تتنوّع الأمجاد ، بتنوّع الأمزجة والعقول ، والضمائر والأخلاق !

المجد : هوبلوغ درجات عليا ، في نوع ما ، من أنواع الفضل ، والرقيّ الإنساني !

 ولكلٍّ مجدُه ، أومايراه مجداً له !

فمجدُ القائد العسكري : هو مزيد من الانتصارات ، في الحروب ، ضدّ الأعداء ! ولا تغيب عنّا ، بالطبع ، القصائد العصماء ، التي خلّدت بعض الحروب العظيمة ، مثل : قصيدة أبي تمّام ، التي خلّدت معركة عمّورية ، وخلّدت مجد المعتصم ، في نصره الحاسم ، فيها ! ومثلها الكثير، ممّا ورد ، في شعر المتنبّي ، وغيره !

ومجدُ السياسي : هو الحصول على مركز عال ، مرموق ، في دولته .. أوتحقيق إنجاز سياسي عظيم ، لدولته !

ومجدُ  الطالب : هو النجاح ، في دراسته ، وتحصيل شهادات عليا !

ومجدُ المتفوّق ، في نوع من أنواع العلم ، أو الأدب ، أو الفنّ: هو التوصّل إلى إبداع ما ، يرفع شأنه.. أو الحصول على جائزة ، ذات أهمّية ، في المجال الذي يعمل فيه ، وينافس فيه غيره !

ومجدُ التاجر: هو المزيد من الأرباح ، في تجارته !

 لكنّ ثمّة أنواعاً من الأمجاد ، تُعدّ سقوطاً ، في نظر الناس الأسوياء ، وعقلاء البشر.. بَيدَ أنّ أصحابها، يرونها أمجاداً حقيقية ، ويتفاخرون بها، فيما بينهم ، ويغبط بعضهم بعضاً، عليها.. وتظلّ خاصّة بهم ، قد يخجلون ، من ذكرها ، أمام الناس العاديين الأسوياء !

 ومن هذه الأمجاد:

 في القديم : كان زعماء القبائل يتفاخرون ، فيما بينهم ، بما حققه كلّ منهم ، من انتصارات، على القبائل الأخرى ، وبما سلب ، من مالها وأنعامها .. وبما قتل من رجالها !

وقد حفلت كتب التاريخ ، وكتب تاريخ الأدب ، بالأخبار والأشعار، التي تسرد أخبارالحروب القبلية ، بين شتّى القبائل ؛ لا سيّما ، في العصر الأموي ، بين القبائل العدنانية ، والقبائل القحطانية ، في المشرق العربي ، ثمّ في الدولة الإسلامية ، في الأندلس ، بعد أن انتقلت إليها، النزعات القبلية ، مع القبائل ، التي استقرّت في الأندلس !

ولا بدّ ، من الإشارة ، بدايةً ، إلى أيّام العرب ، في الجاهلية ، وفخر كلّ قبيلة ، بانتصاراتها، على غيرها .. وفخر الشعراء ، من كلّ قبيلة ، بما حققته قبيلتهم ، من انتصارات ! وقد كان يوم (بُعاث) ، بين الأوس والخزرج ، مثلاً صارخاً ، على هذا النوع ، من الانتصارات ، التي تُعدّ أمجاداً ، كانت قبل الإسلام ، وقبل أن يقضي الإسلام ، على النزعات الجاهلية ، التي كانت سائدة ، بين القبائل ، ويؤلّف الله ، بين قلوب المؤمنين ! وقد قال ، عزّ وجلّ ، في كتابه الكريم :

وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .

 ومن الأمجاد الزائفة :

أمجاد اللصوص المحترفين ، الذين يفخر أحدهم ، بأنه سَطا ، على البنك الفلاني ، ونهب مافيه ، من أموال ، دون أن يُقبض عليه ، ودون أن يرى وجهه أحد ، أو يتعرّف عليه أحد! بينما يفخر الآخر، بأنه فَتح خزنة شديدة التحصين ، محكمة الإغلاق ، أعجزت كلّ مَن حاول الوصول إليها ، أوفتحها !

وما ينسحب على اللصوص ، ينسحب على أناس كثيرين ، من المنحرفين ، الذين يتفاخرون بأمجادهم ، في مجالات انحرافاتهم !

ولله في خلقه شؤون !

وسوم: العدد 796