انتفاخ الذات

من أكبر انواع الخلل التربوي والذنوب المهلكة الكبر والشموخ بالأنف والإصابة بمرض أنتفاخ الذات.

من أنت حتى ﻻ يستطيع أن يكلمك أحد؟

من أنت أيها الأب المتجبر تستغل قضية البر لتستبد بأوﻻدك؟

من أنت أيها الابن العاق حتى لا ترى لوالديك سلطة التوجيه والنصح عليك؟

من أنت أيها العالم المغرور بعلمه وقد تعودت على إجلال الناس فلا يستطيع أحد أن يتعقبك أو يصحح لك؟

من أنت أيها السياسي الذي أعطاك المنصب قدرا ومكانة ابتلاء واختبارا من الله لتظن نفسك أنك الوحيد المحيط باﻻمور؟

من أنت أيها الثري الذي وجدت الحاجة في عيون الناس لمالك لتتيه به عليهم منا وأذى؟

من أنت أيها الداعية الذي يقسو ويقاضي الناس، كأن دعوتك منحتك تخويلا للحكم على الآخرين؟

لقد اختلطت بأناس ﻻ أبالغ إن قلت إنهم آلهة بشرية، لديهم من الأنا ما تستعيذ منه اﻻرض والسماوات، وعليك لترضيهم أن تقدم مطوﻻت الثناء والتبجيل والتملق المحرم بحجج شتى!!. 

حتى الله ورسوله كان يسأﻻن، ألم يسال إبراهيم ربه كيف تحيي الموتى ليطمئن قلبه؟

ألم يسال موسى ربه رب أرني أنظر اليك؟

ألم يسال النبي ﷺ في قضايا اﻻجتهاد ﻻ الوحي ويشار عليه كما في آبار بدر ليقبل ويغير الخطة؟

ألم تقل أمراة لعمر أمام الدنيا ذلك ليس لك في المهور؟

من أعطاك الحق في استعباد وإسكات الآخرين، تحت ستار الثقة والطاعة والفهم والنضج المدعى؟

قد استشرت هذه الثقافة الجاهلية منذ سوغنا أن نقول للحكام والوﻻة من قرون طويلة: إنك حامي حمى المسلمين وقاهر العدو وناصر الملة الملك الظافر واﻻمام القاهر. 

ونقول للعالم: شمس الدهور ونادرة العصور الحبر الفهامة جامع علوم الملة ومعقد العلم والوﻻية شيخ العارفين بالله. 

تذكر أنك نطفة من ماء مهين خرجت مما يستحى من ذكره لما يستحى من ذكره.

جاء رجل ترعد فرائصه أمام النبي ﷺ فقال له: "هون عليك إنما أنا ابن امراة كانت تأكل  القديد بمكة"، وقد كانت الجارية الصغيرة تقوده في السوق إلى حيث أرادت.

تواضع فمن تواضع لله رفعه، واعرف حقيقة نفسك وقدرها، وﻻ يغرنك تبجيل وثناء قد يدخلك النار، فالكبر والعجب والغرور كبائر مهلكة نستعيذ بالله منها.

وسوم: العدد 820