أفكار وخواطر في السياسة

*** كبائر بشعة خطيرة

هناك معاصٍ يقترفها الأفراد تسمى في الشريعة كبائر،مثل الخمر والزنا والعقوق، فكيف بالتي تصيب الأمة كلها وتسبب لها الذلّ والهوان والتخلف ...هذه أيضا كبائر بل من أكبر الكبائر، ومحاربتها بلا هوادة من صميم الدين والأمر والنهي، مثل:

- هضم السلطة لحقوق المواطنين و كبت حرياتهم الفردية العامة.

- تزوير الانتخابات (من أمر بذلك ومن ساهم فيه بأي شكل وعلى أي مستوى).

- الكذب على الجماهير وخداعها بواسطة السياسيين والإعلاميين،وتخديرها على يد "رجال الدين" المأجورين.

و موقف الحياد من هذه الكبائر... كبيرة، فكيف بتأييدها؟

كما نرفض تلك الكبائر المنصوص عليها نرفض هذه التي أفرزها الواقع.

*** حتى نتألم أكثر

-رواندا التي خرجت من حرب أهلية مدمرة وطلقت الوصاية الفرنسية حققت نسبة نموي بلغت %5أي واحدة من أعلى النسب في العالم، أما الجزائر فليس لديها اقتصاد أصلا بل تعيش على عائدات البترول وحدها.

- زامبيا تمنع الغناء والرقص وضرب الدفوف في رمضان احتراما للأقلية المسلمة من مواطنيها، عندنا "يحيون" تلك الليالي رسميا وشعبيا  كما تعلمون ويطالبون بحرية الإفطار نهارا.

- علماء الغرب يكتشفون أدوية وأسرارا جديدة في الكون تيسّر حياة البشر، وبعض طلبة العلم و"رجال الدين" عندنا يكتشفون بطيخة وبطاطا مكتوب عليها اسم الله!!!

-  دنيانا مليئة بالأذكياء والنوابغ لكن زمام الأمر بأيدي أصحاب الرداءة لأنهم لا يعتمدون على العلم ولكن على التزييف ولا يبالون بالقيم والمبادئ، وكثيرا ما تضعهم في أماكن الصدارة أيادٍ خفية لتحسن تسيير المجتمع في الاتجاه الذي تريده.

*** خذوا العبرة من تونس

أخاطب المقتنعين بإمكانية بناء الجزائر الجديدة بالتدريج: أخرجوا لنا مرشحا من الوجوه الجديدة، يكون وطنيا مثقفا نزيها، يلتفّ حوله الشباب، ينشطون حمله بقوة، يحرسون أصوات الناخبين بجد، يعيدون الأمل بأن التغيير ممكن رغم العقبات، نعم التغيير ممكن إذا غادرنا مقاعد التفرج والحسابات السلبية وأخذنا في الاعتبار التوازنات الوطنية التي تطرح نفسها شئنا أم أبينا...تونس أحدثت المفاجأة السعيدة فلِمَ لا نحن؟ اُعطوا صفعة لمن يستحقها.

كم أتمنى أن يرفع الشباب هذا التحدي ويحققوه في الواقع حتى لا تتكرر أخطاء عدم التمثيل أما الذين ينتظرون أن تأتيهم الجزائر الجديدة على طبق من ذهب فإن انتظارهم سيطول.

 إن هاجسنا الأكبر – وأملُنا أيضا - الآن تقديم مرشح قوي أمين تلتف حوله الأغلبية (ولا أقول يحصل حوله الإجماع فهذا ضرب من الخيال) يحدث القطيعة مع نظام العصابات ويصطف حقا مع الشعب،يجب أن نوحده الآن قبل فوات الأوان.

هذا هو في تقديري حديث العقل، فأنا كنت أتمنى ظروفا أكثر شفافية وجدية للانتخابات لكني أدعو إلى المشاركة فيها من باب الواقعية،فما لا يدرك كله لا يترك جلّه، والتدرج في الإصلاح أفضل من العمليات القيصرية، والقبوع في مقاعد التفرج والرفض لكل الحلول – في الوقت الراهن – أسوأ الاختيارات، والأقلية التغريبية التي تجرّ هذا القطار بوضع شروط تعجيزية لإجراء الرئاسيات قد أعلنت عن نواياها وأهدافها، وهي تمثل الضرر الأكبر فواجبنا دفعُه بضرر أصغر، والله المستعان.

*** مجرد حلم؟

في لحظة صفاء تركت حديث السياسة والمشاحنات ورجعت إلى نفسي فتساءلتُ كيف يكون حالنا لو التزمنا أحكام الإسلام وتمثلنا أخلاقه في حياتنا؟ كيف لو طهرنا قلوبنا من الحقد والكراهية والقسوة؟ لو أحيينا معاني الأخوة ونشرنا المحبة فيما بيننا وأخذنا بآداب الاختلاف وتعاونا على البر والتقوى وتركنا سوء الظن والشحناء؟ كيف لو أحببنا لبعضنا الصحة والرزق والسعادة؟ كيف لو كنا يدا واحدة ضد الفساد والظلم؟ كيف لو حلت النصيحة محل الفضيحة والتآلف محل التقاطع والبناء بدل الهدم؟

أحلمُ؟ تصوروا أيها القراء أننا عملنا أنا وأنتم بهذه الأخلاق..هل هذا مستحيل؟

وسوم: العدد 843