التَعَاقُديَّةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

جاءَ الإسلامُ لِيقررَ ويُؤصلَ مَبدَأ التَعاقُدِ في التعامل بينَ النَّاسِ.. فالتعاقُديِّةُ والتزامُ العهودِ والمواثيقِ.. هي القيمةُ الرَبَّانيِّةُ الأساسُ في ضبطِ إقامةِ سير حياةِ النَّاسِ وتصريفِ مصالِحِهم.. والتَعاقُديِّةُ هي المَبدأ الضامنُ والحارسُ الأقوى لِحمايةِ أمنِ الأفرادِ والمجتمعاتِ.. والتعاقُديِّةُ هي الطريقُ الأقّومُ والأقسطُ عندَ اللهِ.. وهي السبيلُ الأّسلمُ لإقامةِ الثقةِ بينَ النَّاسِ.. لقوله تعالى: "وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا". والتعاقُديَّةُ منطلقٌ أساسٌ في تأكيدِ كرامةِ الإنسانِ وحريتِه.. فالتعاقدُ يُؤكدُ مَبدَأ النديِّةِ بينَ الأفرادِ والمجتمعاتِ للقاعدة الفقهيَّة والمبدأ القانوني اللاتيني الدولي المشهور: "العقدُ شريعةُ المُتعاقدين" يُلزمُهم أمامَ اللهِ تعالى وأمامَ الشرائعِ والقانونِ.. والتعاقُديِّةُ في الإسلامِ هي المرجعيِّةُ الأوثقُ في إقامةِ العدلِ بينَ النَّاسِ.. ومنْ تَعظِّيمِ وتقدِّيسِ شأنِ التعاقديِّةِ أنْ جعلها اللهُ تَعالى ميثاقاً غليظاً بينَه وبينَ عبادِه لقولِه جلَّ شأنُهُ :"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا". وعلَى أساسٍ منَ التعاقُديِّةِ تَرتَقي طاعةُ الإمامِ والحاكمِ لتكونَ منْ طاعةِ اللهِ تعالى لقولِه تباركت أسماؤه :"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ". ويؤكدُ الإسلامُ وجوب التزامَ العهودِ والمواثيقِ لقولِه تَعالى: "وَأوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً" مؤكداً بذلك أنَّ التعاقُديِّةَ والعهودَ والمواثيقَ.. هي الأساسُ الذي يَحكمُ ويَضبطُ آلياتِ العلاقةِ الكريمةِ العَادلةِ الآمنة بينَ النَّاسِ لقولِه تعالى: "ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا".

وسوم: العدد 810