بأي حال عادت ذكرى نكسة 5 حزيران على الأمة العربية ؟

في كل عام تعود ذكرى نكسة الخامس من حزيران سنة 1967  المشئومة، وهي ذكرى جرح نازف لم يلتئم  منذ عقود . وعام بعد عام تزداد نفوس أحرار الأمة العربية ألما وشقاوة ومعاناة بحلول  شؤم هذه الذكرى  التي اكتشفت أمتنا حقيقة وواقع جيوشنا العربية أمام جيش العدو الصهيوني المحتل لأرض الإسراء والمعراج ، وقد زاد من صدمتها أن قادتها يومئذ كانوا يهددون بإلقاء هذا العدو في البحر ليكون طعاما للحيتان والأسماك، لكن المفاجأة كانت صادمة  ومؤلمة في نفس الوقت إذ لم تثبت جيوشنا أمام جيش كتب الله عز وجل عليه في محكم التنزيل ذلة إلا بحبل منه سبحانه وتعالى يكون كما قال المفسرون بذمة وجزية أو بحبل من الناس . ولم يكن فشل جيوشنا بسبب قلة شجاعة وإقدام وجسارة بل بسبب فشل قادة كان يتلقى منهم تعليماته ، وكانوا يصمون آذان  الشعوب العربية بشعارات  منفوخ فيها  جعلتها أيام خمسة  من النزال عبارة عن سراب بقيعة حسبته الأمة ماء حتى إذا جاءته لم تجده شيئا ، ووجدت عنده نكسة مريرة من أشد النكسات في تاريخها وكأنه لم تكن فيه صفحات مشرقةبالأمجاد .

عادت الذكرى المشئومة بأشأم منها والأمة العربية منشغلة مع باقي شعوب المعمور بأزمة جائحة كورونا أو لنقل  قد  شغلت هي خصيصا بها لمؤامرة خطيرة خبيثة  تحاك بأرض الإسراء والمعراج  عن طريق ما يسمى بصفقة القرن المشئومة التي تهدف في منتهى غايتها إلى طمس معالم الوطن الفلسطيني الذي هو القلب النابض للوطن العربي والإسلامي ، والذي لا عزة ولا كرامة للعرب والمسلمين إلا بخلاصه من الورم السرطاني الصهيوني الخبيث.

عادت الذكرى المشئومة والعدو الصهيوني يصرح بصلف أنه سيمحو الوطن الفلسطيني من خارطة العالم بضم ما يشاء مما بقي من أراضيه التي انتشرت عليها مستوطناته كالدّمل وقد قاحت ، والأمة العربية في أسوأ حال انقلبت ثورات ربيعها التي كانت تعلق عليها الآمال العريضة بفعل فاعلين لئام إلى حروب وصراعات طائفية وعرقية ومذهبية مزقتها كل ممزق ، ورجحت بذلك كفة قوة العدو الصهيوني، فصار يلوح بالقضاء  نهائيا على  الوطن الفلسطيني وقد هرول إلى التطبيع معه المهرولون المنبطحون ، وهم يعلمون علم اليقين أن أطماعه الخبيثة لا حدود لها ، وأن الدائرة عليهم دائرة لا محالة .

عادت النكسة المشئومة وحلم العدو الصهيوني لاحتلال ما بين فرات العراق ونيل مصر جار على قدم وساق ليكون بمثابة فكي كماشة لابتلاع الوطن العربي بقضه وقضيضه بعد إحكام القبضة على قلبه النابض ، ولا منذر ينذر بخطره الداهم أو منتبه ينتبه إليه ، وشعوب عربية  منشغلة عن شعب فلسطين الأسير والمصفد في أصفاد المحتل الصهيوني وقد ضرب عليه  أطول وأبشع حصار عرفه  التاريخ ، وقصارى ما يصدر عن هذه الشعوب  أسف لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأنظمتها مشغولة عن القضية الجوهر إما بالهرولة إلى التطبيع مع المحتل أو بالصراع فيما بينها إذ  يحاصر بعضها بعضا ، أويقاطع بعضها بعضا ، أويكيد لبعضها شر كيد.

عادت النكسة المشئومة والشعوب العربية والإسلامية مشغولة بجائحة كورونا ومنشغلة عن جائحة الاحتلال الصهيوني المقيت ، فقد يوجد علاج للفيروس المتوج الخبيث ، ولكن لا علاج للفيروس الصهيوني وهو أشد خبثا وفتكا لأنه يستهدف مناعة الأمة في الصميم .

عادت النكسة المشئومة و غليان الشعب الأمريكي يعم مدنه غضبا بسبب مقتل مواطن أسود بينما الشعوب العربية تغط في سبات عميق وفلسطين تخنق تحت ركبة صفقة القرن  كما خنق المواطن الأسود  تحت ر كبة الشرطي العنصري ، وتصرخ وتستغيث  كما صرخ إنني لا أستطيع التنفس ، إنني سأموت، ولا من يجيب أو يغيث .  إنها حقا أكبر مأساة في الوطن العربي لم يشهد مثلها ، فهل ستعود الحياة من جديد إلى حس عربي مفقود منذ عقود ؟ نأمل ذلك ونرجوه من الله عز وجل طالما بقي نبض في هذا الوطن يبشر ببشائر حياة أو بعث يزهران من جديد، وما ذلك على الله عز وجل بعزيز .

وسوم: العدد 880