التاريخ يعيد نفسه .. أحداث وعبر

لقد سجل لنا الشيخ عبدالله عزام رحمه الله في مذكراته ما هو مشابه لما تمر به بعض مناطق الثورة السورية من هجمات شرسة على يد العدو الروسي .. حيث قال ؛ 

لقد شهدت في الشهر الماضي آثار معركة ضارية استمرت حوالي اثنين وأربعين يوما في (نازيان/شنوار/ننجرهار) وهل بإمكانك ياأخي أن تتخيل معركة على موقع واحد فيها روسيا بأساطيلها الجوية والبرية ولا تدع شيئا من المبيدات الإنسانية من قذائف أو صواريخ أو راجمات أو مدافع.

ودعك عن طائرات الميج والسوخوي -المقاتلة- والهليوكبتر المصفحة التي لا يؤثر فيها الرصاص،

ويقابل هذا كله مجاهدون قد يعوزهم الطعام ولا يستغرب أن يرى فيهم الحفاة، أيديهم فارغة إلا من الرفع بالدعاء، ولا يملكون شيئا سوى إيمانهم وثقتهم بالله وينفض المجاهدون وقد قلت الذخيرة واكفهر الجو واشتدت الأزمة ولم تبق سوى مجموعة قليلة محتسبة يردد لسان حالها:

صبور ولو لم تبق في بقية 

شديد على الأعداء عضب لسانيا

وما كان قولهم إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 

وفتح الله على هذه الحفنة القليلة ونصرها نصرا مؤزرا .

 وشهدت في الأسبوع الماضي معركة في جور/ بكيتا معركة استمرت قرابة شهر وبعد انتصارات على الأرض .. 

جن جنون الروس وبدأت الطائرات تقصف بقذائفها وحممها فانهار الجبل على المجاهدين في كهوفهم، ..

وأغلق باب الكهف ثلاثة أرباع الساعة، وأصبح الذين في داخل الكهف يعدون الدقائق التي يودعون بها الحياة خنقا ، 

● رحمة الله بعباده ؛ 

ثم جاءت رحمة الله وألقت الطائرات قذيفتها الأخيرة لتفتح لهم كوة في جانب الكهف فيخرجون منها وألقت الطائرة قذيفة بجانب القائد البطل العالم جلال الدين فيحمله هواؤها ثم يسقط على النيران الملتهبة حيث لم يستطع حراكا فهرع إليه ضابطان من مساعديه ويجرانه من السعير المتلظي فينقذانه من موت محقق فجاءت قذيفة أخرى لتقتل أحدهما وتجرح الآخر،

● القائد لا يفارق المعركة ؛ 

وأما الشيخ جلال الدين فيحمل لتعالج حروقه التي أصابت رقبته وجانبه ويرفض أن يبعد عن أرض المعركة فأقام في بيته القريب يدير المعركة عن كثب وأناب أخاه الذي شاركه الطريق منذ الأيام الأولى للجهاد قبل عشر سنوات 

ولقد صرح العسكريون الباكستانيون أن القصف الذي صب على معسكر "جور" الصغير هذا لم تشهده القارة الهندية طيلة تاريخها ..

وأخيرا دخل الشيوعيون معسكر جور واستمروا فيه يومين فهجم المجاهدون عليهم وأخلى الروس الموقع بعد خسائر ضخمة في الجانبين ..

● فوائد وعبر ؛ 

١- بعد أن استفرغ الروس كل طاقتهم القتالية بأنواع الأسلحة والطائرات والقذائف والصواريخ على تلك المواقع هزمهم الله تعالى بعد أن رأى من عباده الصدق في اللقاء والثبات . 

٢- المجاهدون الذين تصدوا لهجمات الروس الشرسة في تلك المواقع لم يكن معهم قيمة الطعام وبعضهم حفاة وأعدادهم قليلة !

ولكن قلوبهم مليئة بالإيمان وأكفهم مكسية بالدعاء 

فالفقر وقلة الزاد والعتاد لا يمنع تحقيق النصر بل وقد يكون سببا للنصر ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) . 

٣- لم يكن في يوم من الأيام معيار النصر في الإسلام بكثرة العدد وقوة السلاح وإنما بقوة الإيمان وبذل السبب المستطاع . 

٤- في كل المحن ثبت أن النصر صبر ساعة وأن طائرات العدو وقوة سلاحه لا تستطيع الصمود أمام صبر وثبات المجاهدين .

٥- شدة القصف وقوته لم تتحملها الكهوف في الجبال ولكن تحملها أهل الإيمان ولم ترهبهم وتوقف قتالهم ضد المحتل . 

٦- أن الأرض لأهلها مهما بغلت قوة العدو ولو حقق بعض النصر المرحلي فالكرة واستعادة الأرض لأهلها . 

٧- وجود القائد الحقيقي بين الجنود في المعارك دليل على صدقه ولها في نفوس الجنود معاني كبيرة .

وسوم: العدد 827