بين التحرش الجنسي والتحرش الديني

 لقد باتت ظاهرة التحرش الجنسي من أبرز مظاهر هذه الأيام، فقد أصبحت أخبار هذه الظاهرة تتصدر عناوين الصحف العالمية وأخبار القنوات الفضائية، لاسيما بعد حوادث التحرش الفاضحة التي ارتكبها رؤساء دول عظمى .. فما هو التحرش الجنسي ؟ وما هي علاقته بالتحرش الديني ؟

 حسب منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الأهلية في العالم يعرف التحرش الجنسي بأنه "توجيه كلمات أو أفعال ذات إيحاء جنسي مباشر أو غير مباشر تنتهك خصوصية الأشخاص بما يجرح مشاعرهم ويمثل إهانة لهم" .

 وهذا ما يفعله اليوم معظم الذين يتصدون لتجديد الدين، إذ يمارسون نوعاً من التحرش الديني، فيطلقون على الدين ورموزه أوصافاً تنتهك مشاعر المسلمين، وتشعرهم بإهانة دينهم واحتقار تراثهم الذي يعتز به كل مسلم غيور على دينه !

 والظاهر أن هذا التحرش الديني قد راق لأدعياء التجديد هؤلاء فراحوا يتبارون فيما بينهم لابتداع مفاهيم دينية شاذة، وفتاوى عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان؛ بهدف المزيد من التحرش بمشاعر المسلمين؛ وهدف الظهور والنجومية على الشاشات، وهي نفس الدوافع التي تدعو البعض إلى التحرش الجنسي !

 وهذه النزعة إلى الظهور والنجومية عن طريق التحرش الجنسي، ومثله التحرش الديني تكشف عن نفوس مريضة أثبتتها دراسة علمية أجراها مؤخراً مجموعة من العلماء في "جامعة دايتون" بولاية أوهايو الأمريكية، مفادها أن أصحاب المناصب الذين يتحرشون جنسياً بالنساء في العمل، يعمدون إلى هذا السلوك بسبب الخوف من اعتبارهم غير أكفاء، فهذه المخاوف وهذا الشعور بالنقص هو الذي يقودهم إلى إساءة استخدام سلطتهم عن طريق التحرش الجنسي، وهو نفس التصرف الذي يسلكه أدعياء التجديد الذين أثبتت مقولاتهم ومؤلفاتهم ما يعانون من جهل وعدم أهلية للتجديد والفتيا، ولهذا يعمدون إلى التحرش الديني في محاولة منهم للتغطية عن جهلهم وإخفاء "عقدة النقص" التي يعانون منها، فيسلكون هذا التصرف العدواني ضد الدين!

 وهذه المماثلة ما بين التحرش الجنسي والتحرش الديني لا نقصد منها اللمز بأدعياء التجديد، ولا نقصد منها الردع عن التجديد أو الاجتهاد في الدين ؛ فتجديد الدين والاجتهاد فيه دعوة نبوية وردت في الصحيح : "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" لكن لا يخفى أن تجديد الدين يحتاج جملة من الضوابط والقواعد التي نذكر منها :

-         مراعاة مقاصد الشرع .

-         معرفة بفقه الأولويات .

-         اعتبار المصلحة العامة .

-         عدم تجاوز الثوابت الواردة في نصوص الكتاب والسنة .

وانتفاء هذه الضوابط والقواعد من أعمال أدعياء التجديد هو الذي يجعلنا ننظر نظرة شك وريبة في أعمالهم، لاسيما وأن هذه الدعوات إلى التجديد فد نزامنت مع الهجوم على "الصحوة الإسلامية" التي بدأت تؤتي ثمارها الطيبة؛ هذا إلى جانب شواهد دامغة أثبتت ارتباط معظم أدعياء التجدبد المعاصرين بجهات استخباراتية داخلية وخارجية تناصب الإسلام العداء .. فتأمل !

وسوم: العدد 793