مواقف الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

[ من مجموعة رسائل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود (ت 1417هـ) رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر، المجلد الأول، ص 517 ]

لمّا منع العرب زكاة أموالهم وعزم أبو بكر أن يقاتلهم على منعها عارضه الصحابة على رأيه، وقالوا: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله: "أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"؟، فقال لهم أبو بكر: إن الزكاة من حق لا إله إلا الله. قال عمر: فعلمنا أنه الحق فاتبعناه. ولما بلغ عمر أن أناساً يفضلونه على أبي بكر، قام في الناس فقال: أما أني سأخبركم عني وعن أبي بكر: إنه لما مات رسول الله ارتدت العرب بأسرها فمنعت شاءها وبعيرها فاتفق رأيُنا، أصحابَ محمد، أن أتينا إلى أبي بكر الصديق وقلنا: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله كان يقاتل الناس بالوحي والملائكةُ يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم فالزمْ بيتك فإنه لا طاقة لك بقتال العرب كلهم. فقال: أوَكُلّكم رأيه على هذا؟ قلنا: نعم. فقال: والله لأن أخِرَّ من السماء فتخطَفني الطير أحبّ إليّ من أن يكون هذا رأيي، أيها الناس أنْ قلَّ عددكم وكثر عدوّكم ركب الشيطان منكم هذا المركب؟! والله ليَظْهَرنّ الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون قوله الحق ووعده الصدق، (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)، (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين)، وتالله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه واستعنتُ الله عليهم وهو خير مُعين.

وسوم: العدد 866