التحرر من سايكس بيكو طريقنا نحو التحرر

المشكلة الرئيسة عند شعوب المنطقة أنها تربت على ثقافة (سايكس بيكو) التي تبنتها الدول القومية التي تشكّلت وفق النسق الاستعماري، فخاضت صراعًا مريرًا مع شعوبها لتفرض عليهم الهوية القومية المستوردة بقوة السلاح وفق فلسفة نازية اضهادية إقصائية... وكانت النتيجة مزيدًا من التخلف والانحطاط والتشرذم والضياع ...

وللأسف حتى أولئك الذين يسمون أنفسهم معارضين لهذه الأنظمة لم يتحرروا من تلك الثقافة الشوفينية  الدخيلة التي تدّل على التخلف والسطحية وضيق الأفق عند معتنقيها، ولذلك لا فرق بين المعارضة المتخلفة والأنظمة القومية المستبدة حيال هذه النقطة إلا بالشعارات فقط.  

والتيار الوحيد الذي يخوض صراعًا حقيقيًا مع سماسرة (سايكس بيكو) هو (التيار الإسلامي الوسطي) الذي أطلق عليه من قبل الإعلام الغربي: (الإسلام السياسي) وهذا التيار يخوض معركة شرسة من أجل التغيير والتحرير من كل أشكال الثقافة الاستعمارية، ويسعى لنيل الاستقلال الحقيقي المطلوب وليس الاستقلال الشكلي الصوري المزعوم، لأن ما سمي بالاستقلال في الماضي كان شكلًا جديدًا من أشكال الاستعمار، وصورة قبيحة مشوهة عنه!!!

ولهذا السبب أعلن الغرب والشرق حربهم على هذا التيار، وعملوا على تشويه  صورته بشتى الطرق ومختلف الوسائل، ولعل أقبح أشكال التشويه التي ألصقت زورًا وبهتانا بالتيار الإسلامي (أنموذج داعش) فهذا النموذج المشوه المتطرّف صُنع في أقبية المخابرات العالمية لغرض تشويه التيار الوسطي المعتدل.

ولو توقّف الأمر عند هذا الحدّ لهان الأمر، ولكن تمّ صناعة داعشية أخرى نماذج قومية وعلمانية وليبرالية وشيوعية واشتراكية... والكل في النهاية ينفّذ مخطط العم سام (أمريكا) مخطط الشرق الأوسط الجديد بقيادة إسرائيلية، وما صفقة القرن إلا جزء من هذا المخطط القذر.

إن ما يجري في بلادنا  يخالف العقل والمنطق لأنه يعبر عن سياسة صبيانية يُنفذها الجميع دول مستبدة، ومجموعات متطرفة، ويلحق بهم أصحاب الدكاكين السياسية الذين شوهوا صورة السياسي والمثقف وصاحب المبدأ والرسالة، فقد أدركت الجماهير أنهم مرتزقة وأجندة لجهات مختلفة، فالجماهير تنتظر قيادة سياسية حرة صاحبة مبدأ ورسالة وقضية تقودهم في معركة الحرية والاستقلال.

إن التيار الوحيد الذي كسب ثقة الجماهير هو التيار الإسلامي، والدليل على ذلك فوز حماس في فلسطين، وفوز الإخوان في مصر، وفوز حزب  النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، والجبهة الإسلامية في الجزائر، وفي أي بلد تجرى فيها انتخابات حرّة سيفوز التيار الإسلامي بكل تأكيد.

ولكن ماذا كانت النتيجة؟ لقد تدخّل الغرب عن طريق عملائه من العسكر والسماسرة فانقلبوا على الشرعية بقوّة الدبابة والسلاح.

تقول كاثرين آشتون ممثلة الاتحاد الأوربي: لو استمر الإخوان في السلطة المصرية فهذا يعني نجاح الثورة السورية والليبية واليمنية وهذا ينعكس سلبا على أوروبا وأمريكا وروسيا...

ويقول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن:

إن تركنا الإسلاميين يسيطرون على دولة واحدة فإنها ستحشد الملايين من المسلمين إليها مما سيترتب عليه الإطاحة بأنظمة الحكم التابعة لنا وإقامة إمبراطورية أسلامية من حدود إسبانيا غربا إلى أندونبسيا شرقا.

هذا هو موقف الغرب الحقيقي من التيار الإسلامي!!!

نحن نتحدى الغرب وعملاءه في المنطقة أن يُجروا انتخابات حرّة نزيهة

في المنطقة، فلا تصدقوا شعارات الغرب عن حقوق الإنسان والديمقراطية... فهي شعارات مزيفة لا تمتُّ إلى سياساتهم بصلةٍ.

وهذا هو السبب الرئيس لتشويه صورة التيار الإسلامي، لأنه يقف في وجه المشروع الغربي بكل أشكاله وألوانه...

وما هذه الأنظمة القمعية المستبدة إلا صورة مشوهة ضئيلة عن الاستعمار الغربي الذي يمارس الإرهاب ضدّ حرية الشعوب في هذه المنطقة، فالأنظمة القمعية  أدوات مأجورة يستخدمها الغرب ضدّ إرادة الشعوب كلما تطلّب الأمر...

سئل هتلر: من أحقر الناس الذين عرفتهم في حياتك قال: الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم.

وأقول: سحقا لمن باع وطنه واستقلاله مقابل زعامة فارغة أومال حرام...

وسوم: العدد 873