دموع الأرض

كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتسع لأبوين يبحثان عن ابنهما المفقود، فكيف سمحنا لجزار تدمر وحماة وحلب وجسر الشغور وسرمدا أن يسن في هذا اليوم قانوناً يحرم فيه الاف الآباء والأبناء من قرة عيونهم. كيف تابعنا هذه المجزرة المستمرة ، كيف نسينا الآباء والأبناء والخلان والأصدقاء. كيف سمحنا للعالم أن يغدر بنا. كيف انهمكنا في حياة بعيدة عن التضامن الحقيقي مع الضحايا ،  لماذا لم نتذكرهم إلا لماماً ، هل استطعنا أن نساعد في توثيق أسمائهم ، هل روينا ما حصل من تفصيلات المجازر ، هل كفل أحدنا أسرة شهيد التعذيب والاختفاء ،

مرة اتصلت بي أم مفقود على الهاتف ،  رأيت دموعها تترقق على سماعة الهاتف، أحسست بحرقة أنفاسها تنتقل لتذيب حرارتها أذني ... حاولت التخفيف عنها لكن عبثاً فعلت ، كانت تريد أن أطمئنها أن حبيب قلبها له أثر ، كانت تريد مني أن أقول لها إنه حي ، بل شهيد لكنني أعرف مكان دفنه ، تريد أن تستلم هويته وبقايا ثيابه وتضمها إلى صدرها وتشم رائحة حبيبها... هل شعر أحدنا بأخيه فعمل عملاً إيجابيا من أجله ، ألم يخطر ببال أحدنا أننا كنا معرضين لنكون في عداد المفقودين الشهداء ؟

الحياة عطاء وأخذ ومن لا يعطي لا يستحق أن يأخذ ، سجل كل واحد منا يسطره بأعماله لا بأقواله ، فالطبول التي تصدر أعلى الأصوات فارغة

 

وسوم: العدد 885