الأدب الرقمي والتفاعلي...

د. محمد عقل

[email protected]

في عام 1988 عثرت في قرية عرعره على مخطوطة نادرة اسمها "غزوة وادي السيسبان"، مؤرخة في 18 ربيع الأول سنة 1264?/ 23 شباط 1848م، وهي من التراث الشعبي، وتعد من الإرهاصات الأولى للقصة في فلسطين. في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2011 قمت بتحقيق المخطوطة علمياً، وبسبب صعوبة نشرها ورقياً في البلاد قمت بنشرها رقمياً عبر الإنترنت في المكتبة الإلكترونيةEkutub  القائمة في لندن، وهي موجودة، كذلك، على جوجل، وقد أتاح ذلك لها أن تنتشر في جميع الأقطار والبلدان، وأن تحظى باهتمام بالغ في العالم العربي فقد أتصل بي الصحفي المصري علاء العريبي نائب رئيس تحرير صحيفة الوفد طالباً مني تزويده بمعلومات عن ظروف العثور على المخطوطة وحيثياتها وعن شخصي لينشرها في زاويته المشهورة المسماة بالحصون السبعة.

 أصبح الحاسوب في الغرب أكبر وسيلة لنشر الأدب رقمياً، أما في العالم العربي فهناك بدايات متواضعة نذكر منها في مجال الرواية الرقمية رواية (ظلال الواحد) للأديب الأردني محمد سناحلة الذي يعد رائداً في هذا المجال، وفي مجال الشعر الشاعر العراقي مشتاق معن الذي أنتج قصائد رقمية، والكاتب المغربي محمد شويكة في القصة الترابطية.

حاول بعض الأدباء أن يجعل للأدب الرقمي أو الثقافة الرقمية خصائص ذاتية ينفرد بها عن الأدب الذي نعرفه، ونتلقاه من الورق، صحيفةً أو دوريةً أو كتاباً، بل ذهب بعضهم إلى أن الأدب الرقمي لا بد أن يكون له نقاده المتخصصون الذين يملكون أدوات وتصورات تختلف عن أدواتهم وتصوراتهم عند معالجة الأدب السائد الذي عرفناه. إن الحاسوب يتيح للكاتب أن يستفيد بأكثر من عنصر، بالإضافة إلى النسخ والطبع، فهناك الصورة، والرسم، والفيلم، والحوار الصوتي، والتعليق من القراء... وغيرها، وكل هذه العناصر أو بعضها يشارك في صناعة النص الأدبي  الرقمي أو الإلكتروني. هناك من يطلق على الأدب الرقمي اسم الأدب التفاعلي لأنه يتيح للمتلقي المشاركة في بناء النص، أو إكماله، أو التعليق عليه؛ ويتحدثون عن نص متشعب Hypertext لأنه يجمع النص الكتابي بالرسوم التوضيحية، الجداول، الخرائط، الصور الفوتوغرافية، الصوت، ونصوص كتابية أخرى، وأشكال جرافيكية متحركة، ووصلات/روابط وتقنيات أخرى... نحن أمام أدب جديد، فهل سنجيد التعامل معه!.