اعترافان .. وحاشيتان.. ونصر مؤزر لشعب سورية

·        اعتراف أول

اعترف المخادع المراوغ بعظمة لسانه: أن بقاء نظامه واستمرار تربعه على عرش الحكم في ليبيا ضمانة لأمن إسرائيل وحماية للغرب من الهجرة الإفريقية إلى بلدان أوروبا.. وهذا الاعتراف حمّله على الأثير هدية مزجاة لمن يقصفونه اليوم، وهم بالأمس كانوا يوادونه، ويتلمسون ضلوعه في إفساح المجال (لاستثماراتهم) عفواً لاستغلالهم له، وأقول حمّله هدية.. لعلهم بوجوههم الصفراء الخادعة أن تحن ضلوعهم على متعامل قديم، كان يخبئ مكره وغيظه من شعبه بهرطقات "أيدولوجية" مازحة ساخرة، وكلمات مزدحمة بالغباء والتنطع بالقومية والوطنية الخارقة لحدود الأدب واللياقة، لكنها مسكونة بالخدمة الفعلية في "أجندات" الآخرين ومقامرة بمصير وطن ومستقبل شعب، راقصاً على جراحاته وفقره وبطالته وسوء عيشه.

·        اعتراف ثان.

وها هو (مخادع) آخر ينتمي إلى العائلة الأسدية في سورية.. هو ابن خال الرئيس وشريكه في (المكاسب)، إنه رامي مخلوف (ما غيره) يتبرع بالاعتراف – بعد تبرع القذافي واعترافه – قائلاً لصحيفة (نيويورك تايمز).. أمن إسرائيل من أمن سورية.. وقد قررنا أن نخوض المعركة في سورية حتى النهاية.. !!.. إنها آخر كلمات يشهقون بها، وآخر رأي تعس يرمي بها حكام سورية الشعب العربي السوري..؟.. أفبعد هذا الاعتراف الصريح بصفقة تربط بين بقاء العائلة في الحكم مقابل أمن الصهاينة، تريدون من شعب سورية أن يجتبيكم جذوة قبول، وسيف حماية، وصك عرفان بفضائل لم تقترفوها يوماً منذ تاريخ اغتصابكم لعرش سورية؟ حيث تمتد فعالكم الشائنة إلى ما يقارب الخمسين عاماً إلى الوراء، عبدتم فيها الكرسي، وقدمتم في سبيل ذلك القرابين على مذابح بقائكم من أرواح الناس وأمنهم وكرامتهم ومن تفريط بحدود الوطن، وإعفاء لمن اغتصبوا جزءاً عزيزاً منه في الجولان من أية ضريبة يمكن أن يفرضها الأحرار على الغاصبين، يقضون بها مضاجع المعتدين، أو يهزون بها أسرتهم بمزيد من التوغل في أحلام نومهم؛ إذ من واجب الأحرار أن يحوّلوا تلك الأحلام إلى كوابيس مقضة لمضاجع الجناة من بني صهيون.. إن صورة هذه العائلة واضحة لمن ألقى السمع والبصر وهوشهيد، فعرف حقيقة فرية من افترى انتماءهم إلى الممانعة والمقاومة.. فهل إلى مرد من سبيل يقود إلى فجر الحقيقة؟ نرجو ذلك.

·        إنه إفك مفترى

إن الادعاء بأن الجيش يحاصر العصابات والمهربين والسلفيين الأصوليين لهو افتراء وإفك مبين، والبرهان على هذا الإفك قيام الدبابات والجيش والشبيحة بسفك الدماء دون مواربة ولا تخفٍ في الشوارع والأزقة، حيث هدموا البيوت، وعطلوا الحياة، وصنعوا الحصارات الظالمة، وقطعوا أسباب الحياة عن المدن؛ فلا ماء، ولا كهرباء، ولا اتصالات ولا طعام ولا شراب، فما علاقة كل ذلك بكذبة الحرب على العصابات يا ترى؟.. وهنا ينجم سؤال ملح يقول: كيف ومتى ومن أين أتت تلك العصابات فجأة، وأخذت تنتقل بالقناصات وبالهراوات والعصي والمسدسات، تقتل وتسحل وتخرب، وعين الجيش والأمن ترقبهم، بل وتحميهم؟ إن ذلك يدل دلالة قاطعة على أن هذه المجموعات من (العصابات والشبيحة)، ليسوا إلا صناعة مخابراتية وحكومية رعاها وتعهدها  ماهر الأسد شقيق الرئيس قائد (الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري).

