يجب أن نقع في معضلة إستعجال قطف الثمار , فالقرآن الكريم ظلّ وعلى إمتداد ثلاث وعشرين سنة يتنزّل على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام , ولا يجب التركيز فقط على فقه الحلال والحرام بين الغربيين , فالأولى تعريف الغربيين بأصول العقيدة و ماهية التوحيد لأنّه الأصل , و الفروع تأتي بعد ذلك , فمن غير المنطقي أن نحدث الغربي عن حرمة لحم الخنزير و شرب الخمر , قبل أن نحدثّه ماهية الوجود ومن أوجد هذا الوجود , و فلسفة الكون و الرؤية التوحيدية عبر مقارنات ما هو مطروح في الفكر الغربي وغير ذلك ...

وما زلت أعتقد أن في سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أكبر الإستراتيجيات في آليات نشر الإسلام في أوروبا .

أنت شخصيّا , ماذا كنت تعرف عن الإسلام قبل إسلامك !

لم أكن أعرف الكثير عن الإسلام , لقد كان الإعلام الغربي هو المرجع بالنسبة إلي في فهم الدين الإسلامي  و حياة المسلمين , وفي الواقع فإنّ الإعلام الغربي يلعب أكبر الأدوار في تشويه الإسلام والمسلمين .

وكيف تنظر إلى الخلافات بين المسلمين في الغرب وفي العالم الإسلامي !

أن يختلف المسلمون في الأراء الفهية والفكرية , فهذا أمر كان وسيظل منذ مئات السنين , لكن أن يتحوّل هذا الخلاف إلى فتنة بين المسلمين فهذا أمر غير مقبول مطلقا , خصوصا و أنّ الرسول دعا الله أن يقيّ أمته من الفتنة .

أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا فهذا غير مقبول ويعتبر جريمة كبيرة في الإسلام , وللأسف الشديد فقد أصبح الخلاف المفضي إلى الفتنة بين المسلمين كالسرطان الذي ينهش الجسم القويّ ويرديه صريعا .

وبالنسبة إليّ فإنّ الإسلام منحني الطمأنينة و السلام وسوف أستمر مسلما إلى أن ألقى الله .....

هل يهتم الأوروبيون عادة بدراسة الإسلام !

لقد تبينّ لي أنّ العديد من المراهقين و الشباب الغربيين يبدون حرصا على دراسة الإسلام , و دورنا و واجبنا أن نريهم الطريق المستقيم .

كيف تقدمّ وسائل الإعلام الغربية الإسلام !

كل وسائل الإعلام في الغرب تقدّم الإسلام بطريقة سلبية للأسف الشديد , و مع كل الخبث الموجود في هذه الوسائل إلاّ أنّها أحيانا تقدمّ وتحديدا الشاشات الصغيرة أفلاما وثائقية عن الإسلام تكون سببا في تعريف الكثير من الأوروبيين الإسلام أو أقلا تحملهم على التفكير في ماهية الإسلام وجوهره , و في نظري فإنّ المهم هو أن نقدمّ الإسلام بصورة نقية وحضارية و أخلاق المسلمين الحسنة في الغرب هي الفيصل في نشر الإسلام بشكل صحيح في الغرب .

و هل أثرّ العنف في البلاد العربية والإسلامية على إهتمام الغربيين بالإسلام !

بالتأكيد فإنّ هذا أهم ما يؤثّر على الغربيين و يحول دون تواصلهم مع الثقافة الإسلامية , وهذا العنف المتداول في العالم الإسلام لم يؤثّر على الغربيين و يجعلهم غير قادرين على إستيعاب حضارية الإسلام , بل أثرّ علينا كمسلمين غربيين من ناحية نشر الإسلام بين الغربيين .

مع أي المنهجين أنت , مع حوار الحضارات أو صراعها !

