مع الخطاط أحمد الجيلاني

الخطاط أحمد الجيلاني:

أتمنى أن يكون تراثنا منبعاً خصباً

لجميع أجيال الفنانيين

عبد الرحمن هاشم

أرجع الفنان المصري الخطاط أحمد الجيلاني الفضل في اكتشاف موهبته وتنميتها إلى معلميه ووالديه وأنهم العامل الأساسي لاستمراره وعدم توقفه.

وقال في الحديث الذي أجريته معه بالقاهرة لرابطة أدباء الشام "التحقت بمعهد الخط العربي، ببلدتي بورسعيد، بعد تخرجي من كلية التربية الفنية مباشرة، وكان لابد من ثقل الموهبة بالدراسة، وبخاصة أن معهد الخط العربي كان في نفس معهد المعلمين الذي عينت به كمعلم للتربية الفنية".

واعتبر الجيلاني أساتذته، " كمال المصري ومسعد ومصطفى خضير"، على قمة مواهب الخط في مصر، مؤكداً تعلمه " من أعمالهم ولافتاتهم التى تملأ الشوارع والحارات"، قبل أن ينهل من علمهم على كرسي الدراسة.

وأشار إلى تأثره الفني وهو صغير بالفنانين الشعبيين وما كانوا يقومون به من أعمال شعبية ورسومات جميلة على المنازل والأسواق والعربات "كانت هذه الأعمال، رغم بساطتها، سجلا حافلا للأحداث التى تمر بها البلاد في ذلك الوقت، أمثال الفنان الشعبي طه شحاتة، والفنان محمد الصياد، لكن للأسف الشديد، اندثرت أعمال هؤلاء الفنانين الشعبيين ولم نجد سيرة ذاتية لهم إلا ما ندر".

وعن تقييمه لما عليه الطلاب الآن في تعلم الخط العربي قال الفنان أحمد الجيلاني " اقوم بالإشراف على التربية الفنية والخط العربي في مدرستى ويؤلمنى ما أشاهده من خطوط الطلاب في الفترة الأخيرة، ما جعلني أقوم بعمل دورات للمعلمين والطلاب".

ولفت إلى أن أبرز المشكلات التي تقابل عملية تعليم الخط العربي " مزاحمة الكمبيوتر للكتابة، وعدم اهتمام القائمين على برامج اللغة العربية بالخط، وإلغاء كراسة الخط، وإبدالها ببعض الوريقات البسيطة".

وتحدث الجيلاني عن لوحاته الخطية فقال "أتعامل مع الخط كلغة تشكيلية وعلاقات لونية وكان معرضي الأول ( عندما تتناغم الحروف) فرصة لعرض أفكاري من خلال لوحات لأسماء الله الحسنى عرضت في متحف الفن المصري الحديث ببورسعيد، ولا أرفض التطور الحديث ودخول برامج الرسم في اللغة التشكيلية شريطة أن لا تلغي شخصية الفنان، ولي تجارب عديدة فيها لاقت القبول عند الكثير من الزملاء".

وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الذائقة الفنية للخط العربي قال " الفيس بوك والتويتر والانستجرام مجال خصب لعرض الأعمال ومشاهدتها على نطاق واسع وتبادل الأفكار والخبرات مهما تباعدت المسافات ".

وأضاف " أتمنى أن يخدم الفن المجتمع العربي، ولا يكون وبالاً عليه، وذلك بأن يكون تراثنا، وشرقيتنا، منبعا خصباً لجميع الأجيال، بما تحمله من قيم رفيعة تنبع من ديننا الحنيف. والفنون التشكيلية هي لغة البصر، وهي تعبير الانسان عما يراه بالخطوط والألوان. واللغة التشكيلية هي اللغة الأقدم على الإطلاق. لقد رسم الإنسان الأول أحلامه وأماله على الكهوف، قبل أن يكون هناك أدب، أو شعر. ومن خلال دراستنا لتاريخ الفن نجد أن لكل عصر فلسفة خاصة به، سواء كان ذلك في الفنون القديمة أو الحديثة، والفنون الإسلاميه أرقي هذه الفنون سواء ما كان في العمارة أو الفسيفساء والخط العربي والتصوير، وتشهد المساجد في أرجاء المعمورة على رقي هذا الفن وما استخدم فيه من أدوات. وفي كل ناحية من نواحي الحياة، كنت تجد للفن بصمة وقيم رفيعة بعيدة عن الابتذال والإسفاف".

وعن مستقبل مادة التربية الفنية في التعليم الأساسي، أوضح الفنان الجيلاني " مستقبل التربية الفنية، كمستقبل باقي المواد التعليمية، لأن سياسة التعليم يفترض فيها أن تكون موحدة، في رفع شان المواد الدراسية ككل، ولأنها في النهاية تصل بالطالب إلى الشخصية المتكاملة في العلوم والفنون. ولكن جهل البعض بأهمية التربية الفنية للطالب، هو الذي أوصلنا إلى هذا الحال من الإهمال في بعض المدارس. لكن تنمية التربية الفنية للذوق، والإحساس، وتنمية المواهب، وشغل أوقات الفراغ بشكل مفيد، وقيم، ذلك ما نفتقده في الجيل الجديد. والمسؤولية ليست مسؤولية الجيل ولكن مسؤولية القائمين على أمور الجيل ولذا لا تعجب لظهور الذوقيات المتردية في الملبس والمأكل والسلوك ".

وعن تجربته مع مدارس الفيصل بالمملكة العربية السعودية قال الجيلاني "مشواري مع مدارس جيل الفيصل، هو مشوار قارب على الربع قرن، وجدت فيه الاهتمام بالتربية الفنية، اهتماما جيدا. وعادة، فالمدارس الخاصة تهتم بأشياء قل الاهتمام بها في المدارس الحكومية، فنجد اللغة والكمبيوتر والتربية الفنية والرياضية مواد تجذب أولياء الأمور، ومن ناحيتنا نقيم في كل عام معرضا فنياً خاصاً بالمدرسة، وكنا منذ فترة نقيمه في المولات الكبيرة كعزيز مول والأندلس مول، فيتحول إلى مهرجان كبير تتخلله المسابقات والجوائز".

يذكر أن الفنان الخطاط أحمد الجيلاني، من مواليد بورسعيد  26 نوفمبر 1957م. حصل على بكلوريوس التربية الفنية، عام 1981 بتقدير جيد جداً، وعمل مدرساً بدار المعلمين، في الفترة من عام 1981م إلى عام 1985 ببورسعيد، ثم مدرساً بالثانوية العسكرية، من عام 1990 إلى 1992، ثم سافر ليعمل بمدرسة الخرمة المتوسطة بالطائف، بالمملكة العربية السعودية، في الفترة من 1984إلى 1989م. ويعمل مشرفاً على الوسائل التعليمية، والخط العربي، بمدارس جيل الفيصل، منذ عام 1992 إلى الآن.

عرضت أعماله في العديد من المعارض والمهرجانات، الداخلية والخارجية، وحصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير في مصر والسعودية.