 إن تلك الممارسات السلطوية الوحشية ومُسوّقات إعلامها البائس ليست إلا إفكاً ( فبركوه) لتغطية ممارساتهم الوحشية وعدوانهم السافر على شعب سورية المحتج سلمياً في دعوته للتغيير.. وفي هذا السياق.. لنتأمل قول مديرة قسم الشرق الأوسط للدفاع عن حقوق الإنسان (سارا ليا ويتسون) في منظمة (هيومن رايتس ووتش): "إن القادة في سورية يتحدثون عن حرب ضد الإرهابيين، إلا أن ما نراه على الأرض هي حرب ضد السوريين العاديين (محامين وناشطين حقوقيين، وطلاباً) يطالبون بإصلاح ديموقراطي في بلدهم". وكذلك لنقف  أمام سؤال يفرضه مشهد الفارين من المواطنين السوريين إلى لبنان وتركيا والأردن ثم أمام مشهد المقابر الجماعية في درعا ومن قبل في تدمر.. وإنه لسؤال مفحم يقول: لماذا تصر  عائلة الأسد ومنذ أربعين عاماً على مجافاة الصدق في القول والعمل، ولم تعرف إلا حوار الدبابات والقمع ضد شعب سورية البطل وغيره من شعوب العرب في فلسطين ولبنان، وانطلاقاً من مجافاتهم للصدق، لا بد من سؤال آخر: ترى ما هي نكهة الحوار التي ادعى وزير إعلامهم أنه سوف يبدأ عاجلاً بعد كل تلك الدماء والخراب الذين ارتكب إثمها جيش ومخابرات وأمن العائلة، الذين خرجوا جميعهم بفعالهم من الانتماء الحقيقي لشعب سورية المصابر، ولعلنا بعد كل هذا القول أن ندع المسوّقين لبقاء هذه العائلة من جيش المطبلين والمزمرين يراجعون ضمائرهم إن كان عندهم بقية من ضمير ، فيتذكرون أن الحياة موقف شريف، فلا يستمرون في تجميل وتزويق صورة العائلة غير المنتمية، ويكفون عن الاستغراق في قلب الحقائق وإدانة أبناء شعبهم الثائر على الاستبداد والظلم والفساد والتفريط بحقوق الناس والوطن ثم ليتعظوا بقول الشاعر المجيد:

ووقفت حيث رأيت شعبك واقفاً وحملت عبء الذائدين ولم تكن ما قيمة الكلمات إن هي حوصرت عجباً لمن حمل اليراعة وادعى حق على القلم النقي إذا اشتكت ووثبت حيث رأيت مجدك مطلبا يوماً لتزهد بالنضال وتتعبا خلل السطور ولم تصافح مأربا أدباً ولم يرد النضال مخضبا دنياه جوداً أن يثور ويغضبا ·        معركة خاسرة

إن هؤلاء إن لم يفعلوا، فَهُم في جحيم مقالهم يتقلبون، ويوم انتصار الشعب – وهو يوم قريب بإذن الله – سوف يعضون الأنامل ندماً .. ولات ساعة مندم؛ لأنهم ظلوا قياناً معروضة في سوق نخاسة القلم والكلمة..!! ويجب أن يفهموا أنهم أدوات للظلم والقتل الفاحش والقمع الدموي.. المرتد عن واجب الوقت المتمثل باستعادة الجولان إلى إدارة معركة متوحشة مع الوطن وأهله وهي معركة خاسرة بكل المعايير، لأن الشعب الذي خرج يدعو إلى إلغاء الاستبداد وابتلاع السلطة في جوف حزب واحد. والخضوع لإرادة فرد واحد، وكذلك يدعو إلى الديمقراطية والعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان والشراكة العادلة للشعب في قرار البلاد لن يرتد إلا منتصراً بمشيئة الله مهما غلت التضحيات، والإصرار عليه والاستمرار فيه هو عهد ووعد.

وسوم: العدد 810