قتلى المظاهرات : الحُكم .. والنيّة .. والسلوك !

في الحديث الشريف : مَن قُتل دون ماله ، فهو شهيد.. ومَن قُتل دون دمه ، فهو شهيد.. ومَن قُتل دون دِينه ، فهوشهيد.. ومَن قُتل دون أهله ، فهو شهيد .

وقال رسول الله ، في حديث آخر: سيّد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمرَه ونَهاه فقتله !

وفي حديث نبويّ آخر : إن من أعظم الجهاد ، كلمة حقّ ، عند سلطان جائر!

الحكم : واضح ، هنا ، في هذه الأحاديث ، وهو: أنّ مَن يتصدّى للمعتدين الظلمة ، أيّاً كانوا، دفاعاً عن : ماله ونفسه ، ودينه وأهله .. فيُقتل في دفاعه هذا ، فهو شهيد ! وإن كان بعض فقهاء السلاطين ، يحرّمون الوقوف ، في وجه الحاكم ، مهما اشتدّ ظلمه لمواطنيه ، ومهما كان فاسقاً ، أو فاسداً ، أو مجرماً ، حتى لو جَلدَ ظهور مواطنيه ، وأكلَ أموالهم ! مع أن الطاعة تكون في المعروف ، لا في المنكَر!

النيّة : لا جدال ، في أن النيّة ، عنصر أساسي ، في مناجزة الحاكم الظالم وأعوانه ، من حيث كونُها : نيّة جهاد سلمي ، في سبيل الله ، أو من حيث كونُها : نيّة مغالبةٍ للحاكم ، لإضعافه وإسقاطه ، والحلول محلّه ؛ سواء أكان ذلك ، لمصلحة المتظاهر، أم لمصلحة جهة معيّنة ، تحرّكه ، أو تستفيد من تحرّكه الذاتي! أيْ: أن يكون التحرّك ضدّ الظلم ، هنا ، لمصلحة دنيوية بحتة ، دون أن يفكّر المتظاهر بالحساب ، يوم القيامة ، على عمله ! بل ربّما كان المتظاهر مشركاً ، أو وثنياً، ويدافع عن نفسه وأهله، وأرضه وماله ! وهذا حقّ طبيعي ومشروع ، لكلّ إنسان عاقل، بصرف النظر عن دينه ، أو معتقده! وقد يُبدي المتظاهر، من البطولات ، أو مكارم الأخلاق، مايخلّده في بلاده ، وتَذكره أجيال أمّته ، بالثناء والتقدير، جيلاً بعد جيل! والنماذج كثيرة، لأبطال غير مسلمين ، عاشوا في بلاد الإسلام ، ودافعوا عنها ، ببسالة..عبر تاريخ الأمّة الإسلامية ، الممتدّ قروناً طويلة ! بل إن أصحاب البطولات ، التي تُعدّ من مكارم الأخلاق ، قد ينفعون أبناءهم وأحفادهم ! فقد ورد في السيرة النبوية، أن النبيّ ، أطلَق أسرى طيّء ، حين عرّفته ابنة حاتم الطائي ، بنفسها ، وذلك ؛ لأن أباها ، كان يحبّ مكارم الاخلاق ، كما وردَ عن النبيّ!  مع أن حاتماً ، مات على الشرك !

 بل ، إن كثيراً من المخلوقات الحيّة ، غير العاقلة ، تمارس هذا الحقّ ، وتستميت في الدفاع، عن أنفسها ، وأبنائها ، ومساكنها !

 واشتراط العقيدة الصحيحة ، التي تبنى عليها النيّة ، عنصر أساسي في الإسلام ، وسابق على النيّة ! 

السلوك: وهذا عنصر أساسي ، لابدّ من مراعاته ، في أثناء دفاع المرء، عن: دينه ، وأهله ، ونفسه ، وماله ! ولمّا كان التظاهر، نوعاً من الجهاد السلمي ، ضدّ الظلم والظالمين ، فإن أحكام الجهاد في الإسلام ، تنطبق على المتظاهر، من حيث : الامتناع عن ظلم الناس ، وترويعِهم.. ومن حيث : عدم ارتكاب مخالفات شرعية ، مصاحبة للتظاهر؛ سواء أحَرَفت المتظاهر، عن وجهته ، نحو الهدف النبيل ، الذي يسعى إليه .. أم كانت مشوِّهةً لأخلاق المتظاهر، منفّرة للناس ، منه ، ومن هدفه !

وسوم: العدد 844