أسوأُ حساب لدى الساسة الجهلة ، هو :حساب الزمن ، وفعلِه بالناس ، وفعلِهم فيه !

عودة إلى حساب البدائل : بدائل القويّ تختلف ، عن بدائل الضعيف ، وبدائل الجائع، المشرف على الهلاك ، تختلف عن بدائل الشبعان المترف !

بدائل الأحمق : الذي يوازن ـ بين مايحلم به من أمانيّ ، تختلف عن بدائل العاقل ، الذي يحسب مافي الواقع ، من قوى ومصالح ، ومعادلات معقّدة ، ومآلات متوقّعة!

بدائل السياسي البسيط : الذي يريد إنقاذ شعب من الهلاك ، تختلف عن بدائل فرد ، يطلب الشهادة لنفسه ..  كما تختلف عن بدائل سياسي ، يملك قوّة كبيرة ، تؤهّله لصنع واقع  لشعبه ، أفضل ممّا هو عليه !

البديل الأقلً سوءاً للمخنوق : هو الذي يعطيه فرصة للتنفس ، والعاقل يوازن ، بين  البدائل الممكنة والمجدية ، ولا يصرّ على بديل بحجم أمانيه ، أوبحجم تضحياته ، فيزيد اختناقه ، واختناق من هو موكّل بأمره !

النبيّ محمد : قبِلَ ، في صلح الحديبية ، مالم يقبله الصحابة ، وعدّ ذلك نصراً ، في مآلاته ؛ إذ فُتحت له مجالات واسعة للدعوة !

خالد بن الوليد : عَدّ انسحابه من معركة مؤتة نصراً ،إذ هو أقلّ البدائل المتاحة سوءاً، لأنه حافظ  على جيش المسلمين ، من الاستئصال .. وأقرّه النبيّ ، على ذلك ؛ فسمّى رجال جيشه الكُرّار، بعد أن سمّاهم بعض المسلمين ، الفُرّار! وهم الرجال ، الذين حاربوا المرتدّين ، لاحقاً، وحفظوا دولة الإسلام من الانهيار، وفتحوا العالم !

مثال واقعي حيّ :كلّ حاكم جديد ، ولو كان فاسداً، يُطرَح بديلاً ، لحاكم فاسد موجود،  سيحتاج إلى الوقت :

 لاختيار رجال له ، يثق بهم ، ويطمئنّ إليهم ، يختلفون عن رجال الحاكم السابق.. ليعيّنهم في مؤسّسات الدولة ، التي تضمن بقاءه في السلطة ، كالمخابرات والجيش!

ولإظهار نفسه ، أمام الشعب ، أنه يريد الخير ، والتعديل ، والتبديل ، ومنح الناس حريّاتهم ، وإعطاءهم وعوداً برّاقة ؛ بأن عهده سيكون جنّة للشعب ، وبأنه يختلف، جذرياً ، عن الحكم الفاسد السابق المستبدّ ، الذي قام على النهب والسرقة والإجرام!

هذا ما ظهر ، من سيرة الحكّام ، الذين طرحوا أنفسهم ، بدائل عن سابقيهم ! وحين تمكّنوا ، أعادوا سيرة سابقيهم ، بصوَر، هي أبشع ، ممّا كان يفعله السابقون ! وبين الحاكم السابق ، الذي يلملم مشانقه ومحارقه ، للرحيل .. وبين اللاحق ، الذي يحتاج إلى زمن ، ليُعدّ مشانقه ومحارقه ؛ لقهر شعبه .. بين هذا وذاك ، زمن لابدّ منه للجميع ! والشعب المخنوق ، يرى فيه فرصة ذهبية ، لالتقاط الأنفاس ، ولإعمال العقول ، عبر الهوامش المتاحة ! ومَن عجزَ عن حساب الزمن ، وما يفعله بالناس، وما يفعل الناس فيه ، والهوامش التي يمكن للعقلاء ، استغلالها ،عَبره .. مَن عجز، عن حساب هذا ، كله ، فهو عن حساب غيره أعجَز! فلا يَتَوَلينّ أمرَ حيّ ، في مدينة؛ بَلهَ أمرَ شعبٍ ودولة !

وسوم: العدد 879