السْعُوديَّةُ .. وَ إدَارَةُ الحُشودِ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

سمعتُ سمو الأمير خالد الفيصل يقول : مَنْ أكثَرُ مِنَّا خِبْرَةً في إدارةِ الحُشودِ ..؟ بكل تأكيدٍ ليسَ هُناكَ منافسٌ ولا نِّدٌ للسعوديَّةُ بِهذا الشأنِ على الإطلاقِ .. فإن قيل : ما دليلُ صحةِ هَذا الادعاءِ..؟ أقول : إنَّ خِبْرَةَ إدارةِ الحُشودِ مُكْتَسَبٌ تَراكُميٌّ عمليٌّ لتعامل الإنْسَانِ مع تحدياتها .. فمن حيث المبدأ النَّاسُ جميعاً لديهم خبرات في هذا المضمار ..وهم في تنافس دائم في تحسين خبراتهم.. ومرتكز السُعوديَّةِ في رِهَانِها بِمَا تدَّعيه من أنَّها الأكثرُ والأجودُ والأكملُ خبرةً في إدارة الحشود يكمن في :

أنَّها أمةُ حُضورٍ إنسانيٍّ تتعاملُ معَ النَّاس بروحِ الأخوةِ الإنْسَانيَّةِ فيما يُحققُ مَصالِحَهم. وأنَّها أمةٌ مُكلَّفةٌ من رَبَّها بِخدمةِ البيت الحرام .. وتَطّهيره وتهيئته لِرَاحةِ زَائِريهِ وحِفظِ أمنِهم. وأنَّها نجحتَ وارتقت بتحقيقِ نضجِ الوعي الدينيِّ  بالمقاصدِ الإنْسَانيَّةِ العُليَّا لقُدسيَّة رسالة الحج لدى شعبها .. وأوجدتَ نَمطاً مِنَ التَفاهُمِ والانْسِجامِ بينَ غَالِبِ المسلمين على هذه القيم والتزامها. وأقامتَ مَنظومَةً مُتكاملةً مِنَ التوسِعاتِ والتسهيلاتِ وحشدِ الوسائلِ بأرقى مستوياته، وسَخرَّت أحدثَ وأرقى الإبداعاتِ العِلميَّةِ والتِكنولوجيَّةِ لِخدمةِ الحَجيجِ والعُمَّارِ وصحتِهم وأمنِهم. وسخرَّت أرقى وسائل الوقايَّة والسلامة والصِحَةِ والنَظافةِ والطَهارةِ مِمَّا لم تعرف المجتمعات والحشود البشريَّة لها مثيلاً.

هذا غيض من فيض من خصوصيات خِبرةِ السُعوديَّةِ في إدارةِ الحشودِ..  وقد رصدت وتحدثت عن جوانب منها الوسائلُ الإعلاميَّةُ السعوديَّةِ والعَربيَّةِ والإسلاميَّةِ والعالميَّةِ .. وعرضت مشاهدَ رائعة مِنَ التَّراحمِ والتآخي والمودةِ بِينَ الحُجاجِ وبين القائمين على خدمتهم وعلى الأخص رجال الأمن وغيرهم .. أمَّا الرهانُ الأبرزُ - بفهمي -  لِتَميُّزِ وتَفوقِ السُعوديَّةِ في إدارة الحشود فإنَّهُ يَتمثلُ بمَنهجِ التَّكامُلِ الرُوحيِّ والتَعبديِّ والأخَلاقيِّ والوظيفيِّ بين فعاليَّاتِ إدارةِ حَشْودِ الحجيجِ .. فَكُلُّهم في مِحْرَابِ عِبادةٍ واحدةٍ.. يَسعُون لِغَايَةٍ قُدسيَّةٍ واحدةٍ .. ألا وهي تحقيقُ الإخلاصِ في أداءِ قُدسيَّةِ فَريضةِ الحَجِ على النحو الذي يُحققُ طاعةِ الله سبحانه وَمَرضاتِه .. أجل: إنَّ منظومة تكامل الأداء الروحيِّ والتعبديِّ والوظيفيِّ والأخلاقيِّ .. بين كُلِّ مَنْ احتَشَدوا وحُشِدوا لأداءِ الحَجِ وتنّظيمِهِ وحِفظِ أمنِهِ .. لَهِي مِنْ أجلِّ سِمَاتِ خصوصيَّة خِبْرَاتِ السُعوديَّةِ الفريد ة في إدارة الحشود. وبعد : فلا فُضَّ فُوكَ يا أبا بندر .. لقد صدقتَ بِمَا قُلت وقولُك حقٌ نابعٌ من عُمقِ يَقينِ إيمانِك بِصحةِ وَصدقِ المَنهجِ الرَبَّانيِّ الذي تَنْهجُه المَملكةُ العَربيَّةُ السُعوديَّةُ في إدارةِ حُشودِ أكبرِ تَجمعٍ بَشريِّ.. في أعقد تضاريسٍ جغرافيَّةٍ ..وأصعب أحوالٍ مَناخيَّةٍ .. وعلى مَدارِ السنة بِلا كَلَلٍ ولا مَلَلٍ .. وما العجبُ .. ؟ أليست السُعوديَّةُ دَوَّلةَ " خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ " ..؟

وسوم: العدد 787