الحارس اليقظ على ثغور الإسلام الدكتور محمد عمارة من ميدان العمل إلى ميدان الكرامة

سبحان من خص نفسه بالحياة الأبدية السرمدية وكتب على خلقه الموت

فقدت الأمة الإسلامية اليوم علما من أعلامها الصادقين ومفكرا من مفكريها المجاهدين وعالما عاملا هو بحق راهب الفكر والحارس اليقظ على تراث الإسلام،

رحل الدكتور محمد عمارة  الذي نذر وقته وعمره على البحث والتأليف وإيقاظ الأمة وتنوير الطريق لها.

جابه الشيوعية والعلمانية وحاربها بأسلحتها ، فلا تملك إلا أن تقتنع بطرحه وتؤمن بما يقول لصدق لهجته وحرارة نبرته.

على مستوى الحياة المعيشية عاش حياة بسيطة تليق بأهل الرسالات وأصحاب الهمم فحتى مات لا يقتني جوالا ولم يغير شقته التي عاش فيها.

وكان سكنه أشبه بمكتبة لا يرى الزائر فيها الجدران من كثرة ما يغطيها من الكتب

وعلى مستوى التعامل  ترى تواضعا غير متكلف، أكلمه في أوائل ما تواصلت به وهو لا يعرفني فيحدثني حديث الأب لابنه عطفا وحنوا ومرحمة يكبر الصغير من تلاميذه حتى يظهر له أنه يكلم زميلا أو صديقا يقرأ لتلاميذه ما يكتبون كأنه يقرأ لكبار العلماء .

بهرني كلامه مرة أنني أتصل به رحمه الله فيقول قرأت الكتبك الستة التي كتبتها في علم السنن.

يقدم كتابا لي دون أن يعرفني فإذا طالعت التقديم وجدت كرما ودقة وصدقا وغوصا  لا يقوم به إلا مخلص يعطي وقته للعلم وطلابه.

كلما اتصلت به يوصي بالدفاع عن الإسلام والمسلمين، ويبشر بأن النصر قادم

ما لان ولا هان ولا أعطى الدنية في دينه ولا فكره ولا أمته

ترك تراثا يزيد عن ثلاثمائة كتاب في مناحي الفكر والترجمة للأعلام  وضم إلى صفوف الوسط كثيرا ممن حسبهم الناس في صفوف العلمانيين

كان الدكتور عمارة رحمه الله يحرص على أن يجذب إلى صف الوسطية أي رمز فيه شيء من الوسطية ويقول لماذا نترك رموزنا للعلمانيين.

كان في كل اتصال أتصل به يوصي بالعلم والتعلم والكتابة فهذه الأمة لا تنهض إلا بالعلم.

مات في هدوء  ورحل في سكينة وخلف وراءه منهجيته في الكتابة والفكر التي سماها الوسطية الجامعة

طاف على مدارس متعددة وأخذ منها أفضل ما فيها.

لم يحمل في صدره شيئا على أحد حتى الذين آذوه وناصبوه العداء حتى الذين ناظرهم وناظروه يخاطبهم بمنتهى التقدير والاحترام يركز على الفكرة لا على الشخص ويناقش الموضوع لا صاحبه

رحل أستاذنا الدكتور محمد عمارة وترك في النفس غصة لأنها تركنا ونحن أحوج ما نكون إليه.

رحل وترك ميدانا يحتاج أن يملأ وثغرة تحتاج أن تسد.

  رحل وقد أدى ما عليه ويبقى على الأجيال الحاضرة والتالية أن تسد كما سدوا وتحرس كما حرسوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.

سلام عليك يا سيدي في العاملين

وسلام عليك في الخالدين

وسلام عليك إلى قيام الناس لرب العالمين

وسوم: العدد 866