لن تطول سرقة أميركا لنفط سوريا

فجأة ، في 24 من أكتوبر الحالي ، أعلنت أميركا أنها ستبقي بعض قواتها في شمال شرقي سوريا ، في دير الزور والحسكة ؛ لحماية حقول النفط من داعش ، واتخذ هذا القرار بعد اتصال بين ترامب ومظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية ، ويقول عبدي إن ترامب أكد له نيته البقاء فترة طويلة في منطقة الحقول . والمؤكد أن هذا البقاء الأميركي لا غاية له سوى سرقة النفط السوري ، ولا صلة له بحمايتها من داعش التي فخر ترامب نفسه بأنه قضى عليها وحده . وكشفت وزارة الدفاع الروسية من خلال صور أقمار صناعية التقطت في سبتمبر الفائت أن أميركا تسرق النفط السوري في صهاريج تتحرك في حماية القوات الأميركية نفسها ، وحماية قوات تابعة للشركات العسكرية الأميركية ، وأن السرقة وقعت في أوقات وجدت فيها قوات داعش في منطقة النفط ، وسمعنا عن سرقة إسرائيلية للنفط السوري ، ولا ريب أن ثمة تنسيقا بين السرقة الأميركية والسرقة الإسرائيلية . وأميركا هي أكبر مسهم في اختلاق داعش ، ونقلت محاربيها ، محاربي داعش ، من مكان إلى  آخر أكثر من مرة عندما كانوا يهزمون . ، وفوق غاية سرقة النفط السوري ؛ جاء إبقاء قوات أميركية في شمال شرقي سوريا استجابة لضغط أعضاء كونجرس أميركيين مثل جراهام ليندساي وبيلوسي المناكفة اللدود لترامب ، أضف إلى ما سبق ضغط إسرائيل التي ترى في الانسحاب الأميركي سانحة كبيرة لتثبيت الوجود الإيراني  . والواقع الساطع أن في السياسة الأميركية تخبطا وعشوائية استثمرتهما السياسة الروسية البارعة في توسيع نفوذها وتعميق تأثيرها وفاعليتها في الأحداث ، وعلى الأطراف المتنازعة المتقاتلة في المنطقة ، فظهرت روسيا بحق صديقا للجميع : سوريا وتركيا والأكراد ، وأميركا ذاتها . وهاج التخبط العشوائي في السياسة اأميركية غضبا إسرائيليا عارما على ترامب وإدارته ، وحذر إسرائيليون في الإعلام وهندسة السياسة دولتهم من أنه لا يوثق به ، وربما لا يوثق بالسياسة الأميركية كلها التي نرى أنها أثبتت طوال عقود أنها أوفي ما تكون لإسرائيل ، لكن الطفل الذي ألف التدليل لا يقبل أي نقصان في تدليله ورعايته . وأميركا ، زيادة على إفادتها القذرة الخسيسة من النفط السوري ، تريد حرمان الدولة السورية من عائداته التي تقدر ب 24 % من دخل الميزانية السورية ، وليس لديها أي وازع أخلاقي رادع من سرقة نفط دولة فقيرة كادت تحطمها 8 سنوات من عدوان كوني تسهم فيه أميركا بالنصيب الأوفى والأنذل ، وهو نفط قليل جدا يقدر احتياطيه ب 5 ، 2 مليون برميل ، وكانت سوريا قبل العدوان عليها تستخرج منه 385 ألف برميل يوميا . وعلى قلته تطمع فيه أميركا ، وسبق لها ، من عامين ، أن عرضت على القيادة السورية الإسهام في تهدئة الأحداث السورية المأساوية ، والثمن : منح الشركات الأميركية احتكار النفط السوري تنقيبا واستخراجا ، فرفضت القيادة السورية ، وقالت إنه لا عائق لديها في أن تتقدم الشركات الأميركية للعمل في المجال النفطي السوري مثلها مثل سواها من الشركات العالمية ، ولم تقبل أميركا بالمساواة مع سواها .

كيف تنقذ سوريا نفطها من السرقة الأميركية الفاجرة ؟!

يرى الكاتب التركي فهيم تاشتيكين في مقال في صحيفة " دوار " التركية أن عوائق ستواجه التواجد الأميركي في منطقة النفط السوري ، هي :

أولا : التحرك السريع للدولة السورية في إعادة سيطرتها على الأرض السورية ، وهذه الدولة لن تسكت على الاغتصاب الأميركي لثروتها الوطنية .

ثانيا : الإصرار التركي على حرمان الوحدات الكردية من أي نصيب من عائدات هذه الثروة .

ثالثا : رفض القبائل العربية لتواجد الوحدات الكردية في أراضيها ، وستمتن الدولة السورية هذا الرفض بعد دخول قواتها إلى بعض بلدات المنطقة .

رابعا :ما قد يكون للقوات الإيرانية في البوكمال من تعزيز لموقف الدولة السورية .

وأحسم العوائق الأربعة وأفعلها ،مع وجوب توظيف العوائق الأخرى توظيفا مؤثرا ، هو عزم الدولة السورية الصلب على تحرير أراضيها من أي وجود أجنبي دون إذنها بصفته احتلالا ، وستكون قادرة على هذا التحرير بعد انحسار أكثر أثقال العدوان على الأراضي السورية . سوريا الآن في الساعة الأخيرة قبيل انبلاج الفجر الصادق لانتصارها على كل الأشرار الفجار الذين اعتدوا عليها أرضا وشعبا ودولة ودورا . وأميركا قصيرة النفس متى اعترضت أي مقاومة عدوانها ، على حين برهنت سوريا قدرة نادرة فاجأت العالم على الصمود العنيد وامتداد النفس على كل صنوف المآسي والمحن والتقلبات الصادمة للأحداث ، واستنتاجا : نتوقع ألا تطول السرقة الأميركية الفاجرة لنفطها .

وسوم: العدد 848