بطبيعة الحال أنا مع الحوار قلبا وقالبا , وهذا أساس إسلامنا وقرآننا , فالمولى عزّ وجلّ يدعونا في قرآنه إلى إستخدام البينّة و الحجّة والبرهان .. ولا إكراه في الدين , والإسلام لم ينتشر قطّ بالعنف و الإجبار بل إنتشر بالبينّة و الحكمة , وهذه المنطلقات هي التي قامت عليها الحضارة الإسلامية , وبنيت عليها الدعوة الإسلامية .

ماذا منحك الإسلام !

لقد منحني الإسلام كل شيئ , منحني الطمأنينة والسلام , لقد علمني الإسلام كل شيئ على الصعيد الشخصي والإجتماعي و علمني دفئ الأسرة , و جعل لحياتي مغزى هدف , ولا يمكنني في هذا الحوار أن أحصي ما منحني إياه الإسلام , وما أعطتني إياه العبودية للّه تعالى .

لماذا في نظرك نشهد تحوّل الكثير من الغربيين إلى الإسلام !

لأنّ الإسلام واضح ومبسط على عكس المسيحية القائمة على التعقيد , و أهداف الإسلام بينة وواضحة , و هو يمنح الطمأنينة و الإستقرار النفسي للغربيين الذين يؤرقهم قلق الحياة و سرعة إيقاعها بمنأى عن الروح .

فالمسيحية على سبيل المثال وقع فيها تغيير كبير , ووصلنا إلى مرحلة بات فيها رجال الكنيسة في السويد والغرب يقرون الزواج المثلي واللواط و غير ذلك .

ولعلّ الجانب الإيجابي الوحيد في الحضارة الغربية هو هامش الحرية الذي يتيح لنا كمسلمين أن نؤدّي مناسكنا وفرائضنا بدون تدخّل من السلطات القائمة .

طبيبة سويدية تعتنق الإسلام و تدعو قومها إلى إكتشاف الإسلام.

في الوقت الذي تحاول فيه المرأة العربية و المسلمة تقليد المرأة الغربية في مسلكيتها المنحرفة , فإنّ هناك مئات الغربيات اللائي مارسن الرذيلة بكل تفاصيلها و أسلمن .

 و بعد أن كنّ يعشنّ في الحياة بلا هدف و لا قضية إنتلقن من الضلالة إلى الهدى , و تعرفنّ على الإسلام ومن هؤلاء السويدية مريم إلبورنسون الطبيبة التي تعرفّت على الإسلام و أعجبت بتعاليمه و أسلمت حاصلة على الطمأنينة التي إفتقدتها منذ زمن  و أسلمت سنة 1998 ..

و بكثير من الأريحية تتحدّث مريم إلبورنسون الطبيبة المولودة سنة 1973 عن إسلامها و تعرفّها على العقيدة الإسلامية والقرآن الكريم , فتقول أنّها طبيبة سويدية أبواها سويديان ملتزمان بالديّانة المسيحية , حيث كان أبوها ولا يزال قسّا في الكنيسة السويدية , فيما كان جدهّا رئيس كنيسة .

كنت صغيرة في السنّ العاشرة عندما بدأ إلتزامي بالديانة المسيحية تقول مريم , وكنت أجد صعوبة بالغة في إستساغة مبدأ أنّ ذنوبي سوف تغفر لمجرّد أنّ شخصا ضحّى من أجلي , وبسبب هذه المسألة كنت على الدوام مضطربة أن أذنب و أذنب و أعصي وأعصي وشخص آخر يدفع الثمن بدلا عني ..

والمسألة الأخرى التي كانت تؤرقني تقول مريم هو موضوع أنّ الله هو إله الحبّ ومع ذلك ترك يسوع المسيح يقتل ويصلب على صليب ويبقى معلقّا عليه لأيام معدودة ..

في سنة 1997 توجّهت إلى فرنسا تقول مريم ومن خلال بعض أصدقائي المسلمين بدأت أتعرّف على الإسلام .

 ومن خلال هذه الصداقات مع المسلمين تبينّ لي أنّ الإسلام يقرّ بأنّ الناس سواسية كأسنان المشط , و أنّ الإنسان هو الإنسان ليس إلها مطلقا وأنّ الله تعالى هو خالق هذا الإنسان كما المجرات والسماوات والأرضين ..

