امرأةُ الظل

امرأةُ الظل..!!

هنادي نصر الله

[email protected]

كثيرًا ما نسمعُ عن" رجل الظل" ذلك الرجل الذي يؤثرُ في كلِ شيء،وله بصمة في مواقعِ اتخاذ القرار؛ لا يُهمَشُ ولايُستَبعد، رغم أنه قد لا يكونُ معروفًا لغالبيةِ الناس..

كم أشعرُ بأنني في لهفةٍ لأرى وأسمعَ عن سيِرِ رجالٍ عشقوا" الظل"؛فعملوا عملَ العارفين؛وأخلصوا إخلاص المخلصين،ومضوا في طريقهم بثباتٍ لا يلتفتُ إلى ثناءٍ وهميٍ من هنا أو هناك..

رجالٌ أنقياء أتقياء من الداخل؛فانعكسَ نقاؤهم على مظهرهم الخارجي؛وأضفى في وجوههم لمعةَ صفاءٍ وإشراقٍ؛تُوحي أنهم فعلاً وصدقًا"رهبانًا في الليل؛فرسانًا في النهار"لا يخافون في الله لومة لائم؛تراهم يبنون النفوس والعقولَ ويُنشئونَ الأجيالَ بتجاربهم الخلاقة؛فليسَ من شيمهم أن يصطادوا"شهرة"أو أن يلتقطوا" ضوءًا" من أيِ زاويةٍ كانتْ؛بل هم كانوا الضوء، وكانوا العلمَ وإن عاشوا في الظلِ وعملوا في الخفاء؛فما أن يرحلوا حتى تُزلزلُ أعمالهم الجبال الشامخات؛لتسردَ كيفَ ضحوا؟وكيفَ قاوموا؟وكيفَ لم تلنْ عزائمهم؟وكيفَ لم تخرْ قواهم؟وكيفَ أنهم كانوا طلابَ آخرةٍ وفردوسٍ أرادوه في الأعلى والأعلى؛فجاءتْ الدنيا لهم بكلِ ملذاتها؛صاغرةً أمام أقدامهم؛فأخذوا منها ما يسدُ يومهم؛ومنحوا فقراء الأرضِ مما أكرمهم الله.

أكرموا عبادَ الله؛فيما منحهم؛فزادهم الله قربًا ورزقًا؛ليتجلى صدقَ يقينهم بقوله جل وعلا"ولئن شكرتم لأزيدنكم"..صدق الله العظيم..

اليومَ ونحنُ نعيشُ في أثوابِ الظهور؛ونشعرُ بأننا" أسرى" لأضواءٍ زائفة؛أستذكر أن أول من يُحاسبُ" هو الشهيد والعالم وقارئ القرآن" وأستذكرُ أيضًا كم على الإعلاميين رجالاً ونساء مسئولياتٍ ثقال؛مسئولياتٌ أعمق من الظهور عبر الشاشات؛ فمن الطبيعي أن يبزغَ نجمُ أي فردٍ منا؛لكن التحدي الأصعب هو أن يكونَ ذلك لأجل الله،لأجل دين الله،لأجل محبة الله،لأجل التقرب إلى الله..

ولأن كثيرين أصبحوا يُرددون على مسامعي بأن"مهنة المتاعبِ" رغم أنها سامية؛ إلا أنَ بها من الشوائب ما بها؛لأنها تحتوي الغث والسمين؛وتحتوي الصادق والكاذب،وتجمعُ بين المنافق والأمين،وتستوعبُ كل تناقضات البشر؛كان لزامًا علينا أن نكونَ مؤثرين فاعلين في المجتمع؛كلٌ في موقعه؛كان لزامًا علينا أن نستخلص العبر من قصص رجالِ الظل؛علنا نكونُ مثلهم في الهمةِ والعطاء والأخلاق..

وكم نحنُ بحاجةٍ إلى ترسيخ مفهوم" امرأةُ الظل" في عصرٍ باتتْ فيه الأضواء تخطفُ سعادة النساء؛وأصبحتْ فيه"الأسرة" خيارًا ثانيًا في حياةِ العاملات؛ اللواتي يلهثن وراء مجدٍ وهميٍ،ونصرٍ زائفٍ،وبطولاتٍ مصطنعة..

لأقولَ وأختم ضِعنا يومَ أن أوهمنا أنفسنا بأهمية الظهورِ؛ونسينا أن من يعمل في الخفاء أجره أعظم وأثوب؛كما أن نيته تكون أصفى،وسعادتُه تكونُ من القلبِ نابعة..

كلااا..لا يستويان..رجلٌ أسرَ نفسه في حِبال الأضواء..وآخر وهبَها لتتقنَ المعجزات في الخفاء..!!