الحواضنُ الشعبية في إدلب إذْ تبدي رأيها في اللجنة الدستورية

في الوقت الذي كان فيه ممثلُه ( غير بيدرسون )، يلتقي الوزير المعلم في دمشق، وقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين: 23/ 9 الجاري، ليعلن عن تشكيل اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين عن كل من النظام والمعارضة والمجتمع المدني، بواقع ( 150 عضوًا )، للقيام بإعداد دستور مستقبليّ لسورية، كخطوة للتوصل إلى حلٍ سياسيّ ينهي النزاع العسكري المستمر منذ أكثر من 8 أعوام.

لقد تعدّدت المواقف حول هذه اللجنة، لدرجة أنّ الرئيس التركي ضمّنها في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية، كأحد منجزات مسار أستانا، الذي ترعاه بلاده إلى جانب روسيا و إيران، و هو بذلك ينقل نتائج قمة أنقرة، التي انفضّ سامرها في: 16/ 9 الجاري، و كان ممّا اتفقت عليه، هو الانتهاء من تشكيل هذه اللجنة، بعد مخاض عسير، استغرق ما يقرب من عامين، منذ انعقاد مؤتمر سوتشي، الذي رعته روسيا في: 30 / 1/ 2018.

ما إنْ أعلن عن ولادة هذه اللجنة الدستورية، حتى انهالت عليها سهام النقد، فمن قائل إنّها خطوة لصرف النظر عن القرار الأممي ( 2254 )، الذي يدعو إلى حلّ للأزمة السورية تحت المظلة الأممية، بشيء من التوازن، و يحقق بعضًا من مطالب السوريين في شكل الحلّ، المبني على حكومة انتقالية في نهاية المطاف.

في حين أنّ أمر اللجنة الدستورية، لا يذهب إلى ذلك، إذْ هو نوع من الولوج في دهاليز النقاش السفسطائي، الذي يتقنه النظام جيدًا، منذ مجيء بعثة المراقبين العرب قبل سبع سنوات، في: 22/ 12/ 2011، برئاسة الفريق مصطفى الدابّي، حينما توعدهم الوزير المعلم بالغرق في تفاصيل نقاش لن يخرجوا منه بطائل يُذكر. 

و كان ممّن صبّ جام غضبه على هذه اللجنة، الإدارة الذاتية للمناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية " مسد "، بحجة أنّها لا تضم ممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية وشمال شرقها، حسبما جاء في بيانها الصادر يوم الاثنين: 23/ 9 الجاري، و عدّت ذلك إجراءً غير عادل.

و يبدو أنّ الكلام حول هذه اللجنة سيطول كثيرًا، على الرغم من تفاؤل رعاة مسار أستانا، سواء بين السوريين أنفسهم، و هناك من يذهب إلى أنّها تحمل كثيرًا من الفخاخ في داخلها، و هو الأمر الذي سينسفها عاجلاً غير آجل، بمجرد أن تبدأ نقاشها حول نقاط خلافية رئيسة، مثل حقّ ترشّح الرئيس الأسد لفترة قادمة، و المدد الزمنية التي يحقّ للرئيس المكوث فيها في قصر المهاجرين، و الفصل بين السلطات، و صلاحية الرئيس، و نوع الحكم بين رئاسي مطلق، و برلماني تشاركي، و ما إلى ذلك من المسائل التي لا يحتمل النظام النقاش فيها، و يعدّها مسًّا بالمسائل السيادية.

ناهيك عن أنّ الطرف الأقوى في الملف السوري " أمريكا "، لم تقل كلمتها بعدُ في أمر هذه اللجنة، و مدى انتظامها في الرؤية الأممية، المنبثقة عن مقررات مؤتمر جنيف الأول لحلّ الأزمة السورية، الذي استضافته سويسرا في: 30/ 6/ 2012.

إزاء كلّ هذا النقاش الدائر، و الذي سيدور، هناك من يدعو إلى الإصغاء إلى ما ستقوله الحواضن الشعبية في إدلب على وجه الخصوص، إنّهم يرقبون حلاً يعيد ما يناهز المليون مشرّد إلى مناطقهم، التي أتتْ عليها آلة الحرب منذ شهر 3/ الفائت، قبل أن يحلّ الشتاء.

هذا الحلّ الذي ينبغي أن يحمل إليهم شيئًا من الطمأنينة من خلال وقف لإطلاق النار الذي أقضّ مضاجعه، على الرغم من كثرة المؤتمرات و اللقاءات التي عقدت حول إدلب، و لم يرشح عنها شيء يطمئنهم، بوجود آفاق للحلّ تجعلهم يقتنعون بجدية الأطراف المتدخلة في الملف السوريّ، في وقف أيّ تصعيد محتمل تنوي روسيا شنّه عليهم.

إنّه لا يعنيهم كثيرًا ما يقال حول هذه اللجنة، و شرعيتها، و انسجامها أو عدمه مع مقررات جنيف 1، و ما سينتج عنها من شكل الدستور العتيد، في ظلّ قصف يوميّ تنهال قذائفه على رؤوسهم، دمار ممنهج لبيوتهم، و شلل اقتصادي خانق، و دمار و سرقة غير مسبوقة لمحاصيلهم و أرزاقهم.

وسوم: العدد 844