و أعترف تقول مريم لقد وجدت كل الأجوبة عن الأسئلة الميثولوجية التي كانت تؤرقني و تلاحقني في الإسلام , فقد أجابني الإسلام بوضوح عن كل هذه الأسئلة وشفى غليلي من أمور كثيرة , وتعمقت في دراسة الإسلام بحيث كلما كنت أنتهي من إشكالية أغوص في أخرى بما في ذلك قضيّة الحجاب .

 ومع كل الحقائق التي تكشفّت أمامي وأنا أدرس وأبحث وأسأل تبينّ لي بكل وضوح أنّ الإسلام هو الديانة التي أبحث عنها وأنّه الذي سيحققّ لي القدر الكافي من الطمأنينة و الإستقرار و الروحانية .

وإتخذت القرار الصعب ذات يوم في العاصمة ستوكهولم و كان ذلك يوم الجمعة حيث توجهت إلى المسجد أثناء صلاة الجمعة وقررّت أن أعتنق الإسلام . و دخلت إلى المسجد وقابلت إمام مسجد ستوكهولم الذي تلفظّت بالشهادتين أمامه :

أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمدّا رسول الله ....

كان هذا اليوم الجمعة الذي تلفظّت به بالشهادتين أروع و أمتع وأسعد أيام حياتي , يوم لا ينسى من عمري , فيه بدأت حياة جديدة , لقد ولدت من جديد تقول الطبيبة السويدية التي أسلمت . لقد كان شعورا فظيعا هزّني من الداخل و ما زال هذا الشعور ملازما لي منذ تلك اللحظة . ولا أنسى المسلمات اللائي كنّ في المسجد حيث منحنني خمارا ممهورا بالمحبة والتوقير والإحترام فشعرت بسعادة غامرة و توهّج نفسي عميق , خصوصا وأنّ أخواتي المسلمات سعدنّ للدرب الذي إخترته بكامل قناعتي .

أول من علم بإسلامي كان والدايّ , والدي القسّ غضب كثيرا وأنزعج من إعتناقي للإسلام , ومع مرور الأيام بدأ والدي ووالدتي يتقبلان فكرة إسلامي , و إعتبرا ذلك خياري الخاص و أنا حرّة فيه تقول مريم , وبعد هذه المرحلة أخذا يسآلان لماذا يا ترى أسلمت !

 وما هي الأسباب التي جعلتني أترك ديانتي السابقة وأعتنق عقيدة الإسلام !

و كم تألمّ والدي عندما إرتديت الحجاب , كان يصعب عليه أن يراني ملتزمة بديني معتقدا وشريعة , وإزداد إحساسه بالألم بعد أن وضعت الخمار على رأسي ..وفي ذلك الوقت كنت  أدرس الطبّ وأسكن في بيت آخر غير بيت والديّ , غير أنني كنت أزورهما وبدأ والدي يتقبّل كوني مسلمة ..

في سنة 1999 كنت مع عائلتي وأخي حيث قضينا فصل الصيف سوية و هو موسم عطلة كما هو معروف في السويد و كانت هذه العطلة معبّأة بالأسئلة من قبل عائلتي عن الإسلام والقرآن و كل ما له علاقة بالثقافة الإسلامية .

أما أقربائي فكانوا يقولون بأنّ الإسلام ظلم المرأة إلى أبعد الحدود و من الخطأ تبني عقيدة تضطهد الإنسان , كما كانوا يذكرّونني أنني إمرأة غربية و لا يجب أن أن أنسى هذا الإنتماء الجغرافي و الديني والثقافي , وكنت دائما أقول أنكم تركزّون على المظهر دون الداخل ودون الروح , ومن جهتي فقد كنت مطمئنة و أردد على الدوام كلمة الحمد للّه ...وكنت أشعر أنني قويّة بإسلامي ومعتقدي الجديد وبربّ العالمين الذي كان يمدّني بالقوة .

