حديث عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، كيف ولدت فكرة الاحتفال لأول مرة

clip_image002_b8af1.jpg

                        الأديب: عبد الباقي يوســــف

قدّم  الأديب عبد الباقي يوسف، في برنامجه الإذاعي (أدب القرآن الكريم)، حديثاً طيباً عن المولد النبوي الشريف، وتحدّث عن أول مرة تم فيها الاحتفال بهذه المناسبة، كما دار الحديث في هذا البرنامج الذي بُث يوم المولد الشريف، يوم الثلاثاء، الواقع في 22- 11- 2018 من إذاعة الاتحاد الإسلامي في أربيل.

وفيما يلي نص الحديث مع رابط المصدر لمن يود الاستماع إلى الحلقة:

يوم المولد النبوي الشريف هو يوم انعطافي كبير في التاريخ البشري، حيث ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرحمة المهداة للعالمين، فحسّن للبشريّة حالها، والمسلمون لا يَدَعون مثل هذا اليوم كغيره من أيام السنة، بل يحتفلون بهذا اليوم الذهبي المجيد، فيأكلون فيه طعاماً طيّباً، ويتناولون شراباً لذيذاً، يوزّعون الحلوى على المارّة، وفي البيوت،

 ويتصالح فيه المتخاصمون، تتواصل فيه صلات الرحم أكثر من غيره، يزداد المسلمون ذكراً، وصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم.

فكرة الاحتفال بالمولد النبوي

ولعلّ مدينة أربيل هي أول مدينة احتفلت بالمولد النبوي الشريف، وذلك عندما أراد أميرها مظفر الدين كوكبري أن يؤسّس لأول مرة للاحتفال بهذه الذكرى.

فذات يوم وهو يفكر بحجم محبته لشخصية النبي، أراد أن يعبر عن ذلك  بعمل ما يمكن أن يفعله، هذا العمل الذي لم يسبقه إليه أحد، ثم يتبعه الناس من بعده، فخطرت له فكرة أن يؤسس مناسبة الاحتفال بيوم المولد النبوي، ثم على الفور شرع في تنفيذ الفكرة مع قدوم ذكرى يوم المولد.

بعد ذلك بدأ يتوسع في هذا الاحتفال ليتحوّل إلى احتفال عام يُدعى إليه ضيوفٌ من نصيبين، وبلاد فارس، وجزيرة ابن عمر، وبغداد، والموصل.

قبل شهرين من قدوم هذه المناسبة، كان يبدأ في الاستعدادات لها، وكان يشارك بنفسه في نصب القباب الخشبية التي تمتد من  الباب الرئيسي للقلعة إلى ساحة الميدان.

كان يدعو بنفسه المنشدين، والفقهاء، والوعاظ، والقراء، والشعراء، والصوفية، كذلك يحضر أهل النكتة، وألوان الفنون، وأدخل لأول مرة إلى أربيل، فرق القراكوز.

كان الناس يعدّون ذلك بمثابة عطلة لهم، فيتوقفون عن أعمالهم مع بداية شهر صفر عندما كان يتم الإعلان عن بدء الاحتفال، يرتدون ثياباً جديدة، ويخرجون من بيوتهم على شكل جماعات حتى تكتظ ساحة الاحتفال بهم، يتحلقون بأعداد كبيرة، وهم يبتهجون، ويشاهدون هذه الفعاليات.

كان مظفر يقيم في القلعة، ويقسّم وقته في هذه المناسبة، فكان يصلي الفجر، وفي الصباح يذهب إلى الصيد، يبقى حتى قبل صلاة الظهر، ويعود، يصلي، ثم يتناول الغداء، ويستريح حتى ينهض ليصلي صلاة العصر، ثم يخرج إلى الساحة  ليشارك الناس متعة التفرّج على هذه الألعاب المسلية، والمَشاهد البهلوانية، والاستماع إلى الفرق الموسيقية،

وعندما يحل الليل، كان يتجه إلى الخانقاه حتى يشارك الناس الاستماع إلى المنقبة النبوية.

كان يستمر على هذا المنوال طوال شهر صفر، حتى صبيحة يوم المولد في الثاني عشر من ربيع الأول، حيث يبلغ الاحتفال أوجه، حينها كان الصوفية يتوافدون إلى القلعة على شكل أفواج وهم يحملون الهدايا الوفيرة التي جلبها مظفر إلى القلعة، كانوا يحملون الخلع المشدودة في بقج، ويتجهون بها بانتظام إلى الخانقاه التي يجتمع فيها بياض الناس من رؤساء وأعيان، بينما يجلس مظفر في برج خشبي أنيق ذو شبابيك، وهو يشرف على العرض العسكري الذي كان ينظمه في نهار المولد.

إثر ذلك يتجه الناس جميعاً إلى تناول الطعام، كانت تُذبح الغنم، والبقر، والإبل بسخاء، ويتابع الأمير مظفر بنفسه عملية إحضار ألوان وأشكال الطعام والشراب.

