لا تلبسوا علينا ديننا هداني الله وإياكم لكل خير .. في أمر أصحاب الاحتياجات الخاصة

واعتاد ضعاف النفوس من البشر أن يتشاءموا من أصحاب الاحتياجات الخاصة ممن كان يطلق عليهم أصحاب العاهات . وإن تكن عاهة حقيقية في إنسان فهي مرض قلبه الذي بيده شفاؤه .

واعتادت النساء ولاسيما الوالدات منهن أن يتخوفن من المرأة العاقر ، أو التي لم ترزق بالولد . حتى يبخلن عليها أن تمسك بوليدهن ذكرا كان أو أنثى ويتشاءمن من دخولها عليهن وذلك فيه ما فيه من أمر الجاهلية .. . ولم يثبت منه في دين الله شيء .

ولقد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ بن جبل : سابق العلماء وإمام العلماء .. ولقد سمعت من بعض شيوخنا في تفسير ذلك أن سيدنا معاذ كان أعرج .

وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم أكثر من مرة على المدينة والصلاة بمن بقي من المسلمين فيها وهو أعمى ..

وكلام أصحاب القالة من مثل : كل ذي عاهة جبار . لا أصل له في كلام أهل العلم .

وقال السخاوي في المقاصد الحسنة أيضا فيما يروون : " اتقوا أصحاب العاهات " أنه لا أصل له . وما وجدت في كتب أهل الإسلام تحذيرا ثابتا من مثل هذا . إلا أنه قد ورد عند الكليني وأضرابه نسبة هذه الأخلاق الردية إلى بعض أهل بيت النبوة . وهم من افتراءات المفترين براء .

وما ينسب إلى بعض السلف من التعوذ من غل أصحاب العاهات لا أصل شرعيا له . ويصطدم بأصول الشرعية وفروعها . فالإصابة في البدن على أي وجه وقعت هي نوع من البلاء والابتلاء يكتبه الله على بعض خلقه لحكمة يريدها .

ولقد انتشرت عند طبقات ممن لا خلاق لهم أمثال وأقوال هي إلى الجاهلية أقرب فكنا نسمع من بعض هؤلاء " وين ما رأيت الأعمى طبو ما لك أرحم من ربو " كلمة هي للكفر أقرب منها للإيمان .

كانت العرب في جاهليتها ثم في إسلامها تحسن ألفاظها فتسمي اللديغ سليما على جهة التفاؤل . وتسمي الأعمى بصيرا . وتلقب الأعشى بأبي بصير . كما كان العامة في بلدنا يطلقون على صاحب الإصابة البدنية لقب " عاجز " استدرارا للشفقة والعطف عليه .

والذي نريد أن نخلص إليه أن ما صار إليه الرقي الإنساني ، والتهذيب الخلقي المدني أن تستبدل بكلمة صاحب العاهة والعاجز كلمة مثل أصحاب الاحتياجات الخاصة . فإن ذلك مما يواكب روح الشريعة وأدب الإسلام العام ..

وثانيا - وإنه من الحق والواجب الشرعي أن نسقط بل نؤثم هذا الموقف التشاؤمي المرتاب من هذه الشريحة من الناس . فكل ذلك من أمر الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان .

وثالثا - يجب أن تمتلئ قلوبنا وعقولنا بالحب والإكبار والاحترام لهؤلاء الناس . وحتى عندما نمد اليد لمساعدتهم في أمر لا يقدرون عليه ، يجب أن نطهر قلوبنا من شعورين شعور عجب وكبر وغرور وشعور استصغار واستضعاف ..

وأن نتذكر دائما أن ربنا اللطيف الخبير ما أخذ إلا وأعطى وما ابتلى إلا وأعان . اللهم أعن كل صاحب بلوى على بلواه .

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وشكرا للأخ الكريم الذي فتح بما كتبه باب الكتابة في هذا .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 852