مفاضلات نسبية ، بين أنظمة الحكم

ليس ثمّة مسلم عاقل، يعرف معنى الإسلام، ويؤمن به :عقيدة وشريعة وأخلاقاً .. يفضّل عليه ، نظام حكم بشري ، سواء أكان هذا النظام : ديموقراطياً ، أم ديكتاتورياً ، أم كان من أيّ نوع آخر!

المفاضلات تكون :

 *) بين نظام حكم إسلامي ، جاء عن طريق البيعة الحرّة ، ونظام إسلامي آخر،جاء بطريق بيعة ، شبه صورية: بالإغراء، أوبالإكراه ، أوبالتغلب !

 *) وبين نظام حكم إسلامي ضعيف ، وآخر قويّ .. وبين نظام حكم إسلامي عادل حازم، وآخر فيه بعض المظالم! 

 *) وبين نظام حكم مستبدّ ، يخنق الرأي المخالف، وآخر ديموقراطي يتيح حرّية التعبير عن الرأي ، على مبدأ : ( خلّوا بيني وبين الناس ) !

 *) وبين نظام حكم ديموقراطي فاسد ، تشترى فيه الأصوات في الانتخابات .. وآخر خالٍ من بيع الضمائر وبيع الأصوات .. وبين نظام ديموقراطي فاسد ، تنتشر فيه المحسوبيات والرشاوى ، ونظام آخر أقلّ فساداً منه !

 *) وبين نظام دكتاتوري ، شديد التسلط والفساد ، وآخر أقلّ منه ، تسلطاً وفساداً ! 

 وعلى هذا تقاس المفاضلات ، بشكل عامّ .

أمّا المفاضلات ، بين أنماط الحكم : بين ملكي وجمهوري .. وبين ملكي وملكي .. وبين جمهوري وجمهوري .. وبين فردي وفردي .. وبين فردي و أوليغارشي .. وبين أوليغارشي وأوليغارشي (حكم مجموعة ) ..أمّا هذه المفاضلات ، فتدخل فيها عوامل عدّة ، أولها وأهمّها : نفع المواطن، وعلى رأسها:العدل بين الناس، حكّاماً ومحكومين! فحين يحقق نظام الحكم، أكبر قدر من هذه العوامل، يكون أفضل من غيره ! وقد تكون المفاضلة : بين حسن وأحسن ، وبين سيّء وأقلّ منه سوءاً ؛ إذ لايتصور عاقل ، وجود نظام حكم مثالي ، خالٍ من الأخطاء ، في هذا العصر! كما لا يستطيع كل مواطن في بلده ، أن ينشئ نظام الحكم ، الذي يعجبه ، هو، شخصياً ! ولو حصل هذا – افتراضاً - لكانت الأمور فوضى عارمة ؛ لِما بين أمزجه البشر وأهوائهم ، من اختلافات وتناقضات !

 ولقد اختلفت صور الحكم ، في عهد الراشدين ، بين خليفة وآخر، نتيجة لاختلاف الشخصيات الحاكمة ، بعضها عن بعض ، ونتيجة للظروف ، التي أحاطت بكل خليفة .. وكلهم تحرّوا العدل ، وفق مبادئ الإسلام وأحكامه !

كما اختلفت صور الحكم ، في عهد بني أميّة ، بين حاكم وآخر.. وكذلك اختلفت صور الحكم ، في سائر العهود الإسلامية ، باختلاف الأشخاص والظروف !

 ولقد كان لاختلاف الحكّام والظروف ، انعكاس واضح ، على آراء العلماء والفقهاء ، عبر العصور، مع اتفاقهم على أهمّ الشروط ، التي ينبغي أن تتوافر، فيمن يحكم المسلمين ! فقد فرض الواقع ، نفسَه ، على الناس ، عامّة ، وعلى العلماء والفقهاء ، خاصّة ؛ فأجاز بعضُهم ، الخروجَ على الحاكم الظالم ، بشروط معيّنة ، من أهمّها : القدرة على إسقاطه ، بكلفة أقلّ من كلفة بقائه في السلطة ! وأجاز بعضهم حكمَ المتغلّب ، تحاشياً لأضرار، أشدّ من ضرر حكمه ، على قاعدة الموازنة : بين الشرور، واختيار أهونها .. وبين الأضرار، واختيار اخفّها . وهي قاعدة ذهبية ، لايجيد التعامل معها ، إلاّ من اوتي علماً وحكمة وإخلاصاً ، وخبرة بأحوال الناس والسياسات ، وسنن الله في الأمم والمجتمعات!

وسوم: العدد 765