درس في اختيار القادة من النبي صلى الله عليه وسلم

اللواء الركن محمود شيت خطاب

[باختصار، من مقال للواء الركن محمود شيت خطاب، منشور في مجلة الأمة – كانون الثاني 1984م]

الحلقة 2/3

شرطان رئيسان:

كان الشرطان الرئيسان اللذان التزم بهما النبي صلى الله عليه وسلم في تولية القادة واختيارهم لتولي المناصب القيادية المختلفة، هما:

- الإسلام أولاً. فما ينبغي أن يتولى قيادة المسلمين غير القادة المسلمين الذين حسُن إسلامهم.

- والكفاية. فالعقيدة لا تكفي دون كفاية عالية.

إن العقيدة الراسخة شرط أساسٌ لتولية القادة، حتى يعمل القائد في خدمة عقيدته ومجتمعه أكثر مما يعمل لنفسه ولأسرته، وهذا هو سر تفوق أهل العقيدة في أعمالهم على من لا عقيدة لهم، أو لهم عقيدة فاسدة.

والكفاية العالية شرط أساس لتولية القيادة، حتى يبرز القائد في عمله، لأنه يعمل على هدى وبصيرة، ويكون أكبر من منصبه، فلا يضل ويغوى.

أما الذي لا كفاية له، فيستوعبه المنصب ويكون منصبه أكبر منه، فلا يفلح في عمله ولا يرتاح فيه ولا يريح.

وطالما سمعنا من يتساءل: هل يُفضّل صاحب العقيدة على صاحب الكفاية، أم صاحب الكفاية على صاحب العقيدة؟.

وكثيراً ما ردّدوا: الإخلاص أم الكفاية؟. وكثيراً ما يريد القائل: الإخلاص لشخصه الكريم لا الإخلاص للمصلحة العامة.

وفي غياب الالتزام بتعاليم الدين الحنيف، تولى أهل الإخلاص (للقائد)، وبقي أهل الكفاية طاقات معطلة، فتعطلت المصالح، وشاعت الفوضى، وحرمت الأمة من القادرين على خدمتها.

والجواب على الذين يتساءلون: يجب أن يتوافر الشرطان الرئيسان في القادة: العقيدة الراسخة، والكفاية العالية.

وصاحب العقيدة الراسخة دون كفاية عالية، يمكن أن يفيد في مجالات أخرى غير القيادة، كالتعليم والدعوة إلى الله، وإرشاد الناس.

وصاحب الكفاية العالية دون عقيدة راسخة، غالباً ما يعمل لنفسه أكثر مما يعمل لغيره، ولمصلحته الشخصية أكثر مما يعمل للمصلحة العامة، وقد يضرّ أكثر مما يفيد.

وسوم: العدد 860