الاتيكت

أدب وسياسة :

يعرّف الاتيكيت بأنه مجموعة من القواعد والسلوكيات والآداب التي تنظم الحياة العامة في المجتمعات الراقية في كل مناحيها.

والالتزام بالاتيكيت يدلل على رقي صاحبه ، وتأهله للالتحاق بالطبقات المخملية في مجتمعه .

والأصل أن الالتزام بالاتيكيت تصرف فردي طوعي يجعله الإنسان عنوان رقيه وتحضره . ولكن الإخلال به في بعض المواطن يورث صاحبه نوعا من الرفض أو الازدراء الاجتماعي .

بل ربما في بعض الحفلات الأكثر رسمية أو بروتوكولية يكون التقيد بقواعد معينة في اختيار الثياب للرجال والنساء مشروطا مسبقا . ويحصل أن يرسل منظم الدعوة للمدعو البدلة أو الثوب المقرر لبسه له أو لها بما في ذلك ربطة العنق ، والحذاء والجورب وزر القميص ,,,

وتشمل قواعد الاتيكيت ميادين واسعة من الحياة الاجتماعية يجب على الفرد وعلى الجماعة أن تراعيها حتى يحظوا بالاحترام اللائق ، والاعتراف والتكريم ..

ويمر الاتيكيت على آداب السلام ، والدخول والخروج وتقديم الأصدقاء والجلوس ..

ويؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية للمرأة - الليدي - منذ نزولها من باب السيارة الذي يجب أن يفتح لها ، حتى جلوسها على المقعد الذي يجب أن يقدم لها . ولاتيكيت العلاقة بين الرجال والنساء العشاق أو الأزواج أو الأصدقاء قائمة طويلة من التعليمات كيف تختار طاقة الزهر وزجاجة العطر ..

يذهب بنا الاتيكيت إلى نظام المائدة وكيف ترتب المائدة ، وكيف ترتب مقاعد الضيوف ومكان الطبق والشوكة والسكين والكأس . وكيف تمسك وكيف تأكل وهل يجوز لك الانكباب على المائدة ؟ وكيف تصغر اللقمة وترفعها إلى فمك وكيف تمضغ وكيف تتحدث أثناء الطعام ومتى تتوقف وما يجوز لك أن تمسه بيدك من صنوف الطعام وما لا يجوز ..

ويتعمق الاتيكيت في ضبط السلوك في الحفلات العامة والسهرات ذات الخصوصية وأناقة تناول الشراب أو مراقصة الشريك ..

وللاتيكت قواعد مسطورة متوافق عليها فملكة بريطانيا مثلا تعتبر أنموذجا في تقديم قواعد الاتيكيت للطبقة المخملية من مواطينها .

وللعلم أيضا فهناك خلاف بين نسخ الاتيكيت الغربي ، فالاتيكت الفرنسي يخالف الاتيكيت الانكليزي والألماني ربما في أمور محدودة تتعلق بخصوصيات المجتمعات والشعوب .

الفرنسي سينظر إليك على أنك " تريه سوفاج " لو رآك تغمس اللقمة بأصبعيك ثم تستمتع بمص إصبعيك كأنك طفل صغير ..

كنت قد قرأت أن شاه إيران المخلوع في زيارة له لملكة بريطانيا في أيام عزه كان قد حمل معه على سبيل الهدية بعض الفستق الإيراني - الحلبي - الفاخر . وعندما جلسا يتحدثان ويتفستقان أصر هو على أن يلقي قشر الفستق خلف ظهره وأخبرها أن ذلك سيجعل أكل الفستق أمتع . ويقول كاتب التقرير إن جلالة الملكة شاركنه ذلك ...

أحدثكم كل هذا الحديث الطويل والممل والمستغرب من رجل مثلي لأقول لكم ونحن لنا مثل هذه القواعد الذوقية الجميلة التي تضبط سلوكياتنا وحياتنا وتصرفاتنا في علاقاتنا والاجتماعية وعلى صعيد سلوكنا الخاص والعام تنظم تحت عنوان سنن الهدي العام .

وإنما أكتب لكم لأقول إن بعض الناس من بني جلدتنا عندما تحدثهم عن قواعد الاتيكيت الآخر يظلون يتعاظمون ويتشنفخون ويتباهون ...

ثم يقول لك أحدهم وقد برم شفتيه : الناس وصلت إلى القمر وأنتم تريدون أن تعلمونا بأي الرجلين ندخل الحمام وبأي اليدين نزيل الأذى عن أنوفنا ...!!

إنه إتيكتنا الإسلامي كله حكمة ورشد وهداية واقتداء بالحبيب ومن اتيكتنا أننا نحب الصلاة على الحبيب.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 826