سلسلة من أيامي 10 : الذين أحسنوا والذين أساؤوا لمعنى زلزال الأصنام 1980

وأنا أبحث عن المقالات التي كتبتها لحدّ الآن بشأن زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980 فوجدت أنّي كتبت 10 مقالات مختلفة من حيث الموضوع ناهيك عن كتاباتي عبر صفحتي والتعقيبات التي يتطلبها المقام في حينها وسيخصّص مقال هذا العام للذين أحسنوا والذين أساؤوا لمفهوم الزلزال ونقاط أخرى:

1.   تابعت في الأيام الأولى لزلزال الأصنام شريطا لعبد الحميد كشك لا يحضرني الآن رقمه وكان يومها في أوجّ شهرته حيث ظلّ يتحدّث عن أنّ الزلزال الذي أصاب الأصنام غضب من الله تعالى وأتذكّر جيّدا وهو يستحضر الآيات التي تتحدّث عن غضب الله تعالى عن الأمم السّابقة وراح يعيد ذكرها ويلحقها بزلزال الأصنام وكأنّها أنزلت عليهم.

2.   كان عبد الحميد كشك يومها قليل الأدب مع الجزائر وأهل الأصنام سابقا حين أمعن في الشماتة والنّاس تحت الركام والدماء تنزف والأيتام والثكلى والبنايات المهدّمة وكان عليه أن يدعوا إخواننا المصريين حفظهم الله ورعاهم أن يساعدوا إخوانهم المتضرّرين بما استطاعوا حينها وكان عليه أن يتضرّع إلى الله تعالى بالدعاء لإخوانه في الأصنام أن يعينهم على تجاوز محنتهم ويثبّتهم بحسن الثبات ويسخّر لهم من يكون لجنبهم ويخفّف عنهم ولا أتذكر أبدا أنّه دعا الله تعالى بذلك وبما يشبه ذلك وكانت فعلا من المساوئ التي سقط فيها عبد الحميد كشك.

3.   للأمانة، دافعت عن كشك في مواضيع أخرى غير نادم ولا آسف لكن استنكرت وما زلت غير نادم ولا آسف موقفه المشين المسيء من زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980.

4.   عانت الأصنام سابقا ركودا في التنمية بشكل رهيب وفي الوقت الذي حاولت إصلاح الوضع ابتليت بالعشرية الحمراء في التسعينات من القرن الماضي فكانت القاضية وعمّقت من درجة التخلّف وزادت في نسبة العفن وبروز ثقافة كرّست التبرير للتخلّف والقبول به وظلّت آثار الزلزال قائمة إلى سنة 2000 وما بعدها بسنوات بسبب العشرية الحمراء ما يعني أنّ ما أصاب الأصنام سابقا والشلف حاليا كان كبيرا من حيث الوقع والآثار الكارثية الخطيرة وعلى جميع الأصعدة ودون استثناء.

5.   قرأت اليوم عبر صفحة جزائري يرى أن هناك دولة واحدة فقط ساعدت الشلف في زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980 هي دولة عربية وحيدة وهي المملكة السّعودية دون غيرها من دول العالم، وكتبت على صفحتي أرد فيه على هذا الادّعاء وأقول: كلّ دول العالم ساعدت الشلف حاليا والأصنام سابقا إثر زلزال الأصنام 10 أكتوبر1980. ورأيت هذه المساعدات رأي العين وانتفعت بها في حينها وأنا في 14 من عمري وأكتب الآن هذه الأسطر من بناء جاهز من صنع إيطالي إبان الزلزال. كلّ الشكر والثناء للدول التي قدّمت مساعداتها بغضّ النظر عن دينها وجنسيتها ولونها . من حصر الشكر في دولة دون الدول فقد أساء الأدب مع من أحسن إليه في الشدّة ومن استثنى في الشكر فقد جحد نعمة ربّه عليه ومن تمام الشكر وكماله أن يشكر المرء من خدمه أيام المحن ودون استثناء.

6.   من مزايا المساعدات الغربية إبان زلزال الأصنام 1980 أنّها لم تشترط كتابة اسمها على المستشفيات الكثيرة والثانويات العديدة ومراكز التمهين المختلفة والبنايات الجاهزة الضخمة التي وضعت في ظرف قياسي جدّا لم يتعد السنتين. لم يضعوا اسم دولهم على منجزاتهم ولم يضعوا علم دولهم عليها ولا يوجد من يقول: المستشفى الإسباني ولا الثانوية البرتغالية ولا المركز الدنماركي ولا البناية البلجيكية ولا الجامعة الكندية ويقولون: مستشفى الشرفة، ومركز التكوين الشطية، وجامعة الشلف ما يدل على أنّ المساعدات الغربية يومها لم تكن تخضع للشروط ولم يستغلّوا الوضع للضغط والجزائر يومها والأصنام بالذات تحت الركام والبكاء والجراح.

7.   ممّا أتذكّره جيّدا عقب زلزال الأصنام وأنا ابن 14 سنة قول كبار السن يومها: الحمد لله أنّ الزلزال لم يضرب العاصمة وإلاّ لوضعت بين شاهدين أي لتحوّلت إلى مقبرة كبيرة. كبر الطفل وزار العاصمة عدّة مرّات وما زال يزورها ويظلّ يسأل الله أن يبعد الزلزال عن عاصمة الجزائر لما في ذلك من مهالك وأخطار لا تطيقها الجزائر وحفظ الله إخواننا في العاصمة.

8.   إذا قرأت أو سمعت أحدا يقول ويكتب مثلا: "قبل زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980" أو بعد "بعد زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980" وغيرها من العبارات المشابهة فاعلم بأنّه من سكان الأصنام وولد فيها أو يعرفها من قبل الزلزال. وإذا قرأت أو سمعت أحدا لا يذكر هذه التواريخ في حديثه ولا كتاباته فاعلم أنّه من مواليد الشلف ولم يشهد الزلزال ولا يعرف عنه شيئا ولا يعرف أنّ الشلف كانت تسمى قبل زلزال 10 أكتوبر 1980 بـ الأصنام.

9.   كلّما زرت مقبرة سيدي العروسي أرى وباستمرار قبرين بحجم كبير على غير عادة القبور يضم بعض الذين ماتوا في زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980 في قبر واحد كأن يكونوا توأمين أو أن تكون عائلة بكاملها وهذا من الأسباب التي تجعل الزائر لا ينسى أبدا زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980.

وسوم: العدد 846