كباش الفداء في السياسة : مَن يَفدي مَن ؟ ومَن يَفتدي نفسه ، بمَن؟

الفداء قديم ؛ فقد فدى الله نبيّه إسماعيل ، بكبش !

وما نبحثه ، في هذه السطور، هو الفداء ، في العمل السياسي ؛ فنسأل : مَن يفدي من؟ ثمّ من يفتدي نفسَه ، بمَن ؟ أمّا الكيفيات والأساليب ، فكثيرة ، متنوّعة ، بحسب الزمان والمكان، والأحوال والأشخاص!

ولن نقف طويلاً ، عند الشعارات الزائفة ، التي يردّدها المنافقون : بالروح ، بالدم ، نفديك يارئيس ؛ فلا أحد يفتدي الرئيس بشيء ، إنّما كلٌّ يفتدي مصلحته ، المرتبطة بالرئيس!

ولا بدّ، من الحديث ، عن نماذج:

الكبير يفتدي به الأكبرُ نفسَه.. ومَن دون الكبير، يفتدي به الكبير نفسه،وكلّ صغيرٍ فداءٌ لكبيره!

تسلسل عمليات الفداء : من هو أكبر، أو أقدر من صاحبه ، أو شريكه ، أو زميله .. يَفدي نفسه به ! ويسمّى هذا النوع من الفداء : الافتداء بالكبش ، أو التضحية به !

صور من الافتداء ، في سورية :

صور الافتداء ، في سورية ، كثيرة ، ومتنوّعة الأساليب ، وهي تعكس صور الافتداء ، في كلّ مكان وزمان ! وما أكثر ماتنشر الشائعات ، في سورية ، حول عمليات نحر المسؤولين .. وأطرَفُها : أن يقال: انتحر! وبعضهم ينتحر، حسب التقارير الطبّية ، بسبع رصاصات ، في رأسه ، وهذا من طرائف الانتحار ، في عهد الأسرة الأسدية !

بعضُ مَن ضُحّي بهم :

رئيس الوزراء ، محمود الزعبي : خدم الأسرة الأسدية ، طويلاً ، متنقّلا بين المناصب .. ثمّ انتهى دوره ، فقتلوه ، وقالوا : انتحر! وقد لفّقت قصّة انتحاره ، بصورة غير مقنعة ، لأحد من أهله ، أو لأحد من أبناء الشعب السوري ! لكن الرجل قُتل ، قَتله سَدَنة الحكم ، الذي كان يعمل لمصلحته ! وربّما انطبق عليه ، المثل الدارج : الغنمُ بالغُرم ؛ فقد نال حظّه من الغُنم ، ولم يكن له مفرّ، من أن ينال نصيبه ، من الغرم !  

غازي كنعان : مفوّض سورية في لبنان : وهو من طائفة الأسد ، وقد حكم لبنان ، بقبضة من حديد .. وحين أزيح من منصبه ، في لبنان ، وعاد ليعمل في سورية ، في المخابرات ، تمّ اغتياله ، وأشيع ، بأنه انتحر!

عبد الكريم الجندي ، وهو من الطائفة الإسماعيلية : وقد استلم مناصب عدّة ، آخرها رئيس المخابرات ، وهو المنصب ، الذي نُحر، وهو يشغله !

وتطول قائمة المنحورين المنتحرين :  

رستم غزالة :  ضابط مخابرات ، للنظام السوري ، في محافظة درعا ، وكان شديد الحماسة، لخدمة أسياده ، الذين نحروه ، لأسباب يعرفونها ، ولا يعرفها !

جامع جامع : ضابط مخابرات عسكرية ، من الطائفة ، التي تنتمي إليها الأسرة الأسدية الحاكمة، وكان هو الحاكم بأمره ، في محافظة دير الزور، في شرق سورية ! وحين رأى مسؤولون ، في المراتب العليا ، أن وقت التخلص منه ، قد حان ، قتلوه ، بطريقة غامضة، ونشروا شائعات ، حول قتله ، بأن الثوار قتلوه ، وذلك ؛ تفادياً ، لنقمة رجال الطائفة ، من أسرته ، ومن المتعاطفين معها !

ولن نذكر القائمة ، كلّها ، فهي طويلة ، ومايزال حبلها ،على الجرّار!

وسوم: العدد 853