واقع ... وطموح

أ.د أحمد حسن فرحات

هذا هو العدد "السابع " من مجلة "الشريعة والدراسات الإسلامية " يأخذ طريقه إلى القارئ الكريم، وبه تدخل  المجلة عامها الرابع طاوية خلفها ثلاثة أعوام – من عمرها المديد إن شاء الله – على طريق البحث العلمي الأصيل ،والدراسة الجادة الهادفة .

وعلى الرغم من حداثة النشأة , وقصر باع التجربة ,فقد استطاعت المجلة – بعون الله وتوفيقه – أن تتجاوز صعوبات التأسيس , وأن تعلي بناءها على أسس راسخة وقواعد مكينة ، وأن تثبت وجودها في عالم البحث والدرس ، لافتة نظر الفقيه العالم ، ومستأثرة باهتمام المفكر الدارس ، وغدت بذلك قرة عين للصديق المحب،وقذاة لعين الحاقد الشانئ .

لقد جاء ظهور هذه المجلة على قدر ، وفي وقت اشتدت فيه الحاجة إلى مثلها ، ذلك أن ما تعانيه أمتنا – في طريق نهضتها – من صعوبات ، وما يعترض تقدمها من عقبات ، يتطلب وجود منار علمي هاد يأخذ بيدها إلى شاطئ الأمن والسلامة ، وينقل خطاها على الطريق القاصد بعيدا عن ظلمة الجهل والهوى التي تحيط, بانطلاقتها ، وتحول بينها وبين الإقلاع الحقيقي المنتظر ، والذي يضعها على المدار الحضاري الصحيح ..

إن البحث العلمي الهادف، والدراسة الأمينة الجادة ، هما الكفيلان بكشف المشكلات الحقيقية للأمة  ، وهما القادران على تحديد أسبابها ، وبيان طرقها ومنعرجاتها ، وعن طريقهما يمكننا أن نصنف هذه المشكلات ، بحسب فاعليتها ومقدار تأثيرها ، فنوجه اهتمامنا إلى الأهم  فالمهم.

, وبهما نستطيع التمييز بين الأعراض الظاهرة  والأمراض الخفية , فلا نشغل أنفسنا بمعالجة الأعراض بدل الأمراض .وباختصار يمكننا أن نقول : إن البحث العلمي هو وسيلتنا الصادقة لكشف عيوبنا ،وهو أداتنا للتعرف على أمراضنا , كما أنه الذي يشير لنا إلى مواطن ضعفنا ويدلنا على أسباب قوتنا، ممايساعدنا على التشخيص الصحيح لواقعنا المتخلف ، ويأخذ بأيدينا إلى العلاج الناجع ، بعيدا عن العجلة والارتجال .

والبحث العلمي الجاد , إنما هو نتاج الجهد والمعاناة ، وحصيلة التأمل والتفكر ، ومكافأة الصبر الدؤوب  ......... ومن ثم ، فلا يقدر عليه إلا الراسخون من أولي العلم ..... الذين آتاهم الله بسطة في العقل والفهم ، وأقدرهم على النظر الكلي والمحاكمة السوية ، وميزهم بإدراك دقائق الأمور وخفاياها ، وأطلعهم على معرفة أسرارها وخباياها ، ومكنهم من فك رموز العلم وطلاسمه ، وأعانهم على النفاذ إلى لبابه وحقائقه .

ونظرا للأهمية الكبرى التي يكتسبها العلم في حياة الإنسان المعاصر ، فقد حظي بعناية الأمم المتقدمة ورعايتها ، فأنشئت له المؤسسات الخاصة ، وشيدت من أجله الجامعات ، وقامت على رعايته صروح العلم ، ووضعت في خدمته المراكز والمكتبات ، وألفت لإذاعته ونشره الكتب والمجلات ، وسخر في سبيله كل ما أبدعته يد الإنسان من آلة واختراع .ووضعت له الميزانيات الوافية . وصرفت عليه الأموال الطائلة ، وحبس على الارتقاء به أفذاذ العلماء ، يواصلون جهودهم بهمة لا تعرف الكلل ، وعزيمة لا تعرف الوهن ، ليسيروا به خطوات واسعة متقدمة إلى الأمام . 

ومن هنا فليس من المستغرب أن تولي جامعة الكويت – على حداثة نشأتها – عناية خاصة للبحث العلمي . وأن ترصد له في ميزانيتها السنوية ما هو جدير به من مال ، وأن تنشئ له مركزا خاصا به " مركز الأبحاث " ، وأن تضع في خدمة الباحثين كل ما يحتاجونه من وسائل وتسهيلات ، وان تشجع عليه بإصدار المجلات العلمية المحكمة .

 وكل ذلك يتم بهدف الارتقاء بمستوى البحث العلمي ,لتواكب الجامعة مسيرة العلم المتطورة ، ولتكون في طليعة الجامعات المتقدمة .

إن مجلة  " الشريعة والدراسات الإسلامية  " إحدى المجلات العلمية المحكمة ، التي تصدر عن جامعة الكويت ، وهي تعني بالدراسات الشرعية الإسلامية . ومن ثم فهي تفتح صدرها لكل بحث هادف ، ودراسة جادة ، في مجال تخصصها . وترجو من الإخوة الباحثين التعاون معها في هذا المجال ، باختيار الموضوعات الحية ، التي تعالج مشكلات الأمة ، وقضايا الساعة . وتقديم الجديد النافع حتى لا نقع في آفة التكرار القاتل ، الذي يهدر الجهد والوقت والمال . والالتزام بأصول البحث العلمي وقواعده ، ومراعاة شروط النشر في المجلة ، توفيرا للجهد والوقت .

ولما كانت المجلة ملتقى البحث ومنتدى الفكر ، عن طريقها يكون التعارف بين العلماء والباحثين، وعلى صفحاتها يتم الحوار والنقاش ، وبوساطتها يتم التواصل والتفاعل بين الأفكار . فقد رأت المجلة أن توسع دائرة اهتماماتها ، وأن تخرج من الحدود الإقليمية الضيقة ، إلى آفاق العالم الرحبة .

 وهذا يتطلب منها العناية بما ينشر من بحوث إسلامية بغير العربية ، فتعمل على التعريف بها، وترجمة ما هو هام منها ، \ليكون القارئ بالعربية على صلة بما حوله ، وعلى معرفة بما يكتب عن عقيدته  وشريعته .

 كما أنها في نفس الوقت تهيب بالإخوة الباحثين ، أن يكتبوا تعريفا ببحوثهم ، لا يزيد عن نصف صفحة ، لتتم ترجمته إلى اللغة الإنكليزية ، وليكون ضمن ملحق المجلة الإنكليزي، الذي سيكون في نهاية كل عدد من الأعداد القادمة بإذن الله . وذلك تعريفا ببحوث المجلة للقراء بغيرالعربية ، وليكون مساعدا المراكز البحث وبنوك المعلومات ، على رصد ما يكتب وفهرسته ، وتسهيل الاستفادة منة .

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين--  

وسوم: العدد 843