فِتْنَةُ المُصْطَلَحَاتِ .. و هَرْطَقَةُ الغُلاةِ -15 (البيعة -5)

د. حامد بن أحمد الرفاعي

وخلاصةُ القول.. البيَّعَة : مُسمى قرآنيِّ ونظامٌ ربَّانيِّ ..ونهجٌ أخلاقيِّ .. وعهدٌ وميثاقٌ عَقَديِّ تَعَبُديِّ .. البيَّعة : نظامُ إيمانٍ وأداءٍ اجتماعيٍّ إداريٌّ وسياسيٌّ فريدٌ في قِيَمه ومعاييره وضوابطه.. لا يماثله في كماله وتمام خَيْريَّتِهِ نظام آخر من نُظم البشر .. ولا ينافسه غيره من النظم في قدسيَّة قيمه ودقة أحكامه ورشد مخرجاته في حياة المجتمعات.. بكلِّ تأكيد ٌقد تتقاطع بعضُ النظم البشريَّةِ مع بعض جوانب من خَيْريَّته وسمو عطائهِ إلا أنه يبقى متفرداً في خصوصيتهِ وتميزه ..ولكن ما الذي يُكسب نظامَ البيَّعَةِ التميّز عن غيره من النظم ..؟  وما الذي يجعله ممتنعاً عن المنافسة الكاملة ..؟ سبب ذلك أمران:

1.  القيم الإيمانيَّة الربَّانيَّة والتكامل الوجدانيَّ والأخلاقيِّ.2.  الحافز العقدي والتعبديِّ في أدائهِ والتمسك به.

أجل البيَّعَة : ليس نظام مصالح ومنافع .. وليس وسيلة تَكسُّب دُنيَّويِّ .. البيَّعَةُ في الإسلام مسؤوليةٌ وأمانةٌ .. لقول رسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين" . ويؤكد ذلك ربّنا سبحانه في قوله تعالى :"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " ويؤكد رسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مسؤولية كل عضو في المجتمع في الحرص على أداء أمانته في كل ما يعزز أمن وسلام وسيادة الدولة ويحقق مصالح رعاياها: فيقول صلى الله عليه وسلم : " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ". يتبع في الرسالة القادمة بعون الله تعالى

وسوم: العدد 803