صانع القرار: بين المرونة والحزم ، وبين العقلاء والحمقى وذوي الأهواء !

صانع القرار، لا يتعامل ، مع العقلاء ، وحدهم ؛ بل هناك الحمقى والأغبياء !

ولا يتعامل ، مع المخلصين ، وحدهم ؛ فهناك أصحاب الأهواء المختلفة !

ولا يتعامل ، مع أصحاب الوعي السياسي والبصيرة ، وحدهم ؛ فلديه الجهلة ، بشكل عامّ، والجهلة في السياسة ، بشكل خاصّ !

المرونة ، وحدها ، لا تكفي ، في التعامل ، مع الناس ، جميعاً ؛ بل ، لابدّ ، من الحزم ، أحياناً ، مع بعض الناس ، وإلاّ؛ سادت حالة ، من التسيّب والانفلات ، كتلك ، التي قال عنها الشاعر:

أوسادت حالة ، من الضعف والتراخي ، كتلك ، التي عبّر عنها ، شاعرآخر:

وإذا كانت المرونة الدائمة ، في سائر الأحوال ، تولّد أنواعاً ، من التسيّب ، أو التراخي ، أو الانفلات .. فالحزم ، وحدَه ، لايكفي ، في التعامل ، مع الناس ، وإلاّ؛ تكرّرت حالةُ الحَجّاج ، ابن يوسف الثقفي ، الذي هدّد أهل العراق ، بقوله :

لأحزِمَنّكم ، حَزمَ السلمة ، ولأضربَنّكم ، ضَربَ غَرائب الإبل !

ولمّا كان صانعُ القرار، لايصنعه : لنفسه ، وزوجه ، وأولاده .. بل ، لجمهور كبير، من الناس ، فعليه ، أن يعرف ، ساحةَ عمله ، جيّداً ، كالفلاّح ، الذي يرعى حقلاً ، عليه أن يعرف ، ما فيه ، من النباتات النافعة والضارّة ، وأن يعرف أنواع الأرض : المرتفعة والمنخفضة .. وأنواع التربة المناسبة ، لكلّ نبات !

وحقل عمل صانع القرار، هوجمهورالناس ، الذين يقودهم ! فعليه : معرفة الصالح منهم والفاسد .. والمخلص والانتهازي .. وصاحب المصلحة الخاصّة ، التي يضحّي ، لأجلها ، بالمصلحة العامّة.. والمعارض ، الذي يعارض ، عن مبدأ، أو فكرة ، وذاك، الذي يعارض، عن هوى ، أو حقد ، أو جهل ! فيَكل - صانعُ القرار-  كلاّ منهم ، إلى الجهة ، التي تجيد التعامل ، معه ؛ كيلا يذهب الصالح ، بذنب الفاسد.. والواعي ، بجريرة الجاهل.. والمخلص، بمَكر الانتهازي ، أو صاحب الهوى ..!

وليس مطلوباً – بالطبع - من صانع القرار، متابعة هذه الأمور، بنفسه ؛ بل : يكفي ، أن يطّلع عليها، وأن يكلّف أعوانه ، بمتا بعتها، ويتابعهم ، هو، لمعرفة ما أنجزوا ، وما يحتاج ، إلى تدخّل مباشر، منه !

وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً .

وسوم: العدد 791