الشللية

جمالنا أن نقترب من الجميع، وعلى أقل تقديرٍ لنتعرف على أنماطهم (الحسية، والسمعية، والبصرية)، كيما نُحسن التعامل معهم، ونمتزج بعلومهم وتجاربهم..

والمقرونة بضوابط البشر كالإنسان الودود، والمُتردد، والثرثار، والعنيد، وما يترتب عليه عند أهل التطوير في كتبهم وكلامهم..

ومن العذوبة أيضاً أن يكون الضمير على عدالة الميزان منذ الصغر إلى الوضوح والعبر..

كي لا نعيش الازدواجية، والتناقضات الفكرية، والمُفارقات السلوكية، بين هشاشة الأقوال المُتملقة، وأُرجوحة الأفعال المُتزلقة فوق ألسنة المصالح..

لذا، على كل واعٍ منا أن يتذكر كيف كان وأصبح، لا من باب الوصاية وأربابها، لأن قناطر الدراية أكثر اتساعاً بالسماحة، وإنصافاً بالقرابة والرجاحة..

حدثني أحد الأحبة بقوله: كنت مسافراً إلى دولة قريبة، وبينما كنت أحتسي الشاي (المُنعنع) على نغمات موج البحر، وترانيم نهامة المقهى، بدت أناملي تُدغدغ لوحة المفاتيح لجهازي النقال..

حينها ومض في وجهي نور رسالة نصية على برنامج الفيس بوك..

فتحت الرسالة، وبها المعاني الرقراقة، وكأن صاحبها على معرفة بي منذ زمنٍ بعيدٍ!

ساعتها تذكرت بأنني لم أعهد الإضافة له إلا قبل أيام معدودة، ولا توحي باطلاعه المُطلق على ما تحويه صفحتي، أو توشيه قريحتي!

فأثار استغرابي، وجاريته اللحن (والدبكة).. وكل قولٍ يقوله يُردف لمقامه بأنه من أهل الصحافة والحصافة والتأثير، ولديه في كل صوبٍ وحدبٍ عضوية..

فأجبته: على الرحب والسعة يا أخي..

فقال: كلامك جميل، ويشرفني أن أعمل لقاء معاك

فتم الاتفاق على إرسال محاوره الكتابية على بريدي الإلكتروني.

وبعد ثلاثة أيام بالتمام، بعث إليَّ الأسئلة، وحول مضامينها الريبة، وعناوين (الشطيبة)!

وذلك بعد أن تأكدت من الاسم عند العم (قوقل)، والذي وشاني في أُذني، توقعك في محله، (وعطه جوه يتراقص محله).. بمعنى الاسم الذي امتطى صهوته لا يمت له بصلة، (وطبطب له يا بو اعبيله ويزفن لك تنديله)!

يقول صاحبنا: تيقنت من حيلة حواره، فشكرته على اهتمامه، وأحلت ذلك بتأخير الرد لانشغالي، فألحَّ عليَّ بالقبول، حتى كدت بأن أُشاهد ملامحه خلف الشاشة..

هُنا ازداد شكي له، ولمضامين الأسئلة التي استطرقها ببابي!

وظل يُلح برسائله، وكأنني لم أراها بعد فتحها، حتى أنني نسيت (السالفة)!

وبعد ثلاثة أسابيع أو أربعة، وأثناء تصفحي شدني أحد العناوين بذاك المنتدى، فضغطت على رابطه، وإذا به لقاء (التولي) مع البطل (الزنكلوني)!

بذات الحبكة، ومعايير الدهشة المُرادة على طبلة الإيقاع!

ساعتها ازداد ضحكي، وتكشفت فتائل محبرتي في (فكر الدار مو على القصّار)!

فأوقفته عن استرساله بتساؤلي: وهل عرفته؟!

فازداد ضحكه وقال: (خله يولي)..

!!(اسم نهار، على خلفية مُستعار، ويضع لنفسه الأسئلة ويمدح روحه)

ثم أردف تعجباً: يُضحكني من يُشغلونك بكل صغيرة وكبيرة باتصالاتهم الهاتفية، والتي تفوق تعداد أصابع الكف، وساعة اللقاء بهم يتظاهرون بعدم معرفتك، أو لسلامهم المُثلج، وتقاسيم وجوههم، ولواقط نظراتهم الغير مُستقرة على مقاعدها!

لذا، لا تستثيرك الكلمات المُتناغمة، فأغلبها متفق عليها، ومُزكاة بين المادح والممدوح بالتواتر، ومعارف السند..

فاستفهمته قائلاً: بماذا تُسمي هذه الوقفة؟!

هو: "الشللية".

أنا: وماذا تعني؟!

هو: هي التي تسير وفمها يستدير!!

وسوم: العدد 818