مدمرو الاقتصاد السوري وناهبو ثرواته(2-2)

clip_image002_63113.jpg

إيران وروسيا وجوه جديدة للفساد في سورية

إن الاقتصاد السوري الذي خنقته العقوبات الغربية، يتعرض للنهب في الوقت نفسه من قبل رعاة النظام، ودول التحالفات الإقليمية، اللذان استثمرا بكثافة في الأعمال الحربية ويريدون الآن حصتهم من الكعكة. ويستغل كلا البلدين (روسيا وإيران) القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل النفط والغاز والفوسفات والمطارات والموانئ.

وقد أشار مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إلى أن: "المواجهة الحالية بين الروس والإيرانيين وليس بين الأسد ومخلوف"، خزائن الدولة فارغة، تقدر تكلفة إعادة الإعمار بعدة مئات من مليارات الدولارات، لذا فإن النظام سيحصل على المال من جيوب السوريين". 

فقبل عام 2011، كان سامر فوز يرأس شركة أسمنت صغيرة موروثة من والده، لكنه يطمح إلى إمبراطورية. واليوم، يسيطر على قطاعات التلفزيون وإدارة الفنادق والمستحضرات الصيدلانية وتجميع السيارات وتوزيعها والعقارات، والاستيراد والتجارة في الحبوب ومواد البناء، كما أنه لعب دورا مهما في الوساطة، لا سيما في شراء وبيع القمح، كما تتهمه المعارضة بأنه عميل لدولة أجنبية.

الأسد يلتف على العقوبات الاقتصادية الدولية بإنشاء شركات وهمية

بعد كشف وثائق "بنما" لجأ الأسد إلى شركات وهمية للالتفاف على العقوبات الدولية، حصلت "العربي الجديد" على السجل التجاري لشركات "الأوف شور" أو الملاذات الآمنة، التي تعمل ضمن مجموعة وائل عبد الكريم أحد أذرع النظام الاقتصادية.

وصُممت هذه الشركات بحيث لا تُكشف أسماء أصحابها لغايات قد يُستفاد منها للتهرب الضريبي أو التهرب من المسؤولية. وتم كشف ثلاثة عشر اسماً من السوريين واللبنانيين المساهمين ومفوضي التوقيع في الشركة، على رأسهم اثنان من أبناء رجل الأعمال السوري المفروض عليهم عقوبات أميركية وأوروبية، ومنهم محمد حمشو، حيث ظهرت أسماء ابنيه (أحمد صابر) و(عمرو) في سجلات هذه الشركة، كما يساهم معهما في الشركة أبناء رجل الأعمال اللبناني ذي الأصل السوري محمد هاشم الصوفي. وللمفارقة، فإن الصوفي قد أسس جمعية أهلية عام 2006 في لبنان، تُعنى بالترويج لـ"محاربة الفساد".

تناقضات في مواقف الدول الأوروبية بشأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة

ويعد محمد حمشو أحد رجال الأسد، وينتمي للدائرة الاقتصادية الضيقة لبشار الأسد؛ وهو شريك رامي مخلوف، الذراع الاقتصادية للنظام السوري في شركة "شام القابضة"، وكانت العقوبات الأميركية والأوروبية قد طالته منذ منتصف عام 2011 ووصفته بأنه من الداعمين والمرتبطين بالأسد وشقيقه ماهر، غير أن محكمة الاستئناف الأوروبية برّأته ورفعت العقوبات عنه في تشرين الثاني من عام 2014 لعدم كفاية الأدلة. لكن وبعد أقل من أربعه أشهر على رفعها قدمت بريطانيا أدلة جديدة وأعاد الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات ضد حمشو. وكشف قرار العقوبات الجديد عن إمبراطورية حمشو المالية والاقتصادية التي تتضمن شركات اتصالات وتكنولوجيا وسياحة وعقارات. العلاقة بين الأسد وجمال عبد الكريم

ويمكن رسم خارطة العلاقات بوضوح بين نظام الأسد ومجموعة عبد الكريم عبر محمد حمشو الذي استخدم أبناءه واجهة، ليختفي خلفهم اتقاء لقرار العقوبات الغربية. ولكن مرة أخرى، هل استطاعت السلطات الأميركية كشف كل شركات ومساهمي مجموعة عبد الكريم نفسها، وخاصة في سجلات "الأوف شور" الخفية؟.

الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق من تسريبات وثائق أكبر شركة عالمية لتسجيل شركات "الأوف شور" وتدعى "موساك فونسيكا" عبر الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ وصحيفة SZ الألمانية (زود دويتشه تسايتونغ) من خلال شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)"، تكشف شركات ومالكين آخرين لم يرد ذكرهم في الوثائق التي حصلت عليها السلطات الأميركية أثناء تعقبها مجموعة عبد الكريم.

