ليست المرة الأولى التي نقاتل فيها معا ونقتل فيها معا وننتصر فيها معا ..!!

إلى كل الطارئين على هويتنا وعلى عقولنا وقلوبنا

أعلّم كل محدثي الهوية ، الطارئين على وجودنا وعقولنا  وقلوبنا ، من الذين ما يزالون يقصفوننا بترهاتهم وأباطيلهم ، وبما دس الوالغون في دمنا وفي عرضنا ، في عقولهم المضطربة ، وقلوبهم الواجفة ..

إن ما جرى بالأمس على أرض الشام الطهور ، وبالتحديد على أرض إدلب الخضراء، هو  جريمة غدر بلقاء ، رعاها المحتل الروسي ، ونفذتها ميليشياته الأسدية .  وتمثل هذه الجريمة بكل ما فيها من غدر وعدوان وإثخان،  إيجازا مختصرا  في حقيقة  العقيدة  والتاريخ والجغرافيا والأمس واليوم والغد ، حقيقة اختصرها علينا كتاب ربنا بكلمة ( وَلَن تَرْضَى ...) وسهلها لنا أجدادنا بقولهم : عدو الجد لا يود . وانتهى الكلام.

وما زلنا كلما حاولنا أن نقارب في واقع مضطرب أليم تردنا أمواج اللؤم والغدر وحب الشماتة إلى الحقائق الخالدة التي لا يعيننا على تجاوزها إلا إيمان وعزم ..

ويظل غربان السرب وبومانه يتساءلون : لماذا كان تركي على أرض الشام ؟أ وكيف دخل ؟! ولماذا ؟!

وبكل الإيمان والثقة والأمل نجيب :

ما جرى بالأمس على أرض الشام الطهور من شد الساعد بالساعد ، وامتزاج الدم بالدم  لا يسأل عنه عاقل مستبصر ، مؤمن بالعقيدة ، مطلع على سيرورة التاريخ ، مستشرف لصيرورته ؛ بكيف ؟ ولا لماذا ؟ ولا يقال في مثله : من أين ؟ ولا أنى ؟!

إن ما جرى ليل أمس على أرض الشام الطهور هو الحق الذي يجب أن يكون ..هو الحق الذي لا يسأل عنه جاد أو عاقل كيف كان ؟! وإنما يتساءل عنه المنتمون للحضارة والثقافة والتاريخ ماضيا ومستقبلا : كيف لا يكون ؟!

أعلّم بهذا الجواب كل أصحاب الهويات المستحدثة أو المفبركة من  الطارئين على وجودنا وعلى حضارتنا وعلى تاريخنا ؛ إنها ليست المرة الأولى ، لا ولا المرة المائة، التي نقاتل فيها معا ، ونقتل فيها معا ، وننتصر بإذن الله فيها معا !!

معا صنعنا أمجادا ، وخضنا ملاحم  ، معا صنعنا مجد " ملاذكرد " بالإرادة التي تصدت للغدر والمكر ، فكانت المعركة التي يجمع كل المؤرخين أنها غيرت مسار التاريخ . وكان ألب أرسلان الذي لقب بملك العالم ونقش على قبره : يا من رأيت عظمة ألب أرسلان تصل عنان السماء تعال انظر إليه هنا في التراب .

ألب الذي خاض معركة مستحيلة بخمسة عشر ألف جندي ضد مائة ألف من جنود الروم وما أذن العصر إلا والملك المتربص مقيد بين يديه .

 معا قاومنا روسية القيصرية ثلاثة قرون حتى أسقطناها أو كادت ، خضنا معا ثمانية عشرة معركة ، كل واحدة منها كانت ملحمة من ملاحم البطولة والمجد الذي يتجاهلون. معا  خضنا معارك وجودنا على مدى ألف عام أو يزيد ، وكلما كنا معا ...كنا أقرب للقوة والمنعة وأقرب إلى التي نحب ونريد  . 

وما نزغ بيننا مرة شيطان من شياطين الإنس والجن  كالذين ينزغون إلا كان هذا التردد وهذا الضياع وهذا التيه.

 نستمطر شآبيب الرحمة على أرواح كل شهداء معركة الحق والعدل والحرية بغض النظر عن الهويات الموهومة ، والأعراق المتكلفة ، ومع تقديمنا واجب العزاء لقلوب كل الأمهات والآباء ، والزوجات والأبناء ، والأخوة والأخوات ...من كل أبناء أمتنا ولاسيما إخواننا على الأرض التركية القرح نقول :

عظم الله أجركم . وتقبل شهداءكم وتبقى كلمة سيدنا رسول الله للأنصار هي الماضية الباقية : الدم .. الدم .. الهدم .. الهدم ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 866