كان الصوفية يفرشون خمسة آلاف رأس شوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف صينية، وثلاثين ألف صحن من أصناف الحلوى.

كان يعدّ لذلك سماطين، سماط في الميدان لعامة الناس يمتلئ بما طاب من طعام وما لذ من شراب، والآخر في الخانقاه للضيوف والأعوان.

بعد تناول الطعام، كان مظفر يعود إلى القلعة، يستريح حتى يحل وقت صلاة المغرب، فينهض، يصلي ويخرج متجهاً إلى الخانقاه.

يمضي في موكبه المهيب وقد أشعل شموع المولد بكثرة، حيث تحمل الحاشية هذه الشموع، إضافة إلى شمعتين ضخمتين، كل واحدة مثبتة على ظهر بغل، يقوم رجل بسندها.

عندما يصل مظفر، ويجالس ضيوفه، يبدأ السماع الكبير بالسيرة النبوية، وقراءة قصة المعراج، يستمر السماع حتى فجر اليوم التالي، وفي نهاية الاحتفال يقوم بتكريم الفقهاء، والمنشدين، والشعراء، والوعاظ، والقرّاء، وسائر المشاركين، فيجزل لهم العطاء، ويقدم لهم الخلع والهدايا الثمينة. 

ومظفر كان متزوجاً من ربيعة خاتون، أخت صلاح الدين الأيوبي، وكانت سابقاً زوجة الأمير الكبير سعد الدين مسعود بن معين الدين، وكان صلاح الدين متزوجاً من عصمت خاتون أخت سعد الدين.

كان مظفر الدين يميل إلى الزهد بالنسبة لحياته اليومية على قدر ما يميل إلى السخاء بالنسبة لفعل الخير والصدقات، فكان يرتدي ثياباً زهيدة الثمن، وذات مرة عندما طلبت منه ربيعة خاتون أن يرتدي ثياباً ثمينة،

قال لها بثقة: أيهما أصلح وأكثرأجراً، أن ألبس ثوباً بعشرة دراهم، أو ألبس ثوباً بخمسة دراهم وأتصدق بالخمسة الباقية على فقير أو مسكين.

كان يخصص بنفسه حاجة الفقراء من الخبز كل يوم حتى يأتوا ويأخذوا خبز يومهم من كل الأرجاء، ثم كان يعطيهم ما يحتاجون من ملابس في الصيف والشتاء، وكان يعطي للمسافر المحتاج نفقات الطريق، وكل سنة في موسم الحج كان يقيم سبيلاً للحجاج، يزوّده بكل ما يحتاج إليه،

ولذلك أحبه أهل أربيل، وما يزالون يذكرونه بالخير،  ويزيّنون الطرقات، والمساجد، والبيوت بعبارات مديح النبي، عليه الصلاة والسلام،  وفي هذا اليوم يتوجّه أهل أربيل إلى القلعة التي تزدحم بالناس، وتفتح المحال أبوابها للضيافة، وترى ألوان الطعام والشراب أمام المحال لضيافة الناس احتفالاً بهذه المناسبة.

       حاجتنا إلى سيرة النبي

فهو يوم غير عادي في تاريخ البشرية، وكم نحتاج أن نتعلم من خصاله الحميدة، وقد شهد له الله عز وجل بأنه على خلق عظيم. فقد كان إنساناً بكل معنى الكلمة، وكان متواضعاً ويقول: "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلاّ موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون ويعجبون له: هلا وضعت هذه اللبنة؟ 

قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين".

روي عن وهب بن منبه أنه قال: قرأت في بعض الكتب القديمة أن الله قال :" وعزَّتي وجلالي  لأُنزلنَّ على جبال العرب نوراً يملأ ما بين المشرق والمغرب، ولأخرجنَّ من ولد إسماعيل نبياً أمياً عربياً، يؤمن به عدد نجوم السماء، ونبات الأرض،

 كلهم مؤمن بي رباً، وبه رسولاً، يكفرون بملل آبائهم، ويفرون منها ".

  وفي قوله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام  عن محمد صلى الله عليه وسلم يقول: يا موسى وإني أنتقم من عدوه في الدنيا والآخرة، وأظهر دعوته على كل دعوة، وسلطانه ومن معه على البر والبحر،

 وأخرج له من كنوز الأرض، وأذل من خالف شريعته،

 يا موسى بالعدل ربيته، وبالقسط أخرجته، وعزَّتي لأستنقذن به أمماً من النار،

 فتحتُ الدنيا بإبراهيم، وختمتها بمحمد، مثل كتابه الذي يجيء به كمثل السقاء المملوء لبناً يَمخض فيَخرج زبداً، بكتابه أختم الكتب، وبشريعته أختم الشرائع، فمن أدركه ولم يؤمن به، ولم يدخل شريعتهِ فهو من الله بريء، أجعل أمته يبنون في مشارق الأرض ومغاربها مساجد، إذا ذُكر اسمي فيها ذُكر اسم ذلك النبي معه، لايزال ذكره من الدنيا حتى تزول".

كانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تقول له:(والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتُكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتعين على النوائب، وتَصدُق الحديث، وتؤدي الأمانة).

جاء في صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وسلم:

" إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونواعباد الله إخوانا ".

ولذلك كان أول ما يخرج من بيته يقول: "اللهم أعوذ بك أن أضِل أو أُضَل، أو أزل أوأُزَل, أو أظلم أو أُظلَم, أوأجهل أو يُجهل علي".

عن أبي ثعلبة قال: يارسول الله ادفعني إلى رجل حسن التعليم،

 فدفعني إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم قال: "دفعتك إلى رجل يحسن تعليمك وأدبك".

وعنه صلى الله عليه وسلم: "علموا ويسروا ولاتعسروا، وبشروا ولاتُنَفروا". "سيأتيكم قوم يتفقهون، ففقهوهم وأحسنوا إليهم".

وروى ابن ماجة بسند صحيح عنه صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً, سهل الله له طريقاً إلى الجنة ".

وفي رواية للترمذي عنه صلى الله عليه وسلم: " أن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في جَوف البحر ليُصلون على معلمي الناس الخير".

وعنه عليه الصلاة والسلام: "ألا أنبأكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والفضة وخيرٌ لكم من أن تَلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم " قالوا بلى، قال: ذكرالله تعالى" رواه الترمذي.

"كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله"    رواه البخاري، ومسلم.

"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا" رواه مسلم.

"أن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابين بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" رواه مسلم.

"ًما من مسلم يعود مسلماً مريضاً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يَمسي، وإن عاد عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يَصبح، وكان له خريفٌ في        الجنة " رواه الترمذي.

"من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء" رواه الترمذي.

"من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" إلا غفر الله له ما كان مجلسه ذلك" رواه الترمذي.

وعنه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ بلى يا رسول الله، فقال: النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا في الجنة"            رواه الطبراني.

وعنه صلى الله عليه وسلم: "مامن رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكل الله به ملكاً كلما دعا دعوة قال الملك الموكل به: آمين ولك مثله". 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى عليه وسلم أنه قال :" إنكم تجالسون بينكم بالأمانة ولا يحل لأحد أن يفشي على صاحبه ما يكره" رواه الحاكم.

كل هذه الأخلاق الكريمة بدأت تنتشر في الناس بتدرّج وتستقطبهم للدخول إلى الإسلام الذي يحميهم ويحفظ لهم حقوقهم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لايستر عبدٌ عبداً في الدنيا، إلاّ ستره الله يوم القيامة" رواه مسلم.

" إياكم والظّن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم، المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره: التقوى ههنا .. التقوى ههنا. - ويشير إلى صدره- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله، 

إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم "رواه البخاري ومسلم. 

" كُلُّكم رَاعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ ومسؤول عن رعيته  والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته"رواه مسلم

"ما من إمام يُغلق بابه دون ذوي الحاجات والمسكنة إلاّ أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنه" رواه الترمذي.

             يوم المولد النبوي مناسبة طيّبة

المولد النبوي، مناسبة طيبة لتتجالس العائلات إلى بعضها البعض، ويتحدّث الأبوان لأبنائهما عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم, محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

 لقد وصل نسله بصفاء منذ آدم, وهو أينما حل وقع معه الخير.

 عنه صلى الله عليه وسلم": ما افترق الناس عن فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية, وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح, من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي".

 إنه الرجل  الذي شاء الله أن يصطفيه من سلسلة البشرية ليكون خاتما للأنبياء, عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل, واصطفى من كنانة قريشا, واصطفى من قريش بني هاشم, واصطفاني من بني هاشم".

 يصفه صاحبه أبو هريرة: (مارأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم, كأن الشمس تجري في وجهه).

 ويصفه ابن عمه علي بن أبي طالب: (لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد, من رآه بديهة هابه, ومن خالطه معرفة أحبه).

  جاءعنه صلى الله عليه وسلم:"إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً, وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون.

ماشيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, وإن الله ليبغض الفاحش البذيء".

 كان يدعو إلى الأخلاق لأن من تمتع بالأخلاق سيكون قد بلغ درجة متقدمة من الصلاح, جاء عنه صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثتُ لأتمِمَ مكارم الأخلاق ".

من علامات حسن الخلق  أن يكون المرء كثير الحياء, قليل الأذى, كثير الصلاح, صدوق اللسان, براً وصولاً وقوراً , صبوراً شكوراً , رضياً حليماً رفيقاً عفيفاً, متواضعاً،  لا أن يكون لعاناً ولاسباباً, ولانماماً ولامغتاباً, ولاعجولاً ولاحقوداً, ولابخيلاً ولا حسوداً, يحب في الله ويبغض في الله, ويرضى في الله، ويغضب في قلبه.

     المصدر:

https://youtu.be/ASk3EWcZAYc

وسوم: العدد 799