القصف الصهيوني على القواعد الصفوية في سورية، لماذا الآن ... بعد سبع سنوات !؟

لكي يظل الوعي حاضرا تبقى كل الأسئلة مشروعة . ويجب أن يبقى ديكارت حاضرا . لقد أسقطت دماء أطفال سورية كل المسلمات السياسية في الذهنية العربية على مستويات دولية وإقليمية ووطنية . ولقد أطفأت هذه الدماء المسفوكة ، بظلم ، توهجات وأشعلت أخرى ، فضحت أكاذيب كثيرا ما كانت حقائق معيارية في العقول والقلوب . وأعادت فرز القوى على أكثر من صعيد ، وأدخلت حتى ما كان يظن أنه إنساني كير الاختبار فانكشف عن زيف كبير .

عشنا عمرا نعتقد فيه أن الصهيوني هو العدو لنعيد اكتشاف أن الصهيوني هو أحد الأعداء . ربما كان سيدهم ومشغلهم ومحركهم ولم نعد ندري هل ذلك يشفع للأجراء أو يزيدهم إثما إلى إثمهم وصغارا إلى صغارهم .

عشنا عمرا كان الشعار ( الموت لأمريكا ..الموت لإسرائيل ) دثارا، تدثر به كثير من العراة ، وتدفأ على وهجه كثير من المعدمين وانكشف الشعار عن سوأة ؛ فلا موت لأمريكا ، ولا موت لإسرائيل ، وإنما كان الموت الحقيقي لأطفال العراق وأطفال اليمن وأطفال سورية في الغوطة وحمص وحلب والرقة ودير الزور ..

وبطريقة خبيثة تجلببت بالرومانسية يحاول البعض اليوم أن يصور أن ما جرى في سورية ، على أيدي كل المجرمين ، أسديين وروس وصفويين كان مجرد لعبة أطفال ، وعلى لعبة الأطفال أن تنتهي بمجرد أن يدخل ساحتنا عدو بلا قناع ..

الواحد هو العدو

 لقد علمتنا سبع سنوات من الثورة أن عدو شعبنا واحد ، وإن تعدد ، وأن أصغر أجير في عدواتنا ( بشار الأسد أنموذجا ) يستحق مع كبير العداوة المزيد من النبذ والازدراء والاحتقار . إن قاعدة التمييز بين العدو الأصيل والعدو الوكيل قد انهدمت . وكما رمانا أعداؤنا عن قوس واحدة ، يجب أن نفعل .

سبع سنوات ، و العدو الصفوي (العدو الأجير) أو (العدو الأداة ) ، يصول بين ظهرانينا ويجول ، يبغي ويستنسر ، وفي كل يوم صوت حسن نصر الله يجعر فوق رؤوسنا ، يهدد أن طريق القدس يمر عبر حلب.. .

سبع سنوات وقاسم سليماني ، المطلوب للعدالة الدولية الموهومة ، يغدو ويروح تحت سمع العالم وبصره ، شريكا مسكوتا عنه لكل طالبيه ومجرّميه ، وهو يفري فريه ، ويحد شفرات ميليشياته متحدة المذهب متعددة الجنسيات على أعناق أطفال سورية ، يغطيه طيران روسي محتل حاقد وطائفي لئيم ، ويصمت عنه رضا متربص أمريكي ، كافأه على جريمته بهدنة اتفاق أغراه حتى ما عاد يحتوي تصريحات بغي الملالي برٌ ولا بحر . يخطئ من يعتقد أن دماء أطفال سورية لم تكن جزء من البروتوكولات السرية لاتفاق أوباما المريب.

سبع سنوات وفصول الكوميديا الدولية على الأرض السورية بكل طقوس موتها الأحمر والأصفر والأسود مستمرة ، وعلى الحدود الجنوبية للدولة السورية عدو متربص ، يرقب المشهد بغبطة وفرح ، ولا يفتأ يشجع ويبارك ، ويؤيد ويدعم كل الأشرار من عاصمة قرار دولي إلى أخرى ..

لنستيقظ فجأة بعد سبع سنوات من الوجود الصفوي بميليشياته ( الإيرانية – اللبنانية – العراقية – الأفغانية – الباكستانية ) التي تجاوز عددها المائة ألف مقاتل مدرب مجهز ممول ، على صوت نتنياهو يعلن أن وجود هذه الميليشيات بعديدها وقواعدها وأسلحتها تشكل خطرا على ما يسميه دولته ، وما زلنا نسميه كيانه ، فيباشر حربا مشهرة معلنة بضربات فيها من روح التحدي والرغبة في كسر زهو الانتصار ، أكثر مما فيها من الرغبة في إلحاق الضرر أو الانتقام ..!!

لكل العقلاء أن يتساءلوا : أين كان نتنياهو ، وأين كان مايسميه أمن كيانه ، وأين كان التهديد الاستراتيجي لهذه القوات وهذه القواعد الصفوية ، على أمن ( الكيان الصهيوني ) منذ أن بدأت هذه الميليشيات عملياتها في قصير حمص وحتى شاركت مع حلفاء نتنياهو الروس ، في إخراج أبناء غوطة دمشق من ديارهم كما أخرجت عصابات الهاجاناة أبناء فلسطين من فلسطين ؟!

 أين كانت المخاوف الصهيونية على الأمن الصهيوني خلال سبع سنوات كان فيها الولي الفقيه وقاسم سليماني وحسن نصر الله وجنودهم يحلون محل نتنياهو في الدفاع عن ( الأجير الوظيفي ) الذي خاف عليه نتنياهو من خطر محدق ..وبات كل من هب ودب ، وزحف وطار يكرر: لولانا لما بقي بشار سحابة من نهار ..

لقد كانت المعادلة الصهيونية يومها واضحة كل الوضوح : مائة ألف قاسم سليماني ومائة ألف من أمثال حسن نصر الله ، ولا مواطن سوري حر شريف واحد يكون شريكا في قرار!!

واليوم وبعد أن ظن نتنياهو وداعموه ومحازبوه أن أبناء الشعب السوري قد تمت الإحاطة بهم ، فقد انتهى دور هذه الأدوات التي لن تتلقى حتى الشكر عن دور النذالة والخيبة الذي أدته ..

آن الأوان ليقول نتنياهو للولي الفقيه ولقاسم سليماني ولحسن نصر الله : في هذه المهمة وعلى هذا المحور انتهى الدور ، ولا ندري بعدُ ماذا يكون ..؟

بقي أن نتساءل عن الردود المزلزلة الذي ظل أقانيم الشر يتحفوننا بها وهم يتلقون الصفعات والركلات معا فيأخذون مرة بالنواصي ومرة بالأقدام ..

إن كان ما يجري اليوم بين الكيان الصهيوني وملالي طهران صراعا حقيقيا ؛ فهو من نوع ذلك الصراع الذي طالما تابعناه على الشاشات : فبعد أن تنجح عصابات الإجرام بتنفيذ مخططها وارتكاب جريمتها ، يبدأ عناصرها بالانقلاب بعضهم على بعض .

الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تستقر في أذهاننا نحن أبناء هذه الأمة هي أن الصهيوني والصفوي والأمريكي والروسي وكل العملاء والأجراء هم العدو ..

هم العدو الذي يجب علينا أن نحذره جميعا بلا تفصيل ولا تفضيل ولا تقديم ولا تأخير ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 778