وساهمت هذه الشركة العالمية في عدم كشف مساهمين ومديرين لمجموعة الشركات التي تتبع له. وعلى رأس الهاربين من قائمة العقوبات مؤسس المجموعة ورئيس مجلس إدارتها، جمال عبد الكريم، وهو فلسطيني سوري يحمل جواز سفر سورياً وآخر أميركياً، وجواز سفر من جمهورية سانت كيتس الكاريبية التي تمنح مؤسسي شركات الأوف شور جوازات سفر".

 

جوازات سفر في خدمة أباطرة الفساد السوريين

وقد منحت هذه الجزيرة جواز السفر لجمال وولده وائل المعاقب أميركياً نظراً لاستثماراتهم في هذه الجزيرة. وبحسب الوثائق التي حصلت "العربي الجديد" عليها، يظهر اسم جمال عبد الكريم المولود في حيفا 1943 والمقيم في دمشق، إضافة لكونه المساهم الرئيسي في مجموعة عبد الكريم والمعروفة في سورية باسم "عبد الكريم للتجارة"، بحسب سجلاتها على موقع غرفة الصناعة في دمشق. وهو أيضاً مساهم رئيسي في شركة (مورغان) التي عاقبتها الولايات المتحدة الأميركية. لكن اسمه لم يظهر في العقوبات نظراً لاختفاء اسمه من سجلات الشركة المسجلة في جزيرة سيشل في المحيط الهندي والتي هي إحدى ملاذات "الأوف شور".

اسم جمال عبد الكريم ما يزال يظهر على موقع (الاتحاد العربي للصناعات الهندسية) كعضو لمجلس الإدارة. وكان أحد أعماله ضمن مجموعته "عبد الكريم للتجارة" حتى بداية الثورة السورية، هو عمله وكيلاً لشركة (فوكس) الألمانية لزيوت السيارات، وقد سُجل أيضاً رسمياً وفقاً لوثيقة حصل عليها معد التحقيق من سجلات وزارة الاقتصاد السورية وكيلاً لشركتين هما: BOLD ROCCHI SRL الإيطالية للمحركات، وشركة T.W. TECHNOLOGY CORP الأميركية للمعدات والآلات. ولم تردّ وزارة الخزانة الأميركية على أسئلة تم توجيهها لها حول نظام العقوبات المتعلق بهؤلاء الأشخاص. بينما علق مكتب إدارة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة بأنه يبذل كل الجهود "لمعاقبة مخالفي العقوبات ومنتهكيها سواء كانوا أفراداً أم شركات.

وثائق سجلات شركات مجموعة عبد الكريم تكشف المستور

ما تكشفه أيضاً وثائق سجلات شركات مجموعة عبد الكريم في "الأوف شور"، هو تعامل هذه المجموعة في حساباتها البنكية مع بنك (سورية الدولي الإسلامي)، وهو البنك الذي يساهم فيه إيهاب مخلوف شقيق رامي مخلوف. وإيهاب معاقب أوروبياً منذ عام 2011 كحال شقيقه رامي ووالده محمد مخلوف. وبالرغم من استقالته من مجلس إدارة البنك إثر العقوبات، إلاّ أنّه ما زال من كبار المساهمين فيه.

بنك (سورية الدولي الإسلامي) نفسه تعرض في عام 2012 للعقوبات الأميركية. واتهمه الاتحاد الأوروبي بأنه يعمل "كواجهة تسهل عمليات احتيال يمارسها (المصرف التجاري السوري) في الخارج للإفلات من العقوبات". والمصرف التجاري هو مصرف الحكومة السورية الأكبر والذي تُخترق من خلاله العقوبات المفروضة على النظام.

غير أن محكمة الاتحاد الأوروبي ألغت العقوبات المفروضة ضد بنك (سورية الدولي الإسلامي) في منتصف عام 2014 بعد دفاع البنك بأنّه لا يتعامل مع شركات تخترق العقوبات، في الوقت الذي كان فيه هذا البنك هو المعتمد منذ عام 2013 لشركة (بان غيتس) التابعة لمجموعة عبد الكريم، أي إبّان فترة عقوبة البنك وإبان دفاعه عن نفسه أمام المحكمة الأوروبية. وأدت العقوبات الغربية لتغييرات بين مساهمي ومديري الشركات المعاقبة. ويتضح في مثال من شركة (مورغان) أنّ من شملته العقوبات استقال من منصبه علناً ليترك المجال لوالده كما فعل وائل عبد الكريم، أو يترك المجال لشقيقه كما فعل أحمد برقاوي.

-المصادر-

*منظمة مع العدالة

*الشرق-27/4/2020

* أورينت نت - العربي الجديد-5/4/2016

وسوم: العدد 875