بورقيبة والحكم بالعلمانية

في سنة 1955 أعلن التونسي الحبيب بورقيبة  أنه إن وصل إلى الحكم فسيحكم بالعلمانية، فثارت تونس المسلمة التي كانت ثائرة على الاحتلال الفرنسي، واعترض المشايخ الذين كانوا لا يزال لهم ثِقَل، فتشكل وفد منهم وذهبوا إليه في بيته "وقلوبهم ممتلئة عليه" ، كما روى الشيخ محمد النيفر التونسي، وعند الباب قال لهم الخادم: (إن سيدي الحبيب يتوضأ)!

إذن الرجل لا زال يصلي! ارتبك المشايخ، و"تلخبطوا"، وانكسرت حِدَّة غضبهم ورقَّت قلوبهم لهذا الذي يصلي...

وجاءهم بورقيبة بعد أن صلى، وسألوه كيف تصرح هذا التصريح؟! فصاح رافضاً أن يُشَكك أحد بدينه وانتمائه، وانطلت الحيلة على المشايخ وخرجوا إلى الشعب التونسي الغاضب فطمأنوه أن الحبيب لا زال على العهد!

لا شك أن هناك من برَّر لبورقيبة تصريحاته بأنها "دبلوماسية"، "تصريحات إعلامية"، "ذكاء سياسي"...إلخ.

بعد عام واحد فقط حصل "الاستقلال" واستلم بورقيبة الرئاسة، وعمل ما لم يستطع الاحتلال الفرنسي أن يعمـلـه طوال خمسة وسبعين عاما من طمس للهوية الإسلامية ومحاربة لدين الإسلام!

إنها العواطف الغرارة، آذت المسلمين أيام أتاترك، وآذتهم أيام عبد الناصر، وآذتهم أيام بورقيبة...ولا زالت تؤذيهم. والخلل فيهم لا في دين الله. فالله الحكيم قد أحكمَ دينه فلم يجعل فيه "ثغرات" لينفذ منها الدجالون فيغيبوا أحكام الإسلام ويستعبدوا المسلمين لأعدائهم ويناصروهم على المسلمين تحت شعارات "الدبلوماسية" و"الحنكة السياسية"، ثم يضحكوا على الناس بممارسة بعض الشعائر الإسلامية في خواص أنفسهم!

(ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء)...

(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)...

وسوم: العدد 847