عراق اليوم

بعد مضي اكثر من خمسة عشر سنة والعراق ما يزال يتجه مسرعا  نحو الهاوي باحثا عن مصيره المجهول . فعراق اليوم يحكمه دستور منافق دخيل صاغه المحتل على مزاجه ومقاسه وبمشاركة العملاء وخونة الوطن . وفي عراق اليوم مجموعة قوانين هجينه فئوية سريعة التنفيذ بقوة السلاح . وفي عراق اليوم مؤسسات باطلة وظالمة متهالكة على السرقة والنهب تسيطر عليها مليشيات ومافيا ، وفي عراق اليوم احزاب وكتل ومليشيات مسلحة تقتل على الهوية وتتقاسم السلطة مع الحكومة العميلة التي تقودها وتتحكم بها وبقراراتها .وفي عراق اليوم  احتلال امريكي ايراني مزدوج بغيض وصراع بينهما على حكم العراق وتقاسم الغنائم و الثروات والموارد . وفي العراق حكومة فاسدة عميلة مارقة فاشلة لا تملك سوى التصريحات وتهدئة الثورات الشعبية كلما انطلقت بغية احتوائها . وفي عراق اليوم جوع وفقر وعوز وبطالة شاملة . وفي عراق اليوم تراجع كبير في الانتاج الزراعي والصناعي وتوقف في البعض منها اعتمادا على دول الجوار. وفي عراق اليوم تراجع كبير في توفير مستلزمات الصحة والتعليم والنقل وبقية الخدمات .وفي عراق اليوم احزاب دينية متنفذة بأجنحتها العسكرية هي التي تشارك فعليا في ادارة الحكومة والدولة وفي الاحداث المصيرية الوطنية والقومية .وفي عراق اليوم حكم لامركزي يتجه نحو الانفصال بسبب سوء تعامل الحكومة بعدالة بين المحافظات في توزيع الميزانية وايمان الحكومات المحلية بانها الاكثر كفاء ة وقدرة في تولي شؤونها. وفي عراق اليوم تنازع وخلاف في ترسيم الحدود بين المحافظات وانشاء سدود وخنادق للحماية والدفاع عن حدودها . وفي عراق اليوم قنوات فضائية لعموم العراق دينية وسياسية منها تابع للحكومة ومنها للأحزاب الدينية الطائفية ومنها للمحافظات وجميعها يثقف على زرع الفتن وتعميق الخلاف . وفي عراق اليوم انقطاع شامل للكهرباء في كل المحافظات نجم عنه اضرارا مالية كبيرة للقطاعين الخاص والمختلط والمصانع الصغيرة بسبب توقف الانتاج . وفي عراق اليوم ما يزال داعش يتوعد ويهدد بشن الهجمات بين الحين والاخر بالمفخخات والعبوات الناسفة ويرتكب جرأتم القتل الجماعي. وفي عراق اليوم شعارات طائفية وملصقات الدجل والمتاجرة بالرموز الدينية والمذاهب تجدها منتشرة في كل زمان ومكان وبالذات في المناسبات الدينية .وفي عراق اليوم لا تقف على حقيقة الاحداث فالكل يدعي المظلومية زورا وبهتانا ومنهم دعاة الجهاد الذين قاتوا الجيش العراقي الوطن لسنوات . وفي عراق اليوم انتخابات مزورة علنا دونما حياء وانتظار النتائج التي مضى عليها اكثر من شهرين لاعتماد الفرز والعد اليدوي بدلا من الالكتروني بسبب الاعتراض على النتائج .وفي عراق اليوم اعتصامات وتظاهرات واحتجاجات في بغداد والمحافظات بشكل مستمر تفرق عمدا بالقوة وبالسلاح الحي ووقوع قتلى ومصابين وتصريحات حكومية وحزبية حاكمة تؤيد مطالب المتظاهرين بغية احتوائها . وفي عراق اليوم برلمان يخدم قادة الاحزاب ويرعى مصالحهم المالية الناجمة عن السرقات والنهب واستغلال مواقعهم الادارية والحزبية .وفي عراق اليوم هموم واوجاع وكم هائل من المشاكل الاجتماعية والاسرية وتراجع كبير في العلاقات وصلة الرحم وتخريب في بناء العائلة والمجتمع . وفي عراق اليوم جفاف نهري دجلة والفرات وروافدهما وشحة في مياه الشرب نتيجة لسوء تعامل الحكومة الطائفية مع دول الجوار وفشل كبير في تنفيذ السياسة الأروائيه . وفي عراق اليوم حرائق مستمرة دون توقف عمدية وغير عمدية تطال الاسواق وسكن المواطنين ودوائر الدولة المهمة تحقيقا لأغراض واهداف معروفة. وفي عراق اليوم رواج تجارة الحشيش والمخدرات والعادات السيئة بين الفتوة والشباب والتقليد الاعمى الوافد من الخارج الذي ادى الى حصول انتكاسة خطيرة في الاخلاق والقيم في ظل غياب الرقابة الابوية. وفي عراق اليوم انفلات كبير في تنظيم وادارة شؤون الحياة وكل الذي ذكرناه يحصل باسم الديمقراطية والحرية التي جاء بها المحتل و انتج كل الذي حصل في العراق. فهل يجد القارئ الكريم دولة في العالم مشابهة لما حصل في العراق اوتقترب منه ولو بجزء يسير. والله المستعان.

وسوم: العدد 845