لقد منحني الإسلام الطمأنينة والإستقرار النفسي , و قد تفهمّ العاملون معي وضعي الجديد وباتوا يعرفون أنني لا أقرب الخمر أو لحم الخنزير .

وكسويدية كنت أحسّ أنّه وبسبب حجابي و إسلامي بات العديد من السويديين فضوليين لمعرفة المزيد عن الإسلام والقرآن .

وفي نظري فإن المجتمع السويدي قدمّت له معلومات خاطئة عن الإسلام , فالمدرسة السويدية تجهل الكثير عن الإسلام , و حتى والدي القسّ كان يتصوّر أنّ رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام هو راعي جمال ونياق تماما كما هو سائق الشاحنة في هذه الإيّام , وقد جمع القصص التي كان يسمعها في حلّه وترحاله وجعل منها دينا جديدا ... لقد كانت هذه إنطباعات أبي عن الإسلام .

يجب علينا تقول مريم الطبيبة السويدية أن نتوجه إلى الناس والمجتمع ومختلف المنابر و نعرفهم بحقيقة الإسلام الذي يملكون عنه إنطباعات خاطئة ..يجب أن نتواصل مع الناس كل الناس ونحدثهّم عن حقيقة الإسلام , فأنا شخصيا إمرأة سويدية مثقفة و متعلمة أسلمت و لا أشعر مطلقا أنني مظلومة كما تصوّر ذلك وسائل الإعلام .

 بل على العكس من ذلك فإنّ الإسلام يمنح المرأة هوية و قيمة راقية و المرأة والرجل في الإسلام متساويان لكنّ لكل منهما واجبات ووظائف يؤديها في الحياة والمجتمع .

والحمد لله منذ أسلمت فأنا محاطة بكمّ هائل من الأخوات المؤمنات اللائي يدعمنني و نتواصل فيما بيننا للتباحث فيما يخصنا وحتى في قضايانا الخاصة .

بعد أن أسلمت بتّ أهتم بالدرجة الأولى بصلواتي الخمس التي تمنحنى السكينة و الطمأنينة , وبقية واجباتي الدينية وهي دوما في المقام الأوّل بالنسبة إليّ وبعدها تأتي الأمور الثانوية الأخرى .

وحتى عندما أداوم في قاعة الطوارئ حيث أستقبل المرضى الذين يجب إسعافهم فورا فإنني لا أنسى صلاتي مطلقا ..

عودتّ نفسي على قراءة القرآن والكتب الإسلامية بشكل يومي وأشعر أنني في تقدم مستمّر و لذلك أحمد الله دوما على أن هداني للإسلام ..الذي هو دين السلام و الحرية و الأمن .

قدوتي في الحياة هو رسول الله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام , فهو قدوتي و دليلي وهاديّ دوما إلى سبيل الرشاد . و أيضا السيدة خديجة وزوجات المصطفى هنّ قدوتي في الحياة و مدرستي .كما تعلمت أنّ يسوع المسيح عليه السلام هو رسول الله و رسول ذو حظوة كبيرة ومن أولي العزم و هو عبد الله ورسوله عليه السلام .

والقرآن هو الدستور الذي ألتزم به وهي الكلمات التي أنزلها الله تعالى على رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام ..وقمّة سعادتي عندما أقرأ القرآن الكريم , حقيقة لقد أصبحت سعيدة للغاية بإكتشافي الإسلام  , أتمنى أن يكتشفه أبي وأمي ذات يوم ...

وقد أصبحت أمنيتي الغالية هي أن أعيش مسلمة و ملتزمة بإسلامي في السويد ..وأتمنى أن يعود المسلمون الذين لا يطبقون إسلامهم إلى الإسلام ويتخذونه منهج حياة , و أما الملتزمون بالإسلام فعليهم أن يغوصوا  أكثر في قراءة علومه ..

عندما كنت مسيحية كنت أذهب إلى الكنيسة يوم الأحد فقط أما الآن فأنا أعيش مع الله تعالى في كل لحظة و في كل ثانية , و أتمنى أن أساعد الآخرين على معرفة الإسلام ...