السيطرة التي تعمي

معمر حبار

[email protected]

في جلسة خاطفة مع أحد المستوردين، تحدّث فيها بمرارة عن العقبات الإدارية التي تعترض مشاريعه، واستثماراته بالجزائر.

وبعد أن سرد بمرارة شديدة، حوادث كثيرة سيّئة، وقعت له عبر إدارات عديدة مختلفة، راح محدّثه يربط بين حقبة الاستدمار الطويلة، والسلوك التسلطي الحالي، فقال:

إن الاستدمار بطبعه، وعبر 132 سنة، سعى بكل مالديه، ليجعل العلاقة بينه وبين الشعوب التي استدمرها، مبنية على الحرمان والتسلط. فهو يحرم المجتمع من أبسط حقوققه، ثم يعيدها "كمنح !" لأصحابها عن طريق الهيمنة والتسلط. فشربة الماء بالتذلل إليه، ومقعد الدراسة بالخضوع له، وقطعة الخبز بالرضوخ لمطالبه.

يقول الأستاذ مالك بن نبي، رحمة الله عليه،  فيما جاء في بعض كتبه، جعل الاستدمار من الأراضي والمواشي التي يملكها الجزائري، وكل غالٍ وثمين، لاتساوي شيئا إن عرضها في الأسواق. بينما الفرنسي الذي لايملك شيئا، يبيع الصفر والخراب، بالآلاف والملايين. وفي أيام معدودات يمسي الجزائري الغني، يتسوّل أمام الفرنسي، يعطيه أو يمنعه، بعد أن يذله ويسيطر عليه.

وفي أعقاب زلزال 10 أكتوبر 1980، تمّ ترحيل سكان حي بن سونة الذي كان يقطنه الأب، رحمة الله عليه، منذ زلزال 1954. والسبب في ذلك، أن سكان البنايات الصغيرة الهشّة، كانوا كلهم يعيشون بالكراء، لأن المستدمر لايسمح بامتلاك السكن للجزائري، ويبقيه تحت ذل الكراء، وتهديد الطرد.

 من الظلم أن يُحصر حب التسلط والهيمنة في الاستدمار وحده، لكن اعتباره من الأسباب التي ساهمت في عرقلة كل ماهو خير للمجتمع، يعتبر من سداد الرأي، وإنزال الاستدمار منزلته.