فِتْنَةُ المُصْطَلَحَاتِ .. و هَرْطَقَةُ الغُلاةِ – 22

د. حامد بن أحمد الرفاعي

( أهلُ الذكرِ - 2)

أهل الذكر :هم أولئك البشر الذين يتمتعون بمؤهلات علميَّة ومعرفيَّة وتقنيَّة وأخلاقيَّة في جميع ميادين الحياة .. ومنهم أتباع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام من لدن أبينا آدم عليه السلام وحتى خاتمهم نبينا ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم أتباع كُلِّ الثقافات والفلسفات الروحيَّة والفكريَّة .. فأهل الذكر : مصطلحٌ ربَّانيٌّ إنْسَانيٌّ مَوسُوعيٌّ حاشدٌ يُفعيِّلُ كُلَّ طاقاتِ وكفاءات ومؤهلاتِ وخبراتِ بني البشر .. لتكون في أداء وإنجاز مهمة الاستخلاف لعمارة الأرض وبناء الحياة.. فمهمة الاستخلاف مسؤوليَّة جماعيَّة يضطلع بها الأفراد والجماعات والمجتمعات بل وكل المخلوقات ..فَرَبُّ النَّاس وربُّ الخلائق (الحيَّوية والماديَّة) سبحانه جعلهم جميعاً منظومة واحدة تتكامل في أدائها وغاياتها في محاريب عبادته .. وذلك للنهوض بالمهمة الجليلة المقدسة التي قضاها سبحانه ألا وهي عمارة الأرض وإقامة الحياة.. فقد أهل الله تعالى عناصر منظومة الاستخلاف وفطرهم على ذلك لقوله تعالى : "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"  ولقوله تعالى : " وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم " ولقوله تعالى : "وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ". واختص الله جلَّ جلاله الإنْسَانَ سيد منظومة الاستخلاف بكمال التأهيل والاستعداد لنزعة الابتكار والإبداع والارتقاء لقوله تعالى : " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا " وشرَّفه بمهمة الاستخلاف في الأرض لقوله تعالى : " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ". وأخذ على العباد بلا استثناء عهد الأزلي ليكونوا بفطرتهم وصبغة تكوينهم مؤهلين لحب خير والبناء والتعايش الإنْسَانيِّ الآمن.. والخلل الكبير الذي تعاني المجتمعات البشريَّةِ من آثاره المُدَمْرَّةِ اليوم.. هو تمرد الثقافة البشريَّةِ على هذا التَّكَاُمِل المُحْكَمِ المُقْدَسِ لمنهج الاستخلاف الربَّانيِّ للإنسان في الأرض .. والتشويه البشع الذي ألحقه بعضهم بقدسيَّةِ التكوين الربَّانيِّ للإنسان.. والحماقات التي يمارسها بعض النَّاس بحق سمو مفاهيم وغايات رسالة الدين والتدين في مسيرة إقامة الحياة والبناء. يتبع بعون الله تعالى

وسوم: العدد 804