في القلب حزن ولكن...

ذ عبدالإله بن أحمد عبقاري

هو القلب ابد الدهر متقلب.. مضغة لاكتها الأقدار ثم أحالتها  على سجن محكم الإغلاق  لا حول له  ولا قوة ، فهو الاسير بين الاضلع   تعصف به رياح الغضب تارة وتلوح في الآفاق  اشعة الفرح الدافئة تارة أخرى، فهو بين النقيضين لا يركن إلى جنب حتى يطرق بابه ما يختلج صدور الآدميين  عادة، وبين برودة المشاعر ودفئها، وصدقها وبهتانها، وعلانيتها وسرها، ترقب العين سيلا من الدمع منهمرا لا يتحسس حقيقته إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..

العبرات ترجمان  وفي للشعور النبيل، يهتدي إليه الحيارى  في دروب الأحزان هي  رحمة مهداة من رب البرايا.. وإذا اشتدت نوائب الدنيا عليك  أخي في الانسانية فلا مفر من اشتغال آلة الترجمة  عن كلام القلب عن آهاته وآلامه عن مسراته وأفراحه.. فالدمعة  أصدق من ينطق  بفصاحة عما يدور في الجنان، كما أن الابتسامة ثمرة الرضا والسعادة التي تسم طريق أولي الألباب .. فلولا الحزن ما عرف الفرح، ولولا الكذب ما تميز الصدق، ولولا الخيانة ما عرفت الأمانة؛ حكمة بالغة، ليعرف المخلوق  الايل للزوال قدرة خالقه الذي حكم على كل ذي كبد رطب بالفناء "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " وهو الذي خلق الدمعة والابتسامة، فجعل الأولى رحمة  والثانية صدقة، ومن كل خلق زوجين اثنين.. يخلق ما يشاء، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

في القلب حزن.. على  هزائم الإنسان في تعامله مع أخيه الإنسان..

حزن على تمكن الرذيلة من قلوب آدمية غدت وحوشا ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب .. الهزيمة الحضارية التي يتلظى فيها  الادميون أساسها انفلات  القيم والاخلاق من يد حكيمة كان الواجب الاوجب  ان تكون يدا متوضئة مومنة مسلمة.. فلما وقع المسلمون في المحذور الذي كان أخوف ما يخاف علينا منه نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام.. الدنيا .. صرنا لها قطيعا تسوسنا الشهوات والملذات وتحجب عنا حقيقة الافراح والاحزان وحقيقة البقاء والخلود وحقيقة العدم والوجود وحقيقة الحق والباطل .. في زمن يصدق فيه الكاذب ويكذب الصادق، ويخون الأمين ويؤتمن الخائن.

ألا إن في القلب حزنا يصدقه الإيمان الحق او يرده..

صه !! ياأيها الحالم أما آن لك أن تستيقظ من غفوتك، من سباتك الأبدي الذي طال في غيابات الوهم والزلل.. عن المكارم تحدث نفسك، عن الانتصارات المحتومة تمنيها والواقع المرير يصيح هادرا يا أيها الرجعي الظلامي الطائر إلى الزمان الجميل حيث مكارم الأخلاق تاج على الرؤوس يتسابق فيها أولو الفضل من الرعيل الأول من الذين وفقوا لجادة الطريق.. يتنافسون في فعل الخيرات وترك المنكرات ..وفي ذلك فليتنافس المتنافسون !!؟

وفي غمار المنافسة ومضمار السباق تحضر الأخلاق الكريمة بين أهل الصفوة والنخبة المختارة، لا يروعها تسابق محموم لحيازة دنيا طلقوها مذ سكن هدوء الإيمان قلوبهم وتغشتها السكينة والرحمة وخالطتها بشاشة الصحبة المباركة.. صحبة الأوابين وصحبة الواقافين عند حدود الأمر والنهي..

جراح أمتي  لا تكاد تندمل، وطعنات المكر والدهاء من بني جلدتنا لا تبرح طعنا في أمة مكلومة .. ثعالب الليل بمكرها ودهائها ومدها ليد الغدر والخديعة لأول زنيم يطرق الباب ما تورعت ولن تتورع عن بيع ما تبقى من صفائح العزة والكرامة حيث الرجل التافه يتكلم في المجد الغابر سبا وطعنا وفي الحاضر الموبوء افتياتا وزورا وبهتانا وعن المستقبل تقليدا أعمى لكل شارد ووارد، رويبضة وأي رويبضة؟؟؟

وتحدثني عن الفرح يا أيها السادر المجاهر بكل نقيصة..

رحم الله السيد الجليل صلاح الدين الأيوبي ما كانت البسمة تجد سبيلا على قسمات وجهه والقدس أسير..

ولعمرك  لو علم أن ذلك الأسر كان أخف وطءا من أسر الأنفس والثمرات،  حيث غدا زمان المسلمين ومكانهم رهن الاعتقال.. تعد عليهم حركاتهم وسكناتهم أياد تفننت في صنوف السلب لا العطاء، والشدة والترهيب والتجويع والتجهيل..

ويجثم على أنفاسك واقعك المرير فتنتبه من غفلتك على صوت الزغاريد حيث العالم يموج برؤوس بشرية تتمايل في حركة لا تمل من الصخب.. شبكت عشري على راسي و تنبهت لصغيري في حركة ذائبة تؤذن بجيل ينتظر بإلحاح غدا مشرقا..

وسوم: العدد 815