الشِعر أصعبُ أم السياسة ؟ وأيّهما سلّمه أطوَل ؟ وبأيّهما تزلّ الأقدام أكثر؟

قال أحد الشعراء ، يصف صعوبة الشِعر:

فأيّهما أصعب ، وأطوَل سُلّماً ؟ وأيّهما تزلّ به الأقدام ، أكثرمن صاحبه : الشِعرُ، أم السياسة ؟

قد تبدو الموازنة بينهما ، صعبة ، أو غريبة .. أو شاذّة عمّا هو معهود ، في التفكير المنطقي، السويّ المألوف ! إلاّ أنّ أبيات الرجز، ذكّرتنا بصعوبة الشعر، فذكّرتنا هذه ، بصعوبة السياسة، فذكّرتنا الصعوبتان ، كلتاهما ، بالموازنة بينهما ؛ لا على سبيل الترف الفكري ، بل على سبيل التفكير، في ضرورة إدراك المدرَكات ، وضرورة فهمها وإدراكها ، كما ينبغي أن تُفهم ، وأن تُدرَك ، ولو في الحدود الدنيا ، من الفهم الإدراك !

وإذا كان فهم الآليّات الفنّية ، لكلّ من الامرَين ، هامّاً، فإن الأهمّ منه، هو فهم علاقة كلّ منهما، بالحياة والأحياء .. وهذا مانودّ الوقوف ، عنده !

الشعر: يصنعه إنسان واحد .. والسياسة : يصنعها مجتمع كامل ، مكوّن من دولة ، فيها حكومة وأحزاب ، وأفراد كثيرون !

الشعر: قد يصنعه الشاعر، في بيئة بسيطة : بدوية ، أو صحراوية ، أو مدنية .. لكنّ السياسة لابدّ لها ، من مجتمع متمدّن ، ولو نسبياً !

الشعر: يتكوّن من حروف وكلمات ، وجمل وتراكيب ..! ومكوّناتُ السياسة : مؤتمرات ومؤامرات ، ومهرجانات وانتخابات ، وحكّام ومحكومون ..!

الشعر: يقال – ولا يُفعَل – للمتعة ، أو الحكمة ، أو مدح الناس ، أو هجائهم ، أو تبصيرهم ببعض الحقائق القائمة ، أو التنبّؤ ببعض الأمور، التي يمكن حدوثها !

والسياسة : تُقال وتُفعل ، للهيمنة على مصائر الناس ، في بقعة واحدة ، أو بقاع متعدّدة ، أو قارّات ، بأسرها !

الشعر: يُنظر إليه ، من خلال الكلمات ، التي يقال بها ، أو يكتَب بها ! والسياسة : يُنظر إليها من خلال ، أحداثها وتفاعلاتها ومآلاتها .. ومن خلال ماتجلبه ، من خير أو شرّ!

الشعر: يتعامل مع الأفراد ، الذين يطّلعون عليه ، ويفهمونه ! والسياسة : تتعامل مع مصائر الأمم ، بمن فيها ، من أفراد وشعوب ، مَن يطلع عليها ومَن لايطلع، مَن يفهمها ومن لايفهمها !

الخيال الشعري : قد يحلّق عالياً ، وقد يبتعد عن واقع الحياة ! أمّا الخيال السياسي : فلا يحلّق ، إلاّ مرتبطاً بالأرض ، ومافيها من عناصر ومصالح وقوى ، وقرارات ومواقف ومآلات !

والفروق بين الشعر والسياسة : كثيرة ، وبعضها شديد الأهمّية والتأثير! ويصعب استقصاؤها ، هنا !

لكن ، يمكن القول ، على مبدأ الراجز:

وسوم: العدد 855