العنصرية الفارسية الكيان السني يهدد أصحاب العمائم السوداء في إيران(1-5)

الحلقة الأولى

أدرك حكام طهران خطورة وجود الكيان السني في إيران وأنه يهدد مستقبل مصالحهم السياسية والعقائدية في الداخل والخارج، لذا فقد سعوا منذ نشأة (الدولة الخمينية) وحتى الآن إلى إبادة الكيان السني بشتى الوسائل للتقليل من آثاره المترتبة، التي لا تودي (على حد زعمهم) بأحلام وأهداف حكام طهران من أصحاب العمائم السوداء فقط، بل تتعداها إلى القضاء على حياة من يخططون لهم أيضاً، وتقول مجلة السنّة: "إن هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة الإيرانية، لم تترك للسنّة مجالاً إلا وحاربتهم فيه، فمن الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية والعقائدية إلى محاربة الاقتصاد والتعليم، والنمو السكاني، والسعي الحثيث لطمس معالم أهل السنّة، حتى ولو كانت على شكل مساجد ومدارس تاريخية، بل حتى التاريخ نفسه لم ينج من هذا الطمس، من حيث تزويره والتلفيق فيه، وعزل السنة عنه، هذا عدا عن سياسة التصفية الجسدية لقادة وعلماء السنة".

هذه صورة مجملة للتعامل مع أهل السنة والجماعة، حيث ظل أهل السنة مقصودين من قبل حكام إيران الفرس على مدى الزمان بالقتل والعزل والإقصاء، والحرب على كل ما يمت لإسلامهم وثقافتهم وتاريخهم وآثارهم وحياتهم.

ممارسات أهل العمائم السوداء تجاه أهل السنة منذ قيام ثورة الخميني

كان التعامل الإيراني الفارسي وسياسة (التفريس) التي اتبعتها دولة الملالي مع كل مقومات وفئات وقوميات الشعب في إيران من غير القومية الفارسية، كان ذلك مدعاة لنزوع الأذريين والعرب والبلوش والتركمان الذين يشكلون مجتمعين قريباً من نصف عدد السكان في إيران، للمطالبة بالاستقلال والانفصال عن الدولة الإيرانية، بعد أن لم تُجدِ مطالباتهم السلمية باحترام خصوصياتهم الدينية والثقافية والاقتصادية واللغوية والتعليمية، وهو ما شكل اليوم تحدياً كبيراً لنظام إيران الحالي التابع للملالي وسياسة (التفريس) والتشييع والعنصرية، ومواجهة كل المطالبات القومية والدينية السلمية بالقوة والقتل وأحكام الإعدام الجائرة، منطلقين من نظرة فارسية فوقية مدهونة بطلاء رقيق من التشيع، ساعية لإحياء الامبراطورية الكسروية.

وقد ظهرت هذه الفوقية في قول نائب الخميني لوفد الإخوان المسلمين الذي ذهب عام 1979م لتهنئة الخميني بانتصار ثورته، إذ أخبرهم أن السنّة حكموا العالم الإسلامي أربعة عشر قرنا، وآن للشيعة أن يحكموا العالم الإسلامي” ويؤيد هذا التوجه الداخلي لإيران الفارسية في عهد الملالي، خطة الخميني للهيمنة على العالم العربي الإسلامي، إذ نقل عنه (أبو الحسن بني صدر) أول رئيس لإيران بعد ثورة 1979م ما يلي: “كان الخميني يقول: إنه يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على العالم الإسلامي، وكان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسورية ولبنان، وعندما يصبح سيداً لهذا الحزام، يستخدم النفط وموقع الخليج العربي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي”.

نظرة ملالي إيران الفوقية تجاه العرب

تقول الباحثة (جويا سعد): إن التاريخ يشكل عبئاً في الوجدان الإيراني، حيث ينظر الإيرانيون إلى أن العرب قد أفقدوهم تاريخهم السابق، وقضوا على حضارتهم الفارسية، وفرضوا عليها ديناً سامياً صحراوياً، وعندما اعتنق الفرس الإسلام عملوا على جعله يتكيف مع ظروفهم وأحوالهم وحاجاتهم وبيئتهم.

ويؤيد ذلك المفكر الإيراني المعاصر (منو شهر دوراج) إذ يقول: "إن الإسلام الشيعي، يشكل ضرورة للنزعة القومية الإيرانية (الفارسية) ويضيف (دوراج)، موضحاً رفض الإيرانيين لانتماء الإمام علي للعرق العربي وصورة العربي، فيقول: إن الإيرانيين أسقطوا على نحو واضح بعضاً من صورتهم الذاتية (الفارسية المثالية) على صورة الإمام علي (كرم الله وجهه)".

وفي مجال احتقار الجنس العربي والإسلام الذي حملوه للعالم، يقول الباحث الإيراني الفارسي “أخوان”:

“أفسد العرب كل جانب من جوانب الحياة الإيرانية، من الدين (الزرادشتي المانوي وعبادة النار) إلى الأسطورة، والمأثرة الشعبية إلى اللغة والأدب والتاريخ، ورزحت لغتنا الوطنية الفارسية تحت هيمنة الخرافات العربية السامية والإسلامية” ويضيف: “إن لغة العرب وأخلاقهم وعاداتهم لا تلائمنا (فكيف العمل) إذن مع هؤلاء العرب الحفاة العراة المتوحشين، الذين لا يملكون شيئاً سوى لسان طويل وسيف”.

شيفونية القومية الفارسية تسيطر على عقول الإيرانيين

وما تقدم يعني نبذ كل ما حمله العرب إليهم حتى “الإسلام” نفسه، ويريد ابتداع إسلام قومي فارسي شيعي يناسب (شوفينية) القومية الفارسية الصفوية الجديدة القديمة.

وإنها القومية الفارسية التي قادت من قبل توجه الآن القيادات التي تحكم إيران بعد حراك 1979م، ولكن المذهب الشيعي هو أهم أداة للحفاظ على الطابع القومي الفارسي وطموحاته الإمبراطورية، من خلال (الدولة المشروع)، وقد وضعت مجلة (الفورين بوليسي) الأمريكية يدها على أساس تصرفات ملالي طهران، إذ قالت في تقرير لها: “إيران تتصرف كقوة إمبريالية بأيديولوجية شيعية، وأن معالم هذه القوة الامبريالية موجودة في الحمض النووي الوطني (الإيراني الفارسي)، والتطلعات الثقافية والأماني القومية الإيرانية، وأن الاستراتيجية الجيوسياسية الإيرانية المرتكزة على العقيدة الشيعية، مستلهمة مباشرة من كتيب يتضمن خطة اللعب لإمبراطوريات الفرس الثلاث التي امتدت لأكثر من ألف عام.

-المصادر-

*موقع المعرفة: دراسة عن ديموغرافيا إيران. 

*غازي التوبة/ المرتكزات الديموغرافية في المشروع الإيراني من كتاب مشترك بعنوان / المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية - دار عمار/ عمان – الأردن.

وسوم